" اللوح العاشر"
جنحتْ بك النجوى
إلى مرِّ البكاءِ..
توزّعتكَ شواطيءٌ
واستوطنتكَ زخارفُ الكلماتِ
يا وجهاً تضيعُ صفاتُهُ
عبثاً على دربٍ بلا هدفٍ.
وقد كانت فصولُ الأمسِ
في رؤياكَ مورقةً
تحمّلُ قادمَ الأيامِ
إيقاعاً جديداً.
ها أنتَ مبتدأُ النهايةِ
في جحيمِ الموتِ
مصلوبٌ على حطبٍ تجمعَّ.
فارتمتْ في النارِ قامتُكَ الظليلةُ
واستحالتْ في مجامِرها
قديدا.
ها أنت غرَّبكَ الغريبُ
عن الديار
وكنتَ قبل اليوم في أفاقِها
قمراً وليداً.
ها أنت غرّبَكَ الغريبُ،
وطاردتكَ ذئابُهُ
فوجدتَ نفسكَ
في مراجيح الصدى متصدّعاً
متهدّماً
متجرّداً من صحبةِ الأحبابِ
تغرز ناعباتُ الطيرِ
في دمك الشرودا.
ياما رستْ عيناكَ
في صدفِ العيونِ
ورحتَ تبحثُ في مرايا السائلينَ
عن الأنينِ
وعن لهاثِ البحرِ
والصحراءِ
والعظمِ الرميمِ.
فما تقولُ إذا رماكَ العشقُ
في محرابِهِ وعداً شهيداً..!؟
الصمتُ قاموسٌ
له لغةٌ مكبّلةٌ على شفتيكَ
والعجلاتُ دارتْ
ثم مرّتْ فوق وجهِكَ
والمدى غسقٌ
فقلْ لي من خلالِ الصمتِ،
هل من بقعةٍ بيضاءَ
أو خضراءَ
أو حمراءَ
تستهويكَ عبرَ دبيبِها الضوئيِّ...؟
قل لي:
كيف ينحسرُ الزمانُ
عن المكان...!؟
وكيف ينسجُ ذلك التنين
من جلدِ الخراف له برودا...!؟.
الصمتُ قاموسٌ على شفتيكَ
ثمةَ
دمعةٌ تحبو
وتحرقُ عند مجراها الخدودا.
ها أنتَ في أنواءِ رحلتكَ
الثريّةِ بالأسى
" جلجامشٌ"
دارتْ بك الأقدارُ
وانقلبتْ بكَ الأحوالُ
مات رفيقُ دربِكَ
تهتَ في مسراكَ
أو بلواكَ،
والأفعى وراءكَ
يستبيح لسانُها عشبَ الحياةِ
وأنتَ في يتمٍ
وفي سفرٍ
وفي ليلٍ من الأهوالِ
تفقدُ كلَّ شيءٍ..
تفقد الإبصارَ
والطرقاتِ
والأملِ المجنّحَ
والخلودا.
دمُكَ السبيلُ إلى الركوعِ
وشمسكَ أنطفأتْ بأيدينا
وصدرُكَ في سُباتِ الشرق
مقبرٌة
تَوسَّع قاعُها
وامتدَّ
فارتفعتْ على دمِنا البيارقُ
واستكانتْ في فضاءِ الروحِ
سودا
***
هذي معاولنا،
تُهيلُ على الأماني
التربَ
قرباناً " لآلهة الرضى"
وتجيءُ
ثم تروح أرتالُ البوارجِ
والسفائنُ
عند ناصيةِ النهارِ...
تروح تشحنُ ما تبقّى
من خلاياكَ الأسيرة،
والعيونُ بصيرةٌ
وقصائدُ الشعراءِ تعلنُ صمتَها
أو تطرقُ الأبوابَ شاديةً
وسائلةً.
