سجين العشق..!!
غرثى "سليمةُ" والزمانُ يخونُها | ||
لو تّظلمُ الدنيا؟ تُضيئُ عيونُها | ||
أبداً ترافقها الشموسُ منيرةً | ||
ومن الليالي الحالكاتِ تصونها | ||
تتسامقُ الأشجارُ في واحاتها | ||
وتحنُّ للماضي العريقِ غصونُها | ||
وإذا استُثيرتْ في كوامن عشقها | ||
هبّتْ عواصفها وجنَّ جنونها | ||
فتجابهُ الأيامَ صامدةً وكمْ | ||
تهوي القلاعُ وتستديمُ حصونها؟ | ||
وتصارعُ الدهرَ الرهيبَ حَرونةً | ||
ويُفتّتُ الصخرَ الأصمَّ يمينها | ||
صكّتْ إلى التاريخ غفرانَ الهدى | ||
هيا اسألوا التاريخ فهو أمينها | ||
رَفَعتْ لواءَ الخالدينَ وما انْحَنَتْ | ||
يوماً وكم روّى الترابَ معينها | ||
حملت فأنجبتِ المفاخرَ حُرّةً | ||
ولربَّ يوم يستفيق جنينها؟ | ||
تمشي إلى العلياءِ طالَ بها السرى | ||
لكأنَ متنَ الغادياتِ سفينُها | ||
حوتِ المعالي، والخلائقَ والندى | ||
وَلَدتْ كرامَ النسلِ تِلْكَ بطونها | ||
وحنت على جفن الغمام فأمطرتْ | ||
حِمماً ووهج البارقاتِ يزينها | ||
رَكَزَتْ على هامِ النجومِ مشاعلاً | ||
رسختْ عُلاً هي للنجومِ خدينها | ||
"أسليمةٌ" والمجدُ من أركانها | ||
أيّانَ حطَّ المجدُ فهو قرينها | ||
خَلَدَتْ إلى الإيمانِ وهي تقيةٌ | ||
ولَكمْ أهابَ الجاحدينَ يقينها؟ | ||
تمضي وتدفعها الرغابُ إلى العلا | ||
فترودُ ظهرَ السَّافياتِ ظعونُها | ||
جادتْ بما تُعطي وتلكَ شكيمة | ||
جُبلَتْ على حب الوفاءِ بنونها | ||
فَقَدَتْ شباباً تستظلُ بفيئهمْ | ||
ويُعلّها عندَ الرقادِ حنينها | ||
تحنو على ذكرِ الرفاقِ شجيّةً | ||
تبكي الهضابُ وكم تحنُّ حزونها؟ | ||
وتُشيرُ نحو الراحلينَ فخورةً | ||
ويظلُّ وضَّاحَ السماتِ جبينها | ||
وشْتْ مراودُها الجفونَ أصالةً | ||
فتكحلتْ بدمِ الوفاءِ جفونها | ||
تبقى على شفة الوجودِ عروسةً | ||
ويحيَّر الدَّهرَ الخؤونَ فتونها | ||
هَذي شمائلُها ومن شيمِ الألى | ||
تلكَ الشمائلُ جَوهَرٌ مكنونها | ||
"أعروسةَ الصحراءِ" وجهكِ ناضرٌ | ||
دُرَرٌ هي الدنيا وأنتِ ثمينها | ||
ولأنتِ أمُ الشعرِ ميدانُ الحجى | ||
ولأنتِ للآسادِ أنتِ عرينها | ||
قد جئتُ أنشد في هواك قصيدتي | ||
فيتوّجُ السمعَ الرهيفَ رنينها | ||
ما راعني إلا فراقُكِ والمنى | ||
تخبو ويعلو في الهجوع أنينها | ||
أهديك باصرتي وديعة عاشقٍ | ||
من ذا سواكِ على الظلامِ يُعينها؟ | ||
أبداً "سليمةُ" كالربيعِ وريفةٌ | ||
لو غابَ تزهرُ كالربيعِ عيونها | ||
هي في دمي لو جفَّ نبعُ حنانها | ||
وأنا على مَرِ السنينِ سجينُها |