مالكوم إكس (بالإنجليزية: Malcolm X) أو الحاج مالك شباز (19 مايو 1925 - 21 فبراير 1965) يعد من أشهر المناضلين السود في الولايات المتحدة وهو من الشخصيات الأمريكية المسلمة البارزة في منتصف القرن الماضي، والتي أثارت حياته القصيرة جدلاً لم ينته حول الدين والعنصرية، حتى أطلق عليه "أشد السود غضباً في أمريكا". وهو مؤسس كل من المسجد الإسلامي ومنظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية. كما أن حياته كانت سلسلة من التحولات حيث انتقل من قاع الجريمة والانحدار إلى تطرف الأفكار العنصرية، ثم إلى الاعتدال والإسلام، وبات من أهم شخصيات حركة أمة الإسلام قبل أن يتركها ويتحول إلى الإسلام السني، وعندها كتبت نهايته بست عشرة رصاصة في حادثة اغتياله.[1]
كان الرجل الثاني في حركة تسعى لتوحيد السود في أنحاء العالم. اغتيل في مدينة نيويورك. فسر أتباعه موته بأنه تضحية من أجل الثورة السوداء، وسرعان ما أصبح بطلاً لتلك الحركة. في عام 1946م، حكم على مالكوم إكس بالسجن في ولاية ماساشوسيتس بالولايات المتحدة الأمريكية بتهمة السطو. وأثناء وجوده بالسجن تبنى معتقدات المسلمين السود، وهم أعضاء حركة دينية كانت تؤمن في ذلك الوقت بانفصال الأعراق. وبعد إطلاق سراحه في عام 1952م، أصبح مالكوم إكس متحدثا رسميًا باسم المسلمين السود. وفي عام 1964م، وعقب اختلافه مع زعيم المسلمين السود، أليجا محمد، كون مالكوم إكس جماعة منافسة، هي منظمة وحدة الأمريكيين من الأصل الإفريقي. وقد قتل مالكوم إكس قبل أن تترسخ هذه المنظمة.[2]
كان لمالكوم إكس الفضل الكبير بعد الله في نشر الدين الإسلامي بين الأمريكيين السود، في الوقت الذي كان السود في أمريكا يعانون بشدة من التميز العنصري بينهم وبين البيض، فكانوا يتعرضون لأنواع الذل والمهانة ويقاسون ويلات العذاب وصنوف الكراهية منهم.[3] فقد حفظ الله دعوة الإسلام ببلد متسع الأرجاء كثيف السكان مثل أمريكا وصحح مالكوم إكس مسار الحركة الإسلامية التي انحرفت بقوة عن الحق ودعا إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، وصبر على الصدود والإعراض والإيذاء حتى كانت نهايته كما تمنى شهيد كلماته ودعوته للحق.[4]
ولد مالكوم إكس أو مالك شباز بمدينة ديترويت سنة 1340 هـ لعائلة كبيرة وعائل فقير لم يلبث أن قتل للعنصرية على يد عصابة من البيض فنشأ مالكوم في هذه البيئة القائمة فشحن الفتى من صغره كرهًا وبغضًا على البيض وكل ما هو أبيض وطرد مالكوم من مدرسته وهو في السادة عشر من عمره فانتقل من مدينته إلى نيويورك حيث عاش حياة الفاسد والجريمة التي انتهت به إلى السجن وكان دخوله السجن نقطة تحول في حياته. حيث التقى في السجن بزميل له حثه على التفكير والقراءة فأثر في مالكوم بشدة وفي تلك الأثناء جاءته رسالة من أخيه يدعوه للدخول في الإسلام والانضمام لجماعة أمة الإسلام فأعلن مالكوم دخوله في الإسلام.