سلاماً أيها الوطنُ
الذي احترقتْ مدامعُهُ
دهوراً
والذي عانى
وكم عانى،
أتدري أيها الوطنُ المعلّق
بالمشانقِ
كيف أصبحتِ الشرايينُ النضيرةُ
والغصونُ المورقاتُ
وزهرُها المنثورُ
للأيدي قيودا...!؟
***
أسرت بكَ الأحزانُ
عبر دجى القرونِ الماضياتِ
الآتياتِ
إلى مضاربِ أمةٍ
أَلِفَتْ خريفَ حياتها
دهراً مديدا
واستعذبتْ سحرَ الوصولِ
إلى ربيعِ الذلِّ عاريةً
ولاهيةً على وجعِ الثرى،
فمشتْ على حرماتها أمم
وعاثتْ في جوانبها
وعاثتْ
ثم عاثتْ
لا تُردُّ لها سهامٌ
أو يباتُ لها قرارٌ.
والعواصمُ..
أطبقتْ فمها العواصمُ
عندما نالت مفاتيح الأمان سلالةٌ
جعلتْ تضاريسَ البلادِ،
سهولَها وجبالَها
عرشاً وأوسمةً
وحطّتْ بين كفَيْها معادلةً
تهونُ رموزُها،
فهناك أغلالٌ وأنيابٌ
تمزّق في محافلِها النهودا
وهناك طاولةٌ ومائدةٌ
وشعبٌ قد طوى شفةً
على شفةً
يدوم لكي تكون رقابةُ
تحت النعالِ مباحةً
يحيا ،
كما يحيا صدى الموالِ
خلف هوامشِ الدنيا
ويحفرُ كلَّ يومٍ في مفازتِهِ
لأنفسِهِ المحارقَ واللحودا
هي حشرجاتُ الموتِ
تأتيه دراكاً،
طلقةٌ في الصدرِ تلهو
ثم تأتي طلقةٌ في الظهرِ
مبهمةً
ويمشي موكبُ الطلقاتِ
في وسط الجنازةِ
مُقْفَلَ القسماتِ
يحمل في اليد اليمنى عناوينَ الزنادِ
وفي اليدِ اليسرى
تعابيرَ الحزانى والورودا.
***
هذي فلسطين التي كتبتْ
على رملِ الصحارى
أو على زبدِ البحارِ نداءَها.
والليلُ مسكونٌ بصورتهِ
ومرهونٌ لارصفةٍ مهرّأةٍ
وسكينٍ مثلّمةٍ
وأوراقٍ ممزّقةٍ،
وريحُ الخوفِ تعبثُ في البقايا
ثم ترسمُ عند كلِّ هُنيهةٍ ..
في كلِّ منعطفٍ عماءً سرمدياً
أو وعيدا.
هذي فلسطينُ التي انطفأ اللهيبُ
أمامَ غربَتِها
وأصبحَ في مشاعرِنا جليدا
وتحوّلتْ في موطنِ الأسرارِ
أو في روضةِ السمّارِ حانوتاً
نبيعُ ونشتري فيه الدمَ العربيَّ
أسماءَ الأماكنِ
والملامحِ
والحدودا
***
للحلمِ زنبقةٌ بلا حوضٍ ولا ماءٍ
فكيف تعيشُ زنبقةٌ،
وهذا الحلمُ من دَرَكٍ
إلى دَرَكٍ
يسير محطّماً
ويهيم في غده طريدا
ونظلُّ نحن،
كما يشاء الآخرونَ
نسير...
نتبعُ ظلّ ذاك الحلمِ
في أعماقِ دائرةٍ
تدور بلا جهاتٍ
والجنونُ جحيمنا التالي
وفي الأرجاءِ متّسعٌ لأغنيةٍ
يرافقُ نَوْحَها كفنٌ
ووجدانٌ
وذاكرةٌ
ونكتب نارَها وشماً
وملحمةً
على ورقِ السقوطِ.
لقد تخلّى سيفُنا عنّا
تجرّدَ حلمُنا منا..
انطوى،
لم يبق في يدنا سلاحٌ
غيرَ أن نمشي على رأسٍ
موجهةٍ بحاسوبٍ
ونمحي من هويتنا الهويةَ
راكعين أمام " آلهةِ الرضى"
عرباً - يهودا
دمشق - القصير
1995-1996
جنحتْ بك النجوى
إلى مرِّ البكاءِ..
