سيناريو لأشياء مختلفة
ما الذي يمتلكُ الأنثى التي ضاعفتِ البذرةَ؟
من يكتشفُ الماءَ الذي تخلو بهِ،
ثمّ تربي جسداً أولَ بالخبزِ وبالملحِ،
فينمو بين كفيها.. يؤاخي بين ينبوعٍ ونهرِ!
وإذا ما نبّهتْ أعضاءهُ تحلو، وتلهو... ثم تجري
مهرةً من زخرفٍ يرقبها صمتي وفقري..
وأنا بذرتها أم سرُّها تعلنهُ، والأرضُ سري!
ما الذي يمتلكُ الأنثى التي تبتكرُ التاريخَ من عصرٍ لعصرِ!
2- نثر للصمت
ضاقَ بالعشقِ وبالعاشقِ وقتٌ وعبارهْ!
قبةٌ للشِّعرِ أم للنثرِ؟
للجسمِ الذي يلغي حضورهْ
أم لنصٍ شكلتهُ لغةٌ صادقةٌ أو مُستعارهْ!
كان معنى يهتدي بالصمتِ،
والعالمُ يغلي بالذكورهْ!
فبمن تحتفلُ الرؤيا، وتتلوها بشارهْ؟
أيُّ صمتٍ يؤذنُ الآنَ ببدءٍ عربيٍّ،
ومن الصمتِ إشارهْ!
3- عري أول
هل أنا العاشقُ حقاً، وهي كانتْ عاشقهْ!
وأنا البيتُ الذي تحفظهُ أو عتبهْ
أم أنا الجسمُ الذي تضمرهُ في روحها المضطربهْ!
ما الذي أحرثهُ فيها، وهل أحرثها حقاً؟
وفي تربتها تبذرني
كشهابٍ أنجبتهُ صاعقهْ!
ربما ألبسها، تلبسني، أخلعها، تخلعني..
وأراها تتجلى وحدها محتجبهْ!
4- أول اللعب
كانَ صمتٌ واعتباط وارتباكٌ وقنوطٌ..
كانتِ البرهةُ عجزا..
ثم كانت برهةٌ من ذهبِ أو من جمانْ
يدخلُ العاشقُ فيها.. يتآوى عاشقانْ!
واحدٌ في اثنينِ كانا، اتحدا، وامتزجا،
واكتشفا بيتاً وكنزا..
وأفاقا يلعبانْ..
أهما من توءمٍ يطلعُ منهُ توءمانْ؟
فمن الرمزُ إذاً؟
أنثى اطمأنتْ لذكرْ
بالذراري يستوي، أو يبتكرْ
لم يزلْ تاريخهُ الأولُ رمزا..
وعلى الأنثى التي تصحبهُ أن تملأ الآنَ المكانْ!
5- فضاء للاختلاف
لتكنْ مختلفاً في موقفِ الغربةِ..
فيهِ تنتمي الروحُ إلى معنى قديمٍ وحديثٍ
يعرجُ العاشقُ في قبّتهِ إذ كانتِ الهجرةُ في الداخلِ!
والخلوةُ تدعوهُ إلى الصحوةِ، والحضرةُ كالغيبةِ،
فيها انتهتِ الشهوةُ، شفّتْ كبياضٍ،
غمرَ الأعضاءَ والأجزاءَ والأشياءَ،
والحالُ هي الحالُ!
فهذا اسمُ عُطلتهُ مادةٌ ما،
وهو الياءُ، ومنهُ الألفُ!
*
لتكنْ مختلفاً بين وضوحٍ وغموضٍ،
بعد أن تنحنيَ الفكرةُ للسلطة، والسلطةُ للثروةِ!
هذا الجسمُ كاللاشيءِ، فيه اختلف المعنى،
وكانتْ كِلمٌ تختلفُ!
لتكنْ مختلفاً بعد حضورٍ وغيابٍ..
ربما تأتلفُ!
