عـــــروس القــــرى...
تمضي الطفولة في صقيع العمرِ
دورتها تفرّ من الحياةِ
تذكّر الدمعَ الحرونَ
بأن يهلّ على الخدودِ
وأنّ من سبقوا
مضوا في الريح نحو نجومهم
تركوا على الأرض الحكايات الجميلة
كان «سلاّم» الحزين إلى النهاية
يرتدي أملاً.. بلاداً...
يحمل الحارات والطرقات والأطفال
فوق زنوده السمراء
مبتسماً لما يأتيه من ضحكٍ
ليدخل أوسع الأبواب نحو الربّْ
ومن الجهات جميعها يأتي
إلى ملكوتنا الأرضيّ...
يصرخ في المدى رجلٌ
تقمّر تحت عين الشمسِ..
يأتي من دمشق إلى القرى:
«حلّي سنونك يا ولد»
والقمح نبدلهُ مقايضةً بطائرةٍ
من الورقِ الملوّنِ
أو بسنّ من ذهبْ
ونردّ نحو الشام خيلاً من قصبْ
ونشدّ أحلاماً ونسرجها
ونكبر فوق ظهر الخيلِ
عاماً بعد عام
ونعود لمّا الليل يغشىَ الكون
حتى لا يعكّرنا أحدْ
.....
كان المدى بكر
وشرق الأرض«دولاب الهوا»
وقطارْ...
وشروق شمسٍ كان يعقبه
مجالس للسجال المرّ
ما بين الكبارْ...
وغروب شمسٍ كان يعقبه
جحافل من كوابيس
تخلف ما تشاء من العُقدْ
لا الحلم يطحن ما تناثر في النفوسِ
وما اتحّدْ
ليعيد للأشياء بعضاً من برءاتها
لا الوقت يطفىء بعض حقدٍ
في مرارتها اتّقدْ
ليردّ نهر الحبّ من فوضاه
نحو ضفافه الأولى
هدرت طفولتي الحيرىَ
ابتهاجاً بالصبا الآتي
على فرسٍ جموحٍ
نحو فاتنتي التي غابت
لتعصر في الكروم نبيذها
وتعيش في الذكرى
وتحصي ما تهاوى من نجومٍ
لا لتنسى....
بل لينساها القدرْ
فخرجت من صمتي لأدخل ظلّها...
لأرى طيور الله فوق جبينها
وأرى عذاب الأنبياءِ
بحزنها الأزليِّ
وكنت أعمى حين لم أبصرْ
قناديل المساء تعلقت مثلي بهذا الليل
كي يأتي إليها
حاملاً ما في الفضاء من الشموسِ