لقاء في دوامة الشك...!
وَقَفتُ يأسُرُ جفني سحرُها النَضِرُ | ||
سحرٌ تجَلّت به الأخلاق والغِيرُ | ||
وَغصْتُ بين الرؤى والشكِ أسألها | ||
أين التي أخلفتْ بالوعدِ تعتذرُ؟ | ||
تشاغَلَتْ يا ترى؟ أم أنها نسيت؟ | ||
قلباً تهدهدهُ الآهاتُ والذِّكر | ||
وحرتُ في وقفتي والليلُ منسدلُ | ||
حولي كأنَّ بهاءَ الكونِ ينحسر | ||
تَغَلْغَلَتْ في عروقي الريحُ ساريةً | ||
وصرتُ أحبسُ أنفاسي وأنتظر | ||
وأطردُ الشكَّ من فكري فيدفعني | ||
إلى الغناءِ فتجلو حُزنِيَ الصور | ||
لمحتُ صورَتها في ألف نرجسةٍ | ||
وكل واحدةٍ بالحسنِ تأتزرُ | ||
وشقَّ صَمْتَ المسا وجهٌ رأيتُ بهِ | ||
نورَ الثريا من الآفاقِ ينحدرُ | ||
وأقبلت مثل من ترمي بمشيتها | ||
أحزانَ قلبٍ كواهُ الصبرُ والسهرُ | ||
أخذتها بين أحضاني مُعَانِقةً | ||
طالَ الوقوفُ وهانَ الخوفُ والحذر | ||
وكم تمنَيِّت لو كَفِّي فرشتُ لها | ||
تغفو لماماً فيندى الفلُّ والزهرُ | ||
لمحتُ من هدبِ عينيها دموعَ هوىً | ||
وكادَ يبكي علينا العشبُ والحجر | ||
يا شعرها اللامع المضفور يسحرني | ||
لما الريّاحُ تناغيه فينتشر | ||
فيغمر الوجهَ تَيَّاهاً بنضرتهِ | ||
وجيدها في لفيف الشعر يستتر | ||
مَالتْ على كتفي نشوى مُدَلَّهَةً | ||
وفي الشفاهِ لهيبُ الشوقِ يستعرُ | ||
هامتْ تُقَبِلُني في لَهفةٍ وسَرتْ | ||
أنفاسها في أديم الوجهِ تنتشر | ||
ضَمَمْتُها بين أحضاني وقلتُ لها | ||
غيبي بجفني فأنتِ الروحُ والعُمُر | ||
وليس يبعدنا عن بعضنا قدرٌ | ||
فالحبُ في شرعةِ الدنيا هو القدر | ||
وأقفلت نحو بابِ الدارِ عائدةً | ||
خوفَ الرقيبِ وخوفَ الناسِ إن عبروا | ||
غامتْ بعينيَّ أمواجُ السنا وبدتْ | ||
دنيايَ سوداء لا نورٌ ولا قمر | ||
ورحتُ أخطو إلى باب الهوى كلفاً | ||
ما همني الناسُ لو في أمرنا شعروا | ||
وقفتُ وحدي ببابِ الدارِ مُلتهفاً | ||
وكمْ دُهِشتُ فلا ظلٌّ ولا أثر | ||
حملتُ كلَّ جراحي وهيَ دامية | ||
غاب الضياءُ وضجَّ الطيرُ والشجر | ||
وعدتُ مثل غريبٍ راعه طللٌ | ||
يبكي هواهُ ودمعُ العينِ ينهمر |