6- وردة الينبوع
وردةٌ نبهّتِ الينبوعَ، والتربةُ يعروها لهبْ
والأميراتُ الصغيراتُ اقتربنَ الآنَ في حقلِ القصبْ
وبخفينِ من الطينِ انحنى الطفلُ، الذي ضيعتهُ يوماً، عليّْ
بينما طيّرتِ الماءَ أكفٌّ بعنادٍ وغضبْ
والندى يقطرُ ما بينَ وجوهٍ وثديّْ..
للهوى كلُّ مدى، أو للمدى كلُّ هوى،
والصوتُ رجعٌ وصدى، أنشودةٌ خلفَ كوى
فيها ارتوى جسمُ الفتى، ثم اكتوى..
والضحى يلهو خفيفاً بالذهبْ
مثلَ طفلٍ حملَ الأرغفةَ الأولى من الشمسِ، ويدعوها إليّْ!
فانحنت، تضطربُ الكرمةُ بالخمرةِ، ما بين يديّْ
وأنا أشربُ كأسي، ثم أزكو في قناديلِ عنبْ!
آهِ من طفلٍ مضى في الأرضِ،
والينبوعُ شحَّ الآنَ،
والليلُ اقتربْ!
7- سيناريو حلم
كانَ لي أكثرُ من حلمٍ، وما زالَ..
ولم أحفل بتلك الفرجةِ المضطربهْ..
وأنا ماهمتُ بالجمهورِ، بالحلبةِ،
لم أخسر، ولم أربحْ، وما كنتُ شريكاً في رهانْ!
ثم لم يبق سوى أغنيةٍ أهمسها، تهمسني،
تهمسنا نافذةٌ أو عتبهْ..
والأميراتُ اللواتي كنَّ في البالِ، يغادرنَ زماناً طيباً كانَ..
وكانْ!
ربما أبحثُ عن مصباحِ شعرٍ هشمتهُ يدُ طفلٍ،
ربما أوقظُ جنيَّاً من الذاكرةِ الأولى،
وأصحو بين رؤيا ورمادٍ ودخانْ!
8- تربة الشعر
أهي التربة بيت وقماطٌ وسريرْ
تبحثُ النحلةُ فيها عن خطا دوّنتُها ما بين حقلٍ وقفيرْ
إذكوتني لذةٌ أبحثُ عنها،
وكوتني شهوةٌ تبحثُ عني!
ربما ضيعتُ ما ضيعتهُ، كيما أغني
فأعِنّي، أيها الشعرُ، أعنّي!
آهِ من حلمٍ صغيرْ،
آهِ من فقري، ومن شعري، ومنيّ!
9- أول السحر أوآخره
هذهِ ساحرةٌ أعرفها من قبلُ،
والجسمُ وديعٌ، يانعٌ، حلوٌ، خجولْ..
خطفتني في الحكاياتِ، وردتني إليها
وبعينيها فضاءٌ وشموسٌ وفصولْ!
وهي أنثى الماءِ والجمرِ معاً، عذراءُ ينبوعٍ، وخضراءُ، بتولْ..
وهي رؤيا افتتحت بالخلوةِ الشعرَ..
ولكنْ! أيُّ رؤيا!
حملتْ كل طفولاتي، وغابتْ،
وعرا الروحَ اضطرابٌ وارتباكٌ وذهولْ!
هذه ساحرةٌ تحيا معي الآن!
فهلْ أحيا لتحيا؟
10 - سنبلة الأسئلة
ما الذي يفعلهُ الكائنُ إن ضاقتْ به أرضٌ؟
وماذا يفعلُ الطفلُ إذا ضلَّ طريقهْ؟
لم لاتضطربُ الوردةُ في كفِ فتاةٍ،
ويرى العاشقُ فيها ثمراتٍ وحديقهْ؟
ولماذا سقطتْ أنشودةُ الجمهور إذ كرّرتِ الصمتَ؟
متى ينتبهُ القمحُ إلى الملحِ الذي يفسدُ؟
هل يكتشفُ القارىء معناهُ؟
متى يختارهُ المعنى فيختارُ الحقيقهْ؟
ولماذا يهدمُ الشاعر ما يبني،
ويبني بالعباراتِ حضورهْ
بحروفٍ من سوادٍ وبياضٍ ونقاطٍ مهملهْ!