توزّعتكَ شواطيءٌ
واستوطنتكَ زخارفُ الكلماتِ
يا وجهاً تضيعُ صفاتُهُ
عبثاً على دربٍ بلا هدفٍ.
وقد كانت فصولُ الأمسِ
في رؤياكَ مورقةً
تحمّلُ قادمَ الأيامِ
إيقاعاً جديداً.
ها أنتَ مبتدأُ النهايةِ
في جحيمِ الموتِ
مصلوبٌ على حطبٍ تجمعَّ.
فارتمتْ في النارِ قامتُكَ الظليلةُ
واستحالتْ في مجامِرها
قديدا.
ها أنت غرَّبكَ الغريبُ
عن الديار
وكنتَ قبل اليوم في أفاقِها
قمراً وليداً.
ها أنت غرّبَكَ الغريبُ،
وطاردتكَ ذئابُهُ
فوجدتَ نفسكَ
في مراجيح الصدى متصدّعاً
متهدّماً
متجرّداً من صحبةِ الأحبابِ
تغرز ناعباتُ الطيرِ
في دمك الشرودا.
ياما رستْ عيناكَ
في صدفِ العيونِ
ورحتَ تبحثُ في مرايا السائلينَ
عن الأنينِ
وعن لهاثِ البحرِ
والصحراءِ
والعظمِ الرميمِ.
فما تقولُ إذا رماكَ العشقُ
في محرابِهِ وعداً شهيداً..!؟
الصمتُ قاموسٌ
له لغةٌ مكبّلةٌ على شفتيكَ
والعجلاتُ دارتْ
ثم مرّتْ فوق وجهِكَ
والمدى غسقٌ
فقلْ لي من خلالِ الصمتِ،
هل من بقعةٍ بيضاءَ
أو خضراءَ
أو حمراءَ
تستهويكَ عبرَ دبيبِها الضوئيِّ...؟
قل لي:
كيف ينحسرُ الزمانُ
عن المكان...!؟
وكيف ينسجُ ذلك التنين
من جلدِ الخراف له برودا...!؟.
الصمتُ قاموسٌ على شفتيكَ
ثمةَ
دمعةٌ تحبو
وتحرقُ عند مجراها الخدودا.
ها أنتَ في أنواءِ رحلتكَ
الثريّةِ بالأسى
" جلجامشٌ"
دارتْ بك الأقدارُ
وانقلبتْ بكَ الأحوالُ
مات رفيقُ دربِكَ
تهتَ في مسراكَ
أو بلواكَ،
والأفعى وراءكَ
يستبيح لسانُها عشبَ الحياةِ
وأنتَ في يتمٍ
وفي سفرٍ
وفي ليلٍ من الأهوالِ
تفقدُ كلَّ شيءٍ..
تفقد الإبصارَ
والطرقاتِ
والأملِ المجنّحَ
والخلودا.
دمُكَ السبيلُ إلى الركوعِ
وشمسكَ أنطفأتْ بأيدينا
وصدرُكَ في سُباتِ الشرق
مقبرٌة
تَوسَّع قاعُها
وامتدَّ
فارتفعتْ على دمِنا البيارقُ
واستكانتْ في فضاءِ الروحِ
سودا
***
هذي معاولنا،
تُهيلُ على الأماني
التربَ
قرباناً " لآلهة الرضى"
وتجيءُ
ثم تروح أرتالُ البوارجِ
والسفائنُ
عند ناصيةِ النهارِ...
تروح تشحنُ ما تبقّى
من خلاياكَ الأسيرة،
والعيونُ بصيرةٌ
وقصائدُ الشعراءِ تعلنُ صمتَها
أو تطرقُ الأبوابَ شاديةً
وسائلةً.
