خَلَتْ ديار الهوى...!
خلتْ ديار الهوى والحبُ مفقود | ||
عودوا إلى الدارِ يا غُيَّابنا عودوا | ||
مرّتْ ليالي الصبا كالريح مسرعةً | ||
مضتْ وطيفُ الصبا بالعين موجود | ||
في كل مفترقٍ من نشرهِ عبقٌ | ||
وفي المشارفِ من نجواه تغريد | ||
لن تقفرَ الدار من إشراق بسمته | ||
فالقلبُ مستأنس للنور مشدود | ||
يا ريِّقَ العمرِ كم دنياكَ زاهيةٌ | ||
غطَّتْ نضارتها أيامنا السود | ||
لو يدركُ الدهرُ ما صغناه من ألقٍ؟ | ||
لما شكا من غرورِ الدهرِ مفؤود | ||
ونستجير فلا الذكرى بِنَافِعَةٍ | ||
ولا الهروبُ من الأيام محمود | ||
يسومنا بالعذاب المرّ يجرحنا | ||
والقلبُ من لوعة الهجرانِ مَعمودُ | ||
تنامُ أعيننا شوقاً إلى حلمٍ | ||
وقد تُفيقُ وبابُ الحلم موصودُ | ||
نشكو حياةً على الأوجاعِ قائمةً | ||
ونَستَغِيثُ فقلبُ الدهرِ جلمودُ | ||
يا ريِّق العمر هاتِ الكأسَ مُتّرعةً | ||
ضجَّ الندامى، وتاه الفتيةُ الصيدُ | ||
تطاولَ الليل وامتدتْ ذوائِبهُ | ||
ورابنا في الهوى هَمٌّ وتسهيدُ | ||
نهيمُ شوقاً إلى الذكرى فيؤلمنا | ||
من ذكريات الأسى والعشق ترديدُ | ||
هذي البقايا من اللذاتِ ما غَرُبَتْ | ||
فكلُّ يوم لنا من صَفْوِهَا عيد | ||
فلمْ تعدْ فاتناتُ الحيِّ تسكرنا | ||
ولا الطِلى صَبَّها في الكأس عنقود | ||
ما عاش قَلْبٌ بلا جَمرٍ يحرِقُهُ | ||
فاسقِ العطاشِ نَدَى كَيْ يزهرَ العود | ||
تنبّهت في دمي النشوى وأرّقني | ||
خيطٌ من الذكرياتِ الخضرِ ممدود | ||
أين الشبابُ؟ وقد شالتْ رواحلهُ | ||
فهَل يرُّد شباب العُمْرِ تنهيدُ؟ | ||
إنّا كبُرْنَا وماضي العُمرِ يأسرنا | ||
وما لعمر الفتى في الكونِ تخليدُ | ||
يا حبُ هَب لي جناحاً أستظلُ به | ||
فكمْ غفوتُ وصحتني الأغاريد؟ | ||
غيدٌ ترش عطور الدفء حانيةً | ||
فيعشقُ القلبُ ما جادتْ به الغيدُ | ||
وكم يُتَيِّمُهُ شَوْقٌ لمَن نَزَحوا؟ | ||
كأنهُ في جحيم الهجرِ مرصودُ< | ||
فينتشي مُتْعَباً يشكو توجُّعَهُ | ||
وطيفهُ في رمادِ الجمرِ موؤد | ||
يا ريِّقَ العمرِ هل يرتاح مُغْتَرِبٌ؟ | ||
أو عاشِقٌ في لهيب النار ملحود؟ | ||
أيُنكرُ الدهرُ أنّا نحنُ كرمتُهُ؟ | ||
منا تجَلَّى السنا والعطرُ والجود | ||
نَحنُ الذينَ حَفِظنَا الحبَ فاتحةً | ||
وفي سمانا لواءُ الحبِ معقودُ | ||
لولا التعَلُّل في الدنيا وزينتها؟ | ||
لما تغنّى بشعرِ الحبِ غِرِّيدُ |