صباح الخير يا قنيطرة..!!
وشوشتني مع الصباح الطيورُ | ||
أين تمضي؟ فقلتُ جئتُ أزورُ | ||
لي هنا ألف وقفةٍ ألفُ ذكرى | ||
غيرَ أني على الفراقِ صبور | ||
كم حَبَتْني نسائمُ الفجرِ سحراً؟ | ||
واحتواني رفيفها والعطور | ||
وتَلَفَّتْ فالخمائلُ جذلى | ||
ورياضٌ مليكها المنثور | ||
وسهولٌ يموجُ فيها اخضرارٌ | ||
والربا حولها تغنى الطيور | ||
لكأَّنَ النجومَ حطّتْ على الأرض | ||
اشتياقاً فعانقتها الزهور | ||
روضةٌ عَرَّشَ الربيع عليها | ||
والنسيمُ العليلُ فيها سفير | ||
وغصونٌ تميلُ وهي روانٍ | ||
راقصاتِ الرؤى تكاد تطير | ||
يا مغاني "الجولان" أين الليالي؟ | ||
أين عهدُ الصبا؟ وأينَ الحبور؟ | ||
ها هنا منبتُ البطولاتِ سَلْها | ||
عن سجايا الألى تُجبْكُ العصور | ||
أيّ ليلٍ على المشارف داجٍ؟ | ||
يؤثر الصمتَ بيتُكِ المهجورُ | ||
قد تمادى الدخيل في الأرض ظُلْماً | ||
أفنرضى؟ وفي الصدورِ سعير | ||
سَكَنَ القهرُ في شِفاهِ الصّبايا | ||
هل يُغَنّي الحزينُ والمقهور؟ | ||
نَزَعَ الفتنةَ الجميلةَ طاغٍ | ||
حَاقِدٌ غَرَّهُ الجمال النضير | ||
فمضى يزرعُ الشعابَ شواظاً | ||
من لهيبٍ كأنه مسعور | ||
ضُرِبَتْ غُرَّةُ المآذنِ حقداً | ||
وأصابَ الكنائسَ التدمير | ||
كل بيتٍ يمهدكِ اليوم غافٍ | ||
أطلولٌ رسُومُه؟ أم قبور؟ | ||
كيف أمْسَتْ ربوعُكِ الخضر قفراً؟ | ||
لم يعدْ في الربوعِ إلا الصخور | ||
ألف بلوى على جفونكِ مَرَّتْ | ||
وليالٍ تعاقبتْ، وشهور | ||
وعلى ثغركِ الجفافُ تهاوى | ||
جَفّ مِنْهُ الندى، وغاضَ الغدير | ||
ينهشُ الذئبُ صَيْدَهُ عندما قَدْ | ||
يَغْفَلُ الراعي، أو يموتُ الضميرُ | ||
كم فقدنا من الشباب ضحايا؟ | ||
هُمْ إلى النصرِ سُلَّمٌ وجسور | ||
لا تلومي إذا عصتني القوافي | ||
ولساني يخونه التعبير | ||
لم يَعُدْ يا شآَمُ غيركِ سيفاً | ||
يلهبُ الساحَ سَيْفُكِ المشهور | ||
إن سَرَيْنَا لنا النجومُ ركابٌ | ||
مِدْرَجُ الغيمِ تَعْتَليهِ النسور | ||
فاحملي رايةَ العرويةِ شمساً | ||
وأنيري ولْيَنْطَو التزوير | ||
قَلعةُ المجدِ في الشآمِ عرينٌ | ||
يهربً الذئبُ إن تعالى الزئير | ||
ههنا القلبُ يا قنيطرةَ المجدِ | ||
مُقيمٌ وفي هواكِ أسير | ||
هَيِّئي الثوبَ للزفافِ قريباً | ||
إنَّ عهدَ الأحرارِ عّهْدٌ كبير | ||
إنَّ يومَ الرجوعِ لا شَكَ آتٍ | ||
بالدم الحر قد يُصانُ المصير |