سلاماً أيها الوطنُ
الذي احترقتْ مدامعُهُ
دهوراً
والذي عانى
وكم عانى،
أتدري أيها الوطنُ المعلّق
بالمشانقِ
كيف أصبحتِ الشرايينُ النضيرةُ
والغصونُ المورقاتُ
وزهرُها المنثورُ
للأيدي قيودا...!؟
***
أسرت بكَ الأحزانُ
عبر دجى القرونِ الماضياتِ
الآتياتِ
إلى مضاربِ أمةٍ
أَلِفَتْ خريفَ حياتها
دهراً مديدا
واستعذبتْ سحرَ الوصولِ
إلى ربيعِ الذلِّ عاريةً
ولاهيةً على وجعِ الثرى،
فمشتْ على حرماتها أمم
وعاثتْ في جوانبها
وعاثتْ
ثم عاثتْ
لا تُردُّ لها سهامٌ
أو يباتُ لها قرارٌ.
والعواصمُ..
أطبقتْ فمها العواصمُ
عندما نالت مفاتيح الأمان سلالةٌ
جعلتْ تضاريسَ البلادِ،
سهولَها وجبالَها
عرشاً وأوسمةً
وحطّتْ بين كفَيْها معادلةً
تهونُ رموزُها،
فهناك أغلالٌ وأنيابٌ
تمزّق في محافلِها النهودا
وهناك طاولةٌ ومائدةٌ
وشعبٌ قد طوى شفةً
على شفةً
يدوم لكي تكون رقابةُ
تحت النعالِ مباحةً
يحيا ،
كما يحيا صدى الموالِ
خلف هوامشِ الدنيا
ويحفرُ كلَّ يومٍ في مفازتِهِ
لأنفسِهِ المحارقَ واللحودا
هي حشرجاتُ الموتِ
تأتيه دراكاً،
طلقةٌ في الصدرِ تلهو
ثم تأتي طلقةٌ في الظهرِ
مبهمةً
ويمشي موكبُ الطلقاتِ
في وسط الجنازةِ
مُقْفَلَ القسماتِ
يحمل في اليد اليمنى عناوينَ الزنادِ
وفي اليدِ اليسرى
تعابيرَ الحزانى والورودا.
***
هذي فلسطين التي كتبتْ
على رملِ الصحارى
أو على زبدِ البحارِ نداءَها.
والليلُ مسكونٌ بصورتهِ
ومرهونٌ لارصفةٍ مهرّأةٍ
وسكينٍ مثلّمةٍ
وأوراقٍ ممزّقةٍ،
وريحُ الخوفِ تعبثُ في البقايا
ثم ترسمُ عند كلِّ هُنيهةٍ ..
في كلِّ منعطفٍ عماءً سرمدياً
أو وعيدا.
هذي فلسطينُ التي انطفأ اللهيبُ
أمامَ غربَتِها
وأصبحَ في مشاعرِنا جليدا
وتحوّلتْ في موطنِ الأسرارِ
أو في روضةِ السمّارِ حانوتاً
نبيعُ ونشتري فيه الدمَ العربيَّ
أسماءَ الأماكنِ
والملامحِ
والحدودا
***
للحلمِ زنبقةٌ بلا حوضٍ ولا ماءٍ
فكيف تعيشُ زنبقةٌ،
وهذا الحلمُ من دَرَكٍ
إلى دَرَكٍ
يسير محطّماً
ويهيم في غده طريدا
ونظلُّ نحن،
كما يشاء الآخرونَ
نسير...
نتبعُ ظلّ ذاك الحلمِ
في أعماقِ دائرةٍ
تدور بلا جهاتٍ
والجنونُ جحيمنا التالي
وفي الأرجاءِ متّسعٌ لأغنيةٍ
يرافقُ نَوْحَها كفنٌ
ووجدانٌ
وذاكرةٌ
ونكتب نارَها وشماً
وملحمةً
على ورقِ السقوطِ.
لقد تخلّى سيفُنا عنّا
تجرّدَ حلمُنا منا..
انطوى،
لم يبق في يدنا سلاحٌ
غيرَ أن نمشي على رأسٍ
موجهةٍ بحاسوبٍ
ونمحي من هويتنا الهويةَ
راكعين أمام " آلهةِ الرضى"
عرباً - يهودا
دمشق - القصير
1995-1996