حنين الوداع..!!
إلى شقيقتي التي رحلت دون وداع
أأبكي عذابي والعذابُ يطولُ؟ | ||
وقلبي إلى مغنى الحبيبِ رسولُ | ||
وكيف أغني والزمانُ يصدّني؟ | ||
وفي كلِ يومِ لهفةٌ وعويلُ | ||
فَقَدْتُ أحبّائي وروحي تمرّستْ | ||
بآفاتِ دهرٍ قَيْدُهُنَّ ثقيل | ||
ألوبُ على الأحبابِ أشكو فراقهمْ | ||
ويُضني فؤادي في الحياة رحيلُ | ||
تراني أظلُّ العمرَ أشردُ تائهاً | ||
وقلبي على جمرِ اللهيبِ عليلُ | ||
أيا دهرُ فيمَ اليوم أنتَ فجعتني؟ | ||
فغارتْ بجسمي أسهمٌ ونصولُ | ||
طعنتَ فؤادي في سِهامكَ عامداً | ||
فماذا إذا جنَّ الحنين أقول؟ | ||
فرشتَ بأعماقي جحيماً من الأسى | ||
تفرَّعَ في صدري فكيفَ يزول؟ | ||
تعيشُ بفكري ألفُ ألفُ فضيلةٍ | ||
ويدفعني للنائباتِ فضول | ||
أيا ليلُ أنتَ المرتجى كيف أنطوي؟ | ||
وحزني لِفَقْدِ الراحلين طويل | ||
وهمّي غيومٌ بالسواد تلفّعتْ | ||
ألا إن هَمَّ الملهمينَ ثقيلُ | ||
تودعني في كل يومٍ أحبةٌ | ||
ولم يبقَ لي رغم الوفاء خليلُ | ||
فهذا زماني قصةٌ ليسَ تنتهي | ||
وقلبي كدفق المعمياتِ جهولُ | ||
وتبكي لحزني النائحاتُ توجداً | ||
وخَطبي على مَرِّ الزمانِ جليل | ||
أَمُرُّ أيا "هيفاء" والقبرُ واجمٌ | ||
ودمعي كحزنِ الغاربات يسيلُ | ||
وتسجع أطيارُ الحمامِ حزينةً | ||
يساجلني في شجوهِنَّ هديل | ||
لماذا هجرتِ الأهلَ عتباً وغربةً | ||
أليسَ لهجرانِ الصحابِ بديل؟ | ||
سجوف الدجى أرخَتْ عليكِ ظلالها | ||
فأسفرَ وجهٌ، واستراحَ نزيلُ | ||
وضَرَّجَ وجه الأرضِ حُسْنٌ مُنضّرٌ | ||
وأورقَ ما فوقَ القبورِ نخيلُ | ||
وسالت دموعُ الغيمِ فوقك حسرةً | ||
ألا إن دمعَ الصابرين بخيل | ||
عليك سلامُ اللّه يُمناً ورحمةً | ||
فنجمُ السهى لا يعتريه أفولُ | ||
وقفتُ وفي صدري من الحزنِ غصةٌ | ||
كأني غريبٌ والفؤادُ قتيل | ||
أجرجرُ نفسي قربَ قبركِ صامتاً | ||
وجسمي لمأساة الزمانِ نحيل | ||
فأنتِ ورغمَ القربِ عني بعيدةٌ | ||
وصرتِ شِهاباً ما إليه وصولُ | ||
أباركُ في مثواكِ كلَّ خميلةٍ | ||
تميلُ مع الأرياح حيث تميل | ||
تركتِ لنا الأبناءَ إرثاً مُحَبّباً | ||
على كلِّ وجهٍ بالسّماتِ دليلُ | ||
إذا طلَّ فرعٌ نستظلُّ بفيئهِ | ||
وأحسنُ ما ضمَّ الفروعَ أصولُ | ||
فهيّا ادخلي جنّاتِ ربك حُرّةً | ||
فأنتِ بجنّاتِ النعيم بتول | ||
ومهما حييتُ العمرَ أنتِ بناظري | ||
ضياءٌ وجرحٌ بالصميم بليل | ||
تظلّينَ في عَيْنَيَّ أجملَ نجمةٍ | ||
وهَبتُ لها عُمري وَذَاكَ قليلُ |