وهل الموتُ ضرورهْ
أوّلتهُ، وأشاعتهُ حياةٌ،
ثم لم يبقَ لها معنى سواهْ!
ومتى يستيقظ الشعرُ إذا قام المغني من ثراهْ؟
لمَ لا تبتكرُ التاريخَ أنثى
ضمَّها بيتٌ قديمٌ وحديثٌ، صار رثَّا
وانتهتْ في أفقٍ من أسئلهْ!
أيَّ وقتٍ سنرّبيهِ، وفيهِ سوف تنمو سنبلهْ!
11- وردة الذهب
لكَ تلكَ الوردةُ الأولى كأنثى من لهبْ
بكرتْ عشتارُ فيها، واستوت في مخدعِ اللذةِ،
والعاشقُ يأوي بين ثديينِ من الماءِ،
ويجثو تحت ينبوعٍ جرى، ثم تلقّى ما انسكبْ!
وردةٌ ما انفتحتْ، ما انغلقتْ،
إلا ليخضرَّ نسيجٌ وقماشٌ وعُرى
وردةٌ تنهضُ في قلبِ الثرى
ويربيها الذّهبْ!
12- قبر آخر
لمَ لا يجمعنا مأوى سوى قبرٍ جماعيٍّ،
وللكائنِ حفرهْ
قطرةٌ من مطر أو من دمٍ تحيي عظاماً بليت فيها
فهل تطلعُ في جذرٍ وينبوعٍ وبذره؟
ومتى ينشقّ بيتٌ عن وريثٍ، لم تزل تغلبهُ الأنقاضُ،
أنقاضٌ من الأسلاف، أسلافٌ من الأنقاضِ،
والأرضُ التي يكبرُ فيها اقتسمتْ من قبلُ، أو من بعدُ،
ضاقتْ بالتماثيل التي يحرسها العبدانُ والسادةُ والأغرابُ،
والأوثانُ، إذ خالطها الكهانُ، يعروها هوى الألقابِ والأنسابِ،
والوقتُ الذي دونهُ الأعرابُ كالنسلِ الذي يرشحُ بالألفاظِ،
والوجهُ الذي مثل القفا، سيَّجهُ الرُحَّلُ والبدوُ بماءِ الشَّعرِ!
والشعرُ حدودٌ وسدودٌ ومهودٌ، ربما تختلُّ فيه لغةٌ،
تطمسُ معناها رموزٌ وكناياتٌ، تشابيهُ، استعاراتٌ..
فمنْ يجمعُ أعضائي وأجزائي على هيئةِ زهرهْ
أو على هيئةِ زلزالٍ لطيفٍ علنيّْ!
*
آهِ من قبرٍ جماعيٍ قديمٍ وحديثٍ، عربيّْ!
13- فضاء حجر
كلُّ وجهٍ تنتمي أمكنةٌ فيهِ
إلى أرض من الشمسِ، وأرضٍ من مطرْ!
تربةٌ بابلُ، آشورُ صخورٌ،
نينوى أم بعلبكُّ اقترنتْ بالضوءِ،
ثم انحدرتْ صورُ إلى البحرِ،
وللأهرامِ حفريّاتُ روحٍ معلنهْ..
فمن الطائرُ بين الأمكنهْ
والفتى من حجرٍ يُبعثُ حياً
بين أرضٍ من حجرْ
وفضاءٍ من حجرْ!
14- آخر الدنيا
أنتَ لم تهجمْ على دنيا سعيدهْ..
وانتهى أكثرُ من خمسينَ عاما
كنتَ فيها تغلقُ المعنى الذي تفتحهُ أنثى،
وتجلوهُ قصيدهْ!