وأقبل على قراءة الكتب خاصة التاريخية والاجتماعية حتى أنه كان يقضي خمس عشر ساعة متصلة في القراءة حتى أتى على كتب كبار لم يتوفر لغيره قراءتها وحصل كمًا جيدًا من المعلومات، ودخل في مناظرات في السجن مع القساوسة والنصارى أكسبته جلدًا وحنكة وخبرة في مخاطبة الناس وإقناعهم.[4]
بعد أن خرج مالك من السجن قابل إليجا محمد زعيم حركة أمة الإسلام الذي توسم فيه الثورية والكره الشديد للبيض والقدرة الإقناعية العالية فضمه إلى مجلس إدارة الحركة وجعله وزيرًا - أي إمامًا - لمعبد في بنيويورك فأبدى مالك كفاءة هائلة في الدعوة للحركة ومخاطبة الناس وزار الجامعات والحدائق والسجون، وأماكن التجمعات لدعوة الناس للإسلام، وأثر بحلاوة كلامه في الكثيرين فأسلموا على يديه، ومن هؤلاء الملاكم العالمي محمد علي كلاي، وفتحت له قنوات التلفاز أبوابها يعقد المناظرات على الهواء ويدعو لحركته.[4]
كل هذا بسبب التحول الهائل الذي حصل له في السجن، والذي بسببه أصبح مالكوم اكس إلى الحاج مالك الشهباز، ويكون أكثر الأمريكيين السود تأثيرا، يمتد تأثيره إلى اشخاص مثل محمد علي كلاي، يقود الثورة السوداء ضد العنصرية البيضاء، وهو صاحب المقولة الصوت أو الرصاصة لكن في النهاية أتته رصاصة غادرة وضعت حدا لحياة حافلة بالاحداث والمواجهات, مات مالكوم اكس على يد الشخص الذي انتشله من عالم الانحطاط إلى العظمة.[5] ففي إحدى خطبه التي كان يقيمها للدعوة إلى الله أبى الطغاة إلا أن يخرسوا صوت الحق فقد اغتالته أيديهم وهو واقف على المنصة يخطب بالناس عندما انطلقت ست عشرة رصاصة غادرة نحو جسده النحيل الطويل وعندها كان الختام.[3]
محتويات [أخف]
1 النشأة
1.1 الأسرة
1.2 المدرسة
1.3 بوسطن ونيويورك
2 العمل
3 السجن
3.1 القراءة
4 منظمة أمة الإسلام
4.1 نظرية تغيير الاسم وزواجه
4.2 مالكوم إكس ومارتن لوثر
4.3 مالكوم وإليجاه محمد
5 الحج
5.1 تجديد الدين والدعوة
6 اغتياله
6.1 القاتل
7 كتابه وممتلكاته
8 انظر أيضاً
9 المصادر
10 المراجع
11 الوصلات الخارجية
[عدل]النشأة
[عدل]الأسرة
ولد مالكوم في 9 مايو 1925 في مدينة اوماها في ولاية نبراسكا وكان الرابع بين ثمانية أبناء. كان أبوه اير ليتل قسيساً معمدانياً وناشطاً سياسياً في أكبر منظمة للسود آنذاك وهي " الجمعية العالمية لتقدم الزنوج ". كانت حياة عائلة مالكوم عبارة عن سلسلة من النكبات فقد شهد الأب مقتل أربعة من أخواته الستة على يد العنصريين البيض، وتعرض لمضايقات وتهديدات من قبل العنصرين البيض بسبب نشاطاته السياسية، فرحل الي مدينة لانسنغ في ولاية ميشيغان في العام 1928م.
وبعد عدة شهور أحرق منزل العائلة من قبل منظمة كوكلوكس كلان العنصرية فرحلت العائلة من جديد إلي ضواحي مدينة لانسنغ. في العام 1931 قتل والد مالكوم بصورة وحشية علي يد العنصريين البيض ولكن السلطات ادعت أنه مات دهساً فرعت الأم أطفالها الثمانية دون مورد للرزق ولاسيما أن السلطات حجبت عنها كل الإعانات أو الحقوق المالية وفي العام 1939 أصيبت بانهيار عصبي فأدخلت مصحة للأمراض العقلية.[6]
والدي مالكوم هما "إيرل ليتل" و"لويز ليتل". كان والده من أتباع ماركوس غارفي الذي أنشأ جمعية بنيويورك ونادى بصفاء الجنس الأسود وعودته إلى أرض أجداده في أفريقيا. أما أمه فكانت من جزر الهند الغربية لكن لم تكن لها لهجة الزنوج، وضعته أمه وعمرها ثمانية وعشرون عاماً، كانت العنصرية في ذلك الوقت في الولايات المتحدة ما زالت على أشدها، وكان الزنجي الناجح في المدينة التي يعيش فيها مالكوم هو ماسح الأحذية أو البواب.[1]
مالكوم إكس في طفولته.
كان والده حريصاً على اصطحابه معه إلى الكنيسة في مدينة لانسينغ حيث كانت تعيش أسرته على ما يجمعه الأب من الكنائس، وكان يحضر مع أبيه اجتماعاته السياسية في "جمعية العالمية لتقدم الزنوج" التي تكثر خلالها الشعارات المعادية للبيض وكان الأب يختم هذه الاجتماعات بقوله:
« إلى الأمام أيها الجنس الجبار، بوسعك أن تحقق المعجزات.»
وكان والده يحبه للون بشرته الفاتح قليلاً عنه أما أمه فكانت تقسو عليه لذات السبب وتقول له:
«اخرج إلى الشمس ودعها تمسح عنك هذا الشحوب.»
