داخل الوقت.. خارج السرب (1) - إلى فاروق قندقجي
أذكرُ الشارعَ والبابَ،
وقوسين من العطرِ المذابْ
اذكرُ الساعةَ واللون،
وموسيقا الرغابْ
.. ركوة البنّ،
وركناً راحلاً صوبَ استداراتِ اليبابْ
إنه المرسمُ / فاروقُ،
وقوسانِ من الماضي يلوحانِ
فتفترُّ الخوابي في مساءاتِ العتابْ
ويضيعُ الوقتُ في الأخشابِ والألوانِ والذكرى،
وأطياف القبابْ
هاهنا نهرٌ..
هناكِ الأخضرُ الممدودُ في ذاكَ السرابْ
وجدار مستريحٌ طالعٌ من دفقة الطين،
وأكوام الخرابْ
نحومَا يشبهُ خوفاً..
نحوَ ترنيمةِ حزنٍ مشرقيّ..
في فضاءات الحُبابْ
إنه العالمُ / فاروقُ،
وصمت الحزنِ في قوسِ الربابْ
(2) إلى خلدون الأزهري
كيف حالُ اللونِ في هذا الخريفْ؟
يا صديقَ الشهواتِ البِكرِ..
إن الريحِ تعوي،
والمدى رخْو تمطَى فوقِ أغصانِ الرؤى..
حتّى تخضّ شاطئ الوقتِ على وَقْعِ النزيف
وأنا مثلكَ مشطورٌ إلى نصفينِ
والرأسُ قطيفْ
ودماءٌ غضّةٌ في الأفقِ لا تُنذُر خيراً
والمدى بِكْرٌ رهيفْ
بين قوسينِ من الوهمِ
وحزنينِ من العشقِ الشفيفْ
يا صديقٍ الضحكاتِ البكرِ..
يا بعض ذهولي وهطولي..
في المدى الزاهي الوريفْ
آهِ مّما لا يجيءُ الآنَ..
مّما أسلم الَدربُ إلينا..
من شمالٍ داكنِ الطلْعةِ
مقطوعِ الحوافي..
راعشِ الخطوْ تدلّى فوقَ أشلاءِ رصيفْ
يا صديقَ الأخضرِ المحروقِ في صيف الفيافي،
والمساءاتُ رفيفْ
كيف حال الروح في هذا الخريفْ؟
(3) إلى عبدالنبي تلاوي
يَطُلعُ الليلُ أخيراً
من شقوق الحزنِ نديانِ الرؤى
والقلبُ داجٍ
والمسافاتُ أنينْ
يا صديق الصمتِ..
يا لون انطفاءات السنينْ
أين قوسٌ من فضاءِ الشعر يمضي..
كيف حالُ الطيبّينْ؟
كيف صَارَ الصَحْبُ في منفى اليقينْ؟
ويطيرُ الظلُّ..
تأتيكَ أخيراً ( حين تبكي آخر الليلِ ) الفراشاتُ
وشطآنُ الحنينْ
هو وقتٌ غارقٌ عند حوافي الليل
حزنٌ حارقٌ فيما تبقّى من شتاءِ الياسمينْ
يا صديقي..
هاجرَ اللونُ إلى أشيائنا حيناً،
ومنذٌ الصبحِ كنّا نقرعُ الأبوابَ
لكن لا أحَدْ
غير جدران الجسدْ
(4) / إلى قصي أتاسي
عندَ قوسينِ ترامى في بعيدِ الظّلِ..
عند النقطة الخرساء في بؤرةِ حزنٍ
يدخل الليلُ وحيداً دون وجهٍ في ثنايانا،
وينداحُ الغروبْ
عند أنثى أشعلتنا..
عند لونين على شطِّ الهروبْ
إنّهُ الوقتْ السماويُّ
وبَوْحُ الشايِ..
نزْفُ الخمرِ..
وقعُ الصمتِ في أقصى الشحوبْ
واحتمالُ الوجهةِ الأخرى من المنفى،
وساعات الهبوبْ
عند قوسينِ من الشوق وكأسينٍ منَ السكُوبْ
حينِ يأتي الصبحُ مخموراً،
وتمضي رعشة الكأسِ اللعوبْ
نحو وقْتٍ مستباحٍ..
ليسَ تحكيهِ الدروبْ
آخر الخمرِ الشَروبْ
(5) إلى عبد القادر الحصني
ليسَ في البالِ مكانٌ لارتشاف الظلِّ..
في هذا المساءْ
غابَ نصفانِ من الروح
ومالتْ ضفّة الحزنِ أخيراً..
فانتصفنا..
ساعةَ ارتاحَ على القلبِ شتاءْ
واقتفي العصفورُ أشلاءَ الفيافي،
واحتراقات الوراءْ
في اشتعالٍ غامضِ اللونِ..
كترجيعِ السماءْ
ليس في البالِ زمانٌ لاندلاعِ الفلِّ
إني غاربُ ما بينَ شطّينِ وماءْ
وحزينٌ..
كلُّ أيامي خُواءْ
غادر الطيرُ الفضاءَ المرتخي..
صوبَ انكساراتِ الدماءْ
وتلاقى بنثارِ الصَحْبِ..
كان الوقتُ يزقو في جحيمِ الأصدقاءْ
ويغنّي دون صوتٍ
" ليسَ في البالِ خريفٌ
لاشتعال الروح في هذا المساءْ "
أطبق الليل على القلب..
وأنثى ترسمُ الصمتَ عواءْ
في جحيم الاشتهاءْ
(6) إلى سرور علواني
مرّةً ضلّ نهارٌ شاطيءَ الصبحِ
وكان الوقتُ حزناً،
والرؤى بكر
وصيف هاربٌ من جوْفِ ذكرى،
ورصيفٌ أرْجُوانْ
كانت الريحُ شمالاً تستعيدُ اللون من حّزْمةِ شوقٍ..
مُسْتعادٍ من زمانْ
كانت الأشياءُ تعوي في خريف الشهوة الأولى،
وتنسلُّ اليدانْ
لتصلّي في محاريبِ رؤانا لحظتانْ
ويغيمُ اللونُ ساعاتٍ على شطِّ المكانْ
عند قوسينِ،
دخانْ
1 / 1994