وترى اللذةَ في السلطةِ والمتعةَ في الشيءِ،
ترى سحرَ حضورٍ دنيويّْ!
وإذا ما ضاقتِ الروحُ بجسمٍ ضاقَ بالدنيا هياماً ووهاماً..
وانتهت مثلَ طريدهْ
ما الذي ينتجهُ طينٌ مدمَّى، عربيّْ؟
ما الذي يفعلهُ الشعر الذي يأكلُ ما يأكلهُ،
والشمسُ مالتْ للغيابْ!
ولماذا كنتَ ما كنتَ!
مريداً أو شهيداً، ثائراً أو مستهاما..
*
أيها الشيخُ الذي لطخه حبرٌ خفيّْ
أنتَ لم تهجمْ على الدنيا!
فهل كانَ الذي حاولتهُ إلا كلاما..
أهي الفكرةُ وهمٌ أم حجابْ..
وعلى الدنيا التي تهجرنا، نهجرها، كانتْ سلاما!
15- آخر الانتظار
انتظر بعد ثلاثٍ برهةً للصلبوتْ!
انتظر قبلَ صياحِ الديك؟ِ شيئا!
انتظر حادثةً محتملهْ!
*
هكذا يضطربُ العالمُ في شبهِ هدوءٍ وسكوتْ..
تنتهي منظومةٌ، أو نظمٌ، جزءاً فجزءا..
ينتهي الكائنُ، والقتلى انتهوا، والقتلهْ!
وإذا الحضرةُ كالغيبةِ!
فيها يلدُ الآنَ، ويحيا، كي يموتْ!
ينتهي جوعانَ، ظمآنَ، وعريانَ.. وكلُّ الأرضِ لهْ!
فمتى يُبعثُ فيها؟ هل يربي وردةً أوسنبلهْ؟
ومتى يبني عليها الملكوتْ؟
*
انتظر! ثم انتظر كارثةً مثقلةً بالأخيلهْ!
ما الذي يمتلكُ الأنثى التي ضاعفتِ البذرةَ؟
من يكتشفُ الماءَ الذي تخلو بهِ،
ثمّ تربي جسداً أولَ بالخبزِ وبالملحِ،
فينمو بين كفيها.. يؤاخي بين ينبوعٍ ونهرِ!
وإذا ما نبّهتْ أعضاءهُ تحلو، وتلهو... ثم تجري
مهرةً من زخرفٍ يرقبها صمتي وفقري..
وأنا بذرتها أم سرُّها تعلنهُ، والأرضُ سري!
ما الذي يمتلكُ الأنثى التي تبتكرُ التاريخَ من عصرٍ لعصرِ!
2- نثر للصمت
ضاقَ بالعشقِ وبالعاشقِ وقتٌ وعبارهْ!
قبةٌ للشِّعرِ أم للنثرِ؟
للجسمِ الذي يلغي حضورهْ
أم لنصٍ شكلتهُ لغةٌ صادقةٌ أو مُستعارهْ!
كان معنى يهتدي بالصمتِ،
والعالمُ يغلي بالذكورهْ!
فبمن تحتفلُ الرؤيا، وتتلوها بشارهْ؟
أيُّ صمتٍ يؤذنُ الآنَ ببدءٍ عربيٍّ،
ومن الصمتِ إشارهْ!
3- عري أول
هل أنا العاشقُ حقاً، وهي كانتْ عاشقهْ!
وأنا البيتُ الذي تحفظهُ أو عتبهْ
أم أنا الجسمُ الذي تضمرهُ في روحها المضطربهْ!
ما الذي أحرثهُ فيها، وهل أحرثها حقاً؟
وفي تربتها تبذرني
كشهابٍ أنجبتهُ صاعقهْ!
ربما ألبسها، تلبسني، أخلعها، تخلعني..
وأراها تتجلى وحدها محتجبهْ!