وعندما بلغ مالكوم سن السادسة قتلت والده جماعة عنصرية بيضاء عام 1931م وهشمت رأسه [1] ووضعوه في طريق حافلة كهربائية دهسته حتى فارق الحياة [7] وتم اتهام والده لاحقاً بالانتحار [8] فكانت صدمة كبيرة للأسرة وبخاصة الأم التي أصبحت أرملة وهي في الرابعة والثلاثين من عمرها وتعول ثمانية أطفال فترك بعض الأبناء دراستهم وعملت الأم خادمة في بعض بيوت البيض لكنها كانت تطرد بعد فترة قصيرة لأسباب عنصرية.[1] وقبل والده فقد مالكوم أربعة من أعمامه على يد العنصريين البيض أيضاً.[9]
بدأت أحوال أسرة مالكوم أكس تتردى بسرعة مادياً ومعنوياً وباتوا يعيشون على المساعدات الاجتماعية من البيض والتي كانوا يماطلون في إعطائها.[3] فقد حاولت الأم ان تحصل على أي معونة إجتماعية لكي تستطيع ان تستمر في تربية الأولاد لكن لم توافق الهيئات الإجتماعية على اعطائها اي معونة لتربية الأطفال.[10] وكانت الأم ترفض وتأبى أن تأخذ الصدقات حتى تحافظ على الشيء الوحيد الذي يمتلكونه وهو كرامتهم، غير أن قسوة الفقر سنة 1934م جعلت مكتب المساعدة يتدخل في حياتهم، وقبلها كان الموظف الأبيض فيه يحرض الأبناء على أمهم. وأصبح الأطفال السود أطفال الدولة البيضاء، وتحكم الأبيض في الأسود بمقتضى القانون.[1]
ومع هذه الظروف القاسية عانت والدة مالكوم أكس من صدمة نفسية تطورت حتى أدخلت مستشفى للأمراض العقلية قضت فيه نصف حياتها، فتجرع مالكوم أكس وأخوته الثمانية مرارة فقد الأب والأم معاً، وأصبحوا أطفالاً تحت رعاية الدولة التي قامت بتوزيعهم على بيوت مختلفة.[3] أودعت الأم في المستشفى سنة 1939 وأنفصل مالكولم وأشقائه وأرسلو إلى منازل تبني مختلفة، وقد بقيت الأم في مستشفى الأمراض العقلية حتى قام مالكوم وإخوته إخراجها بعد 26 سنة.[10]
[عدل]المدرسة
التحق مالكوم بالمدرسة وهو في الخامسة من عمره وكانت تبعد عن مدينته ثمانية أميال. كان هو وعائلته الزنوج الوحيدين بالمدينة؛ لذا كان البيض يطلقون عليه الزنجي أو الأسود، حتى ظن مالكوم أن هذه الصفات جزء من اسمه، وكان الفتى الصغير عندما يعود من مدرسته يصرخ مطالباً بالطعام ويصرخ ليحصل على ما يريد ويقول في [1] ذلك:
«لقد تعلمت باكراً أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد.»
وتردت أخلاق مالكوم وعاش حياة التسكع والتطفل والسرقة وتم طرده من المدرسة وهو في السادسة عشرة من العمر وأودع سجن الأحداث. واستكمل تعليمه الثانوى في السجن،[11] فقد كان مالكوم شاباً يافعاً قوي البنية وكانت نظرات البيض المعجبة بقوته تشعره بأنه ليس إنساناً بل حيوان كالخنزير لا شعور له ولا إدراك، وكان بعض البيض يعاملونه معاملة حسنة، غير أن ذلك لم يكن كافياً للقضاء على بذور الكراهية والعنصرية في نفس الشاب الصغير؛ لذلك يقول:
«إن حسن المعاملة لا تعني شيئاً ما دام الرجل الأبيض لن ينظر إلي كما ينظر لنفسه، وعندما تتوغل في أعماق نفسه تجد أنه ما زال مقتنعاً بأنه أفضل مني.»
وتردد مالكوم على المدرسة الثانوية وهو في سجن الإصلاح، وكانت صفة الزنجي تلاحقه كظله، وشارك في الأنشطة الثقافية والرياضية بالمدرسة، وكانت صيحات الجمهور في الملعب له: "يا زنجي يا صدئ" تلاحقه في الأنشطة المختلفة وأظهر مالكوم إكس الشاب تفوقاً في التاريخ واللغة الإنجليزية.[1]
كان مالكوم إكس ذكياً نابهاً تفوق على جميع أقرانه فشعر أساتذته بالخوف منه مما حدا بهم إلى تحطيمه نفسياً ومعنوياً والسخرية.[3] فقد تخرج مالكوم من الثانوية بتفوق وحصل على أعلى الدرجات بين زملائه وكان يطمح أن يصبح محامياً غير أنة لم يكمل تعليمه وترك الدراسة بعد أن أخبره أحد المدرسين الذين كان يربطه به علاقة إحترام وتقدير متبادل أن حلمه بالذهاب إلى كلية الحقوق بعيد كل البعد عن الواقع كونه زنجياً.[10]
ففي نهاية المرحلة الثانوية طلب مستر ستراوسكي - معلم في المدرسة - من طلابه أن يتحدثوا عن أمنياتهم في المستقبل وتمنى مالكوم أن يصبح محامياً غير أن ستراوسكي نصحه ألا يفكر في المحاماة لأنه زنجي وألا يحلم بالمستحيل لأن المحاماة مهنة غير واقعية له وأن عليه أن يعمل نجاراً. كانت كلمات الأستاذ ذات مرارة وقسوة على وجدان الشاب لأن الأستاذ شجع جميع الطلاب على ما تمنوه إلا صاحب اللون الأسود لأنه في نظره لم يكن مؤهلاً لما يريد. فكانت هذه هي نقطة التحول في حياته. فقد ترك بعدها المدرسة وتنقل بين الأعمال المختلفة المهينة التي تليق بالزنوج.[3]
[عدل]بوسطن ونيويورك
وبعد معاناته المتكرره في العديد من منازل التبني أرسل إلى سجن الأحداث في عام 1940م، وعند خروجه انتقل مالكوم إلى بوسطن للعيش مع أخته الغير شقيقة إيلا ليتل كولينز. استقر مع شقيقته وعمل كماسح احذية انتقل بعدها إلى حي هارلم بمدينة نيويورك ومارس شتى أنواع الاجرام من سرقة وقوادة وتجارة المخدرات بل وتظاهر بالجنون ليتجنب التجنيد الإجباري ابان الحرب العالمية الثانية.[10] وتعرف هناك على مجتمعات السود ورأى أحوالهم الجيدة نسبياً هناك وبعد عودته لاحظ الجميع التغير الذي طرأ عليه غير أنه احتفظ بتفوقه الدراسي.