4- أول اللعب
كانَ صمتٌ واعتباط وارتباكٌ وقنوطٌ..
كانتِ البرهةُ عجزا..
ثم كانت برهةٌ من ذهبِ أو من جمانْ
يدخلُ العاشقُ فيها.. يتآوى عاشقانْ!
واحدٌ في اثنينِ كانا، اتحدا، وامتزجا،
واكتشفا بيتاً وكنزا..
وأفاقا يلعبانْ..
أهما من توءمٍ يطلعُ منهُ توءمانْ؟
فمن الرمزُ إذاً؟
أنثى اطمأنتْ لذكرْ
بالذراري يستوي، أو يبتكرْ
لم يزلْ تاريخهُ الأولُ رمزا..
وعلى الأنثى التي تصحبهُ أن تملأ الآنَ المكانْ!
5- فضاء للاختلاف
لتكنْ مختلفاً في موقفِ الغربةِ..
فيهِ تنتمي الروحُ إلى معنى قديمٍ وحديثٍ
يعرجُ العاشقُ في قبّتهِ إذ كانتِ الهجرةُ في الداخلِ!
والخلوةُ تدعوهُ إلى الصحوةِ، والحضرةُ كالغيبةِ،
فيها انتهتِ الشهوةُ، شفّتْ كبياضٍ،
غمرَ الأعضاءَ والأجزاءَ والأشياءَ،
والحالُ هي الحالُ!
فهذا اسمُ عُطلتهُ مادةٌ ما،
وهو الياءُ، ومنهُ الألفُ!
*
لتكنْ مختلفاً بين وضوحٍ وغموضٍ،
بعد أن تنحنيَ الفكرةُ للسلطة، والسلطةُ للثروةِ!
هذا الجسمُ كاللاشيءِ، فيه اختلف المعنى،
وكانتْ كِلمٌ تختلفُ!
لتكنْ مختلفاً بعد حضورٍ وغيابٍ..
ربما تأتلفُ!
6- وردة الينبوع
وردةٌ نبهّتِ الينبوعَ، والتربةُ يعروها لهبْ
والأميراتُ الصغيراتُ اقتربنَ الآنَ في حقلِ القصبْ
وبخفينِ من الطينِ انحنى الطفلُ، الذي ضيعتهُ يوماً، عليّْ
بينما طيّرتِ الماءَ أكفٌّ بعنادٍ وغضبْ
والندى يقطرُ ما بينَ وجوهٍ وثديّْ..
للهوى كلُّ مدى، أو للمدى كلُّ هوى،
والصوتُ رجعٌ وصدى، أنشودةٌ خلفَ كوى
فيها ارتوى جسمُ الفتى، ثم اكتوى..
والضحى يلهو خفيفاً بالذهبْ
مثلَ طفلٍ حملَ الأرغفةَ الأولى من الشمسِ، ويدعوها إليّْ!
فانحنت، تضطربُ الكرمةُ بالخمرةِ، ما بين يديّْ
وأنا أشربُ كأسي، ثم أزكو في قناديلِ عنبْ!
آهِ من طفلٍ مضى في الأرضِ،
والينبوعُ شحَّ الآنَ،
والليلُ اقتربْ!
7- سيناريو حلم
كانَ لي أكثرُ من حلمٍ، وما زالَ..
ولم أحفل بتلك الفرجةِ المضطربهْ..
وأنا ماهمتُ بالجمهورِ، بالحلبةِ،
لم أخسر، ولم أربحْ، وما كنتُ شريكاً في رهانْ!
ثم لم يبق سوى أغنيةٍ أهمسها، تهمسني،
تهمسنا نافذةٌ أو عتبهْ..
والأميراتُ اللواتي كنَّ في البالِ، يغادرنَ زماناً طيباً كانَ..
وكانْ!
ربما أبحثُ عن مصباحِ شعرٍ هشمتهُ يدُ طفلٍ،
ربما أوقظُ جنيَّاً من الذاكرةِ الأولى،
وأصحو بين رؤيا ورمادٍ ودخانْ!
8- تربة الشعر
أهي التربة بيت وقماطٌ وسريرْ
تبحثُ النحلةُ فيها عن خطا دوّنتُها ما بين حقلٍ وقفيرْ
إذكوتني لذةٌ أبحثُ عنها،
وكوتني شهوةٌ تبحثُ عني!
ربما ضيعتُ ما ضيعتهُ، كيما أغني
فأعِنّي، أيها الشعرُ، أعنّي!
آهِ من حلمٍ صغيرْ،
آهِ من فقري، ومن شعري، ومنيّ!
9- أول السحر أوآخره
هذهِ ساحرةٌ أعرفها من قبلُ،
والجسمُ وديعٌ، يانعٌ، حلوٌ، خجولْ..
خطفتني في الحكاياتِ، وردتني إليها
وبعينيها فضاءٌ وشموسٌ وفصولْ!
وهي أنثى الماءِ والجمرِ معاً، عذراءُ ينبوعٍ، وخضراءُ، بتولْ..
وهي رؤيا افتتحت بالخلوةِ الشعرَ..
ولكنْ! أيُّ رؤيا!
حملتْ كل طفولاتي، وغابتْ،
وعرا الروحَ اضطرابٌ وارتباكٌ وذهولْ!
هذه ساحرةٌ تحيا معي الآن!
فهلْ أحيا لتحيا؟
10 - سنبلة الأسئلة
ما الذي يفعلهُ الكائنُ إن ضاقتْ به أرضٌ؟
وماذا يفعلُ الطفلُ إذا ضلَّ طريقهْ؟
لم لاتضطربُ الوردةُ في كفِ فتاةٍ،
ويرى العاشقُ فيها ثمراتٍ وحديقهْ؟
ولماذا سقطتْ أنشودةُ الجمهور إذ كرّرتِ الصمتَ؟
متى ينتبهُ القمحُ إلى الملحِ الذي يفسدُ؟
هل يكتشفُ القارىء معناهُ؟
متى يختارهُ المعنى فيختارُ الحقيقهْ؟
ولماذا يهدمُ الشاعر ما يبني،
ويبني بالعباراتِ حضورهْ
بحروفٍ من سوادٍ وبياضٍ ونقاطٍ مهملهْ!
وهل الموتُ ضرورهْ
أوّلتهُ، وأشاعتهُ حياةٌ،
ثم لم يبقَ لها معنى سواهْ!
ومتى يستيقظ الشعرُ إذا قام المغني من ثراهْ؟
لمَ لا تبتكرُ التاريخَ أنثى
ضمَّها بيتٌ قديمٌ وحديثٌ، صار رثَّا
وانتهتْ في أفقٍ من أسئلهْ!
أيَّ وقتٍ سنرّبيهِ، وفيهِ سوف تنمو سنبلهْ!
11- وردة الذهب
لكَ تلكَ الوردةُ الأولى كأنثى من لهبْ
بكرتْ عشتارُ فيها، واستوت في مخدعِ اللذةِ،
والعاشقُ يأوي بين ثديينِ من الماءِ،
ويجثو تحت ينبوعٍ جرى، ثم تلقّى ما انسكبْ!
وردةٌ ما انفتحتْ، ما انغلقتْ،
إلا ليخضرَّ نسيجٌ وقماشٌ وعُرى
وردةٌ تنهضُ في قلبِ الثرى
ويربيها الذّهبْ!
12- قبر آخر
لمَ لا يجمعنا مأوى سوى قبرٍ جماعيٍّ،
وللكائنِ حفرهْ
قطرةٌ من مطر أو من دمٍ تحيي عظاماً بليت فيها
فهل تطلعُ في جذرٍ وينبوعٍ وبذره؟
ومتى ينشقّ بيتٌ عن وريثٍ، لم تزل تغلبهُ الأنقاضُ،
أنقاضٌ من الأسلاف، أسلافٌ من الأنقاضِ،
والأرضُ التي يكبرُ فيها اقتسمتْ من قبلُ، أو من بعدُ،
ضاقتْ بالتماثيل التي يحرسها العبدانُ والسادةُ والأغرابُ،
والأوثانُ، إذ خالطها الكهانُ، يعروها هوى الألقابِ والأنسابِ،
والوقتُ الذي دونهُ الأعرابُ كالنسلِ الذي يرشحُ بالألفاظِ،
والوجهُ الذي مثل القفا، سيَّجهُ الرُحَّلُ والبدوُ بماءِ الشَّعرِ!
والشعرُ حدودٌ وسدودٌ ومهودٌ، ربما تختلُّ فيه لغةٌ،
تطمسُ معناها رموزٌ وكناياتٌ، تشابيهُ، استعاراتٌ..
فمنْ يجمعُ أعضائي وأجزائي على هيئةِ زهرهْ
أو على هيئةِ زلزالٍ لطيفٍ علنيّْ!
*
آهِ من قبرٍ جماعيٍ قديمٍ وحديثٍ، عربيّْ!
13- فضاء حجر
كلُّ وجهٍ تنتمي أمكنةٌ فيهِ
إلى أرض من الشمسِ، وأرضٍ من مطرْ!
تربةٌ بابلُ، آشورُ صخورٌ،
نينوى أم بعلبكُّ اقترنتْ بالضوءِ،
ثم انحدرتْ صورُ إلى البحرِ،
وللأهرامِ حفريّاتُ روحٍ معلنهْ..
فمن الطائرُ بين الأمكنهْ
والفتى من حجرٍ يُبعثُ حياً
بين أرضٍ من حجرْ
وفضاءٍ من حجرْ!
14- آخر الدنيا
أنتَ لم تهجمْ على دنيا سعيدهْ..
وانتهى أكثرُ من خمسينَ عاما
كنتَ فيها تغلقُ المعنى الذي تفتحهُ أنثى،
وتجلوهُ قصيدهْ!
وترى اللذةَ في السلطةِ والمتعةَ في الشيءِ،
ترى سحرَ حضورٍ دنيويّْ!
وإذا ما ضاقتِ الروحُ بجسمٍ ضاقَ بالدنيا هياماً ووهاماً..
وانتهت مثلَ طريدهْ
ما الذي ينتجهُ طينٌ مدمَّى، عربيّْ؟
ما الذي يفعلهُ الشعر الذي يأكلُ ما يأكلهُ،
والشمسُ مالتْ للغيابْ!
ولماذا كنتَ ما كنتَ!
مريداً أو شهيداً، ثائراً أو مستهاما..
*
أيها الشيخُ الذي لطخه حبرٌ خفيّْ
أنتَ لم تهجمْ على الدنيا!
فهل كانَ الذي حاولتهُ إلا كلاما..
أهي الفكرةُ وهمٌ أم حجابْ..
وعلى الدنيا التي تهجرنا، نهجرها، كانتْ سلاما!
15- آخر الانتظار
انتظر بعد ثلاثٍ برهةً للصلبوتْ!
انتظر قبلَ صياحِ الديك؟ِ شيئا!
انتظر حادثةً محتملهْ!
*
هكذا يضطربُ العالمُ في شبهِ هدوءٍ وسكوتْ..
تنتهي منظومةٌ، أو نظمٌ، جزءاً فجزءا..
ينتهي الكائنُ، والقتلى انتهوا، والقتلهْ!
وإذا الحضرةُ كالغيبةِ!
فيها يلدُ الآنَ، ويحيا، كي يموتْ!
ينتهي جوعانَ، ظمآنَ، وعريانَ.. وكلُّ الأرضِ لهْ!
فمتى يُبعثُ فيها؟ هل يربي وردةً أوسنبلهْ؟
ومتى يبني عليها الملكوتْ؟
*
انتظر! ثم انتظر كارثةً مثقلةً بالأخيلهْ!