وبعد خروجه من الثانوية قصد مالكوم بوسطن وأخذته الحياة في مجرى جديد، وأصيب بنوع من الانبهار في المدينة الجميلة، وهناك انغمس في حياة اللهو والمجون، وسعى للتخلص من مظهره القوي، وتحمل آلام تغيير تسريحة شعره حتى يصبح ناعماً، وأدرك أن السود لو أنفقوا من الوقت في تنمية عقولهم ما ينفقونه في تليين شعورهم لتغير حالهم إلى الأفضل. ثم انتقل إلى نيويورك للعمل بها في السكك الحديدية، وكان عمره واحداً وعشرين عاماً وكانت نيويورك بالنسبة له جنة.[1]
[عدل]العمل
ترك مالكوم المدرسة بعد أن حبطه معلمه المقرب - معلم التاريخ - فتنقل بين الأعمال المختلفة المهينة التي تليق بالزنوج من نادل في مطعم فعامل في قطار إلى ماسح أحذية في المراقص حتى أصبح راقصاً مشهوراً يشار إليه بالبنان، وعندها استهوته حياة الطيش والضياع فبدأ يشرب الخمر وتدخين السجائر، وكان يجد في لعبة القمار المصدر الرئيسي لتوفير أمواله إلى أن وصل به الأمر لتعاطي المخدرات بل والاتجار فيها، ومن ثم سرقة المنازل والسيارات. كل هذا وهو لم يبلغ الواحدة والعشرين من عمره بعد حتى وقع هو ورفاقه في قبضة الشرطة.[3]
ففي عام 1941 رحل مالكوم إلي مدينة بوسطن في ولاية ماساشوسيتس حيث عمل في مسح الأحذية هناك وغسل الصحون، ثم عمل في السكة الحديد، وأنخرط في عالم الإجرام. ثم انتقل في العام 1943 إلى نيويورك للعمل بها في السكك الحديدية وكان عمره واحداً وعشرين عاماً.[1] وعمل عليه في بيع السندوتشات ثم فصله من عمله بسبب تعاطيه الكحول والمخدرات فعاد الي بوسطن عام 1945 وفي السنة التالية اعتقل عدة مرات بتهمة حمل السلاح والسرقة.[6] بعد هذا تنقل بين عدة أعمال منها أن يعمل بائعاً متجولاً وتعلم البند الأول في هذه المهنة وهو ألا يثق بأحد إلا بعد التأكد الشديد منه. وعاش فترة الحرب العالمية الثانية، وشاهد ما ولدته الحرب من خراب ودمار وغاص في أنواع الجرائم المختلفة وعاش خمس سنوات في ظلام دامس وغفلة شديدة، وفي أثناء تلك الفترة أعفي من الخدمة العسكرية؛ لأنه صرح من قبيل الخديعة أنه يريد إنشاء جيش زنجي.[1]
فقد بدأ مالكوم إكس حياته العملية بمسح أحذية الرجل الأبيض، ثم صار تاجر حشيش. بعدها صار يبيع ما خف وزنه وغلا ثمنه الهيروين. ومن ثم عمل بائعاً في خطوط القطار ثم انتقل للعمل في القمار. مما عرض حياته للموت أكثر من مرة. وقبل هذا كانت الجماهير تصفق له في قاعات الرقص حين يضع يده في يد احدى الفتيات ويبهر الحضور برقصه البارع وصادق العديد من الموسيقيين المعروفين من السود. وبسبب ادمانه وخسارته للاموال اضطر للتحول لعمليات السطو على منازل الاثرياء البيض.[5]
والمسرح الأساسي لهذا كله هو حي هارلم في مدينة نيويورك، حتى وقع هو ورفاقه في قبضة الشرطة فأصدروا بحقه حكماً مبالغاً فيه بالسجن لمدة عشر سنوات بينما لم تتجاوز فترة السجن بالنسبة للبيض خمس سنوات وذلك لإشراكه فتاتين من البيض في عملياته [12] ولأنه كان صديقاً لفتاة بيضاء وهي جريمة منكرة في ذلك الوقت من تاريخ العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية.[5]
[عدل]السجن
بالرغم مما تنطوي عليه حياة السجون عادة من مظاهر للفساد إلا أنها ربما أتاحت للإنسان أن يراجع موقفه لا سيما وقد فقد حريته، من هذا المنطلق جعل مالكوم حياته داخل السجن امتداداً لحياته خارجه من تعاطي للمخدرات وممارسة للرهونات إلا أن بعضاً من المناقشات بين السجناء بدأت تلفت انتباهه، ثم ما لبث أن وصله عدة رسائل من أخوته يبلغونه فيها اعتناقهم لدين جديد دين للسود قادر على إنقاذهم وعلى إنهاء عصر سيطرة الشيطان الأبيض.
لم يكن هذا الدين سوى أجزاء مبعثرة من دين الله الإسلام قام رجل ادعى النبوة يدعى إليجاه محمد بالدعوة إليه مؤسساً بذلك جماعة أمة الإسلام في أمريكا حيث كان مبنياً بالأساس للجنس الأسود من البشر معتبراً أن البيض ليسوا إلا شياطين تحكم الأرض وأن الله هو إله للسود وحسب، رغم ما حوته هذه الدعوة من انحرافات وشذوذ إلا أن نوراً للإسلام ما زال يلمع في إحدى جوانبها أضاء قلب مالكوم وأخذ عليه عقله، فهي الدعوة التي جاءت لإنقاذ السود وهو أحدهم وقد عانى ما عانى في حياته من فقدٍ لأبويه وضياعٍ لأخوته وبني جنسه.[12]
فبعد ما ألقت الشرطة القبض عليه وحكم عليه سنة 1946م بالسجن عشر سنوات زجل به إلى سجن "تشارلز تاون" العتيق فكانت قضبان السجن ذات ألم رهيب على نفس مالكوم؛ لذا كان عنيداًَ يسب حراسه حتى يحبس حبساً انفرادياً، وتعلم من الحبس الانفرادي أن يكون ذا إرادة قوية يستطيع من خلالها التخلي عن كثير من عاداته، وفي عام 1947م تأثر بأحد السجناء ويدعى "بيمبي" الذي كان يتكلم عن الدين والعدل فزعزع بكلامه ذلك الكفر والشك من نفس مالكوم، وكان بيمبي يقول للسجناء:
«إن من خارج السجن ليسوا بأفضل منهم، وإن الفارق بينهم وبين من في الخارج أنهم لم يقعوا في يد العدالة بعد»
وفي عام 1948م انتقل إلى سجن كونكورد وكتب إليه أخوه "فيلبيرت" أنه اهتدى إلى الدين الطبيعي للرجل الأسود، ونصحه ألا يدخن وألا يأكل لحم الخنزير، وامتثل مالكوم لنصح أخيه ثم علم أن إخوته جميعاً في دترويت وشيكاغو قد أهتدوا إلى الإسلام، وأنهم يتمنون أن يسلم مثلهم. فقد اعتنق جميع إخوة مالكوم أكس الدين الإسلامي على يد محمد إلايجا والذي كان يدعي أنه نبي من عند الله مرسل للسود فقط. فسعوا لإقناع مالكوم أكس بالدخول في الإسلام بشتى الوسائل والسبل حتى أسلم.
فتحسنت أخلاقه وسمت شخصيته وأصبح يشارك في الخطب والمناظرات داخل السجن للدعوة إلى الإسلام.[3] وقد أرسل له أخيه فيلبيرت بأنه اهتدى والتحق بالتنظيم المعروف بأمة الإسلام, فهجاه وشتمه مالكوم في رده على هذه الرسالة لأن له موقف شديد تجاه الدين مما حدا بالسجناء تسميته باسم الشيطان. في هذه الفترة أخذ جميع إخوان مالكوم يدعون له بالهداية ويرسلون الرسائل التي تأمل أحداها وأعلن إسلامه وتقول بأن ليس للرجل الأبيض أن يستعبد الأسود فكلهم خلقوا سواسية.[13] ثم انتقل مالكوم إلى سجن "ينورفولك" وهو سجن مخفف في عقوباته يقع في الريف ويحاضر فيه بعض أساتذة الجامعة من هارفارد وبوسطن وبه مكتبة ضخمة تحوي عشرة آلاف مجلد قديم ونادر.
في هذا السجن زاره أخوه "ويجالند" الذي انضم إلى حركة "أمة الإسلام" بزعامة إليجاه محمد، التي تنادي بأفكار عنصرية منها أن الإسلام دين للسود، وأن الشيطان أبيض والملاك أسود، وأن المسيحية هي دين للبيض، وأن الزنجي تعلم من المسيحية أن يكره نفسه؛ لأنه تعلم منها أن يكره كل ما هو أسود.[1] انتسب مالكوم أكس وإخوته إلى هذه الحركة التي كان لديها مفاهيم مغلوطة وأسس عنصرية منافية للإسلام رغم اتخاذها له كشعار براق وهو منها براء. فقد كانت تتعصب للعرق الأسود وتجعل الإسلام حكراً عليه فقط دون بقية الأجناس، في الوقت الذي كانوا يتحلون فيه بأخلاق الإسلام الفاضلة وقيمه السامية. أي أنهم أخذوا من الإسلام مظهره وتركوا جوهره ومخبره.[3]
[عدل]القراءة
أسلم مالكوم على هذه الأفكار واتجه في سجنه إلى القراءة الشديدة والمتعمقة فقرأ مواضيع كثيرة خاصة في تاريخ الرجل الأسود، وبعض الأمور التي كونت تفكيره مثل قراءة عن الجينات وكيف أن الرجل الأسود قد ينتج أبيضًا ولا يمكن لرجل أبيض أن ينتج أسودًا وزاد قاموسه من الكلمات الإنجليزية أكثر من استطاعة أي رجل عادي، وانقطعت شهيته عن الطعام والشراب وحاول أن يصل إلى الحقيقة وكان سبيله الأول هو الاعتراف بالذنب، ورأى أنه على قدر زلته تكون توبته. فلم يقاطع المراسلة مع إليجاه محمد طوال فترة إسلامه في السجن إلى أن خرج.[1]
فقد نصحه زميله في السجن بيمبي أن يتعلم، فتردد مالكوم على مكتبة السجن وتعلم اللغة اللاتينية. ففي السجن انقطع مالكوم أكس عن التدخين أو أكل لحوم الخنزير، وعكف على القراءة والإطلاع إلى درجة أنه التهم آلاف الكتب في شتى صنوف المعرفة فأسس لنفسه ثقافة عالية مكنته من استكمال جوانب النقص في شخصيته.[3] فبدأ يحاكي صديقه القديم "بيمبي" في تثقيف نفسه ثم حفظ المعجم فتحسنت ثقافته، وبدا السجن له كأنه واحة أو مرحلة اعتكاف علمي، وانفتحت بصيرته على عالم جديد، فكان يقرأ في اليوم خمس عشرة ساعة وعندما تطفأ أنوار السجن في العاشرة مساء كان يقرأ على ضوء المصباح الذي في الممر حتى الصباح.[12] وشرع بنسخ كلمات القاموس كلمة إثر كلمة.[6]
فقرأ قصة الحضارة وتاريخ العالم، وما كتبه النمساوي مندل في علم الوراثة، وتأثر بكلامه في أن أصل لون الإنسان كان أسود، وقرأ عن معاناة السود والعبيد والهنود من الرجل الأبيض وتجارة الرقيق، قرأ أيضاً لمعظم فلاسفة الشرق والغرب، وأعجب بسبينوزا لأنه فيلسوف أسود، وغيرت القراءة مجرى حياته، وكان هدفه منها أن يحيا فكرياً لأنه أدرك أن الأسود في أمريكا يعيش أصم أبكم أعمى ودخل في السجن في مناظرات أكسبته خبرة في مخاطبة الجماهير والقدرة على الجدل، وبدأ يدعو غيره من السجناء السود إلى حركة أمة الإسلام فاشتهر أمره بين السجناء. فكانت هذه اللمناظرات العديدة التي كان له فيها الباع الأطول ملكته قوة الحجة وفصاحة اللسان.[12]
فخرج بآراء تتفق مع آراء إليجاه محمد في أن البيض عاملوا غيرهم من الشعوب معاملة الشيطان.[1] استمر مالكوم أكس في صفوف أمة الإسلام يدعو إلى الانخراط فيها بخطبه البليغة وشخصيته القوية فكان ساعداً لا يمل، وذراعاً لا تكل من القوة والنشاط والعنفوان حتى استطاع جذب الكثيرين للانضمام إلى هذه الحركة. ثم صدر بحقه عفو وأطلق سراحه لئلا يبقى يدعو للإسلام داخل السجن.[3] لأن الحكم عليه كان بالسجن لمدة 10 سنوات فتم إطلاق سراحه بعد أن قضى بالسجن 7 سنوات فقط.[10]
[عدل]منظمة أمة الإسلام
مقال تفصيلي :أمة الإسلام
ظهرت في أوائل القرن الهجري السابع عشر حركة بين السود في أمريكا تبنت الإسلام بمفاهيم خاصة غلبت عليها الروح العنصرية عرفت باسم أمة الإسلام، وذلك على يد رجل أسود غامض الأصل اسمه والاس فارد ظهر فجأة في ولاية ديترويت داعيًا إلى مذهبه بين السود وقد اختفى بصورة غامضة بعد ذلك بأربع سنوات، فحمل لواء الدعوة بعده إليجا محمد وصار رئيسًا لأمة الإسلام.
كانت هذه الحركة تدعو إلى تفوق الجنس الأسود وسيادته على الأبيض ووصف البيض بأنهم شياطين وأن الملاك أسود والشيطان أبيض، وكانت عقيدة هذه الجماعة منحرفة باطلة أشبه بالحركات الباطنية فلقد أعلن زعيم الحركة إليجا محمد بأنه رسول من الله وأن الإله ليس شيءًا غيبيًا بل يجب أن يكون متجسدًا في شخص وهذا الشخص هو فاراد الذي حل فيه الإله وهو جدير بالدعاء والعبادة لذلك فالصلاة عندهم عبارة عن قراءة الفاتحة مع دعاء مأثور والتوجه نحو مكة واستحضار صورة فارد في الأذهان. ولا يؤمن إليجا محمد إلا بما يخضع للحس لذلك فهو لا يؤمن بالملائكة والغيبيات والبعث عنده عقليًا للسود الأمريكيين فقط، والصوم عندهم في شهر ديسمبر من كل عام مع إلزام كل عضو بالحركة أن يدفع عشر دخله لصالح الحركة، ونستطيع أن نقول أن هذه الحركة كانت تنظر للإسلام على أنه إرث روحي سوف ينقذ السود من سيطرة البيض عليهم.[4] راسل مالكوم "إليجا محمد" الذي كان يعتبر نفسه رسولاً، وتأثر بأفكارهِ وبدأ يراسل كل أصدقائه القدامى في الإجرام وهو في السجن ليدعوهم إلى الإسلام.
ثم خرج مالكوم من السجن سنة 1952م وهو ينوي أن يعمق معرفته بإليجا محمد، فذهب إلى أخيه في دترويت وهناك تعلم قراءة الفاتحة [1] بعد ست سنوات من السجن وعمل مع أخيه في دترويت في محل لبيع الأثاث وبعد عدة أشهر حضر أحد نشاطات " أمة الإسلام" حيث خطب إليجاه محمد، وانضم رسمياً الي منظمته، وتحول الي حياة الزهد والتعلم.[6] وذهب إلى المسجد، وتأثر بأخلاق المسلمين، وفي المسجد استرعت انتباهه عبارتان: الأولى تقول: إسلام = حرية، عدالة، مساواة والأخرى مكتوبة على العلم الأمريكي وهي: عبودية, ألم، موت ".[1] وقبل هذا اشترى مالكوم إكس لنفسه حقيبة وساعة يد ونظارة بعد إطلاق سراحه من السجن مباشرة ويقول إن الاشياء التي اشتراها بعد خروجه من السجن هي أكثر الاشياء التي استعملها في حياته.[10] ثم التقى بإليجا محمد، وانضم إلى حركة أمة الإسلام وبدأ يدعو الشاب الأسود في البارات والأماكن الفاحشة إلى هذه الحركة فتأثر به كثيرون لأنه كان خطيباً مفوهًا ذا حماس شديد فذاع صيته حتى أصبح في فترة وجيزة إماماً ثابتاً في مسجد دترويت [1] بعد أن كان مساعد إمام من ثم تفرغه للدعوة.[13] وقبل هذا كله عمل مالكوم إكس بعد خروجه من السجن في شركة فورد للسيارات فترة ثم تركها وأصبح رجل دين.[1]
مالكوم إكس في إحدى ندواته في مارس 1964م.
ونظراً لقدراته التنظيمية والقيادية والخطابية فقد تدرج مالكوم شيئاً فشيئاً ضمن الجماعة إلى أن أصبح الداعية الأول خلف مؤسس الجماعة في أمة الإسلام يدعو إلى الانخراط فيها بخطبه البليغة وشخصيته القوية فكان ساعداً لا يمل وذراعاً لا تكل من القوة والنشاط والعنفوان حتى استطاع جذب الكثيرين للانضمام إلى هذه الحركة، وهو بذلك غير غائبٍ عن متابعة السلطات الأمريكية له.[12] فقد اعتلا مالكوم أعلى المناصب في منظمة أمة الإسلام وتقلد منصب المتحدث الرسمي لأمة الإسلام. ويرجع الفضل لمالكوم لازدياد أتباع أمة الإسلام من 500 شخص في عام 1952 إلى 30,000 شخص في عام 1963. إضافة إلى أنه اختلف اختلافاً جذرياً مع سياسة مارتن لوثر كنج الداعية إلى اللاعنف. واستقطب الجماهير بخطبه العصماء كما نجح مالكوم إلى استقطاب مكتب المباحث الفدرالي الذي راقب مالكوم عن كثب وتنصت على مكالماته التلفونية وزرع الجواسيس في أمة الإسلام.[10]
امتاز مالكوم إكس بأنه يخاطب الناس باللغة التي يفهمونها فاهتدى على يديه كثير من السود وزار عدداً من المدن الكبرى، وكان مالكوم إكس همه الأول هو منظمة أمة الإسلام فكان لا يقوم بعمل حتى يقدر عواقبه على هذه الحركة. وأصبح صوته مبحوحاً من كثرة خطبه في المسجد والدعوة إلى منظمة أمة الإسلام وكان في دعوته يميل إلى الصراع والتحدي لأنه ينسجم مع طبعه.[1] في العام 1953 أصبح مساعدا لإمام مسجد رقم 1 في ديترويت فأماماً لمسجد رقم 88 في بوسطن، ثم تنقل للعمل في عدة مساجد في مدن أميركية مختلفة، قبل أن يتزوج في العام 1958 من بيتي ساندرس وفي العام التالي ذهب في رحلة طويلة الي مصر والسعودية وإيران وسوريا وغانا، والتقي بالرئيس جمال عبد الناصر، وكان من المفروض أن يزور مكة ولكنه اضطر إلي العودة بسبب مرضه.[6]
في نهاية عام 1959م بدأ ظهور مالكوم في وسائل الإعلام الأمريكية كمتحدث باسم حركة أمة الإسلام، فظهر في برنامج بعنوان: الكراهية التي ولدتها الكراهية وأصبح نجماً إعلامياً انهالت عليه المكالمات الهاتفية وكتبت عنه الصحافة وشارك في كثير من المناظرات التلفزيونية والإذاعية والصحفية فبدأت السلطات الأمنية تراقبه خاصة بعد عام 1961م. وبدأت في تلك الفترة موجة تعلم اللغة العربية بين أمة الإسلام لأنها اللغة الأصلية للرجل الأسود كما يقولون. وكانت دعوة مالكوم في تلك الفترة تنادي على أساس أن للإنسان الأسود حقوقاً إنسانية قبل حقوقه المدنية، وأن الأسود يريد أن يكرم كبني آدم، وألا يعزل في أحياء حقيرة كالحيوانات وألا يعيش متخفياً بين الناس.[1] وفي عام 1962 عين إماماً قومياً في منظمة " أمة الإسلام " وفي العام التالي أصدر إليجاه محمد أوامر لجميع الأئمة بعدم التعليق علي مقتل الرئيس الأميركي جون كينيدي، ولكن مالكوم صرح بأن سلاح كينيدي قد أرتد إلي نحره وحصد ما زرعه وبأسرع مما توقع هو نفسه فعمد إليجاه محمد إلي تجميد عضوية مالكوم في المنظمة، وكانت الخلافات قد نشبت بينهما قبل ذلك بعدة أشهر فقدم مالكوم استقالته من المنظمة وذهب في رحلة قام خلالها بأداء فريضة الحج.[6]
[عدل]نظرية تغيير الاسم وزواجه
غير مالكوم اسمه من" مالكوم ليتل " الي "مالكوم أكس" - حرف الإنجليزية X - وكان هذا إجراء معهوداً من قبل المنضوين في تلك المنظمة وهو يرمز الي الاسم الأخير الذي سلب منهم جراء استبعادهم علي يد البيض.[6] فقد فسر مالكوم الاسم الذي اختاره لنفسه بقوله:
« إن إكس ترمز لما كنت عليه وما قد أصبحت، كما يعني ـ في الرياضيات ـ المجهول وغير معلوم الأصل.»
وبما أن السود في أمريكا منفصلون عن أصولهم وجذورهم، فقد فضل مالكوم استخدام إكس على اللقب الذي منح لأجداده من قبل مالكيهم بعد جلبهم من إفريقيا إلى أمريكا كعبيد بدلاً من ليتل نظراً لضياع اسم العائلة الحقيقي أثناء فترات العبودية السابقة التي عانى منها أجداده،[12] ولنفس الأسباب قام العديد من أعضاء حركة أمة الإسلام بتغيير ألقابهم إلى إكس لاقتناعهم بآراء مالكوم. فقد كان مالكوم من الاتباع المخلصين لأمة الإسلام وكان على قناعة ان العبودية الأمريكية للزنوج أضاعت الكنى الأصلية للمواطنين السود بعد أن سمّاهم البيض بأسماء مسيحية وقام مالكوم على هذا الأساس بتغيير كنيته إلى "اكس" كناية عن ضياع كنيته الأصلية.[10] ثم تزوج مالكوم في هذه المرحلة من إحدى فتيات أمة الإسلام بيتي شباز - بيتي سانرس سابقاً - وكان له منها أربع فتيات،[12] وقد سمى الأولى عتيلة، على اسم القائد الذي نهب روما.[14]
[عدل]مالكوم إكس ومارتن لوثر
مالكوم إكس والناشط الحقوقي المحامي مارتن لوثر كينج في مؤتمر حول حقوق السود المدنية. في أكتوبر 1964م هو اللقاء الوحيد الذي جمعهما والذي دام دقيقة واحدة فقط.
تعد مأساة استبعاد الأفارقة السود على يد المستوطنين الأمركيين طوال 400 عام أحد أشد فصول التاريخ عنفاً ووحشية وفي المقابل نشأت فصول من المقاومة والنضال قام بها الأفارقة السود منذ الأيام الأولى لاستبعادهم والي يومنا هذا مشكلة ملحمة من البطولة والنضال تكاد لا توازيها تجربة أخرى في العالم من حيث تنوعها وعمقها التاريخي وآثارها على التاريخ الإنساني. ويعد مالكوم اكس من أهم قادة الحركة التحريرية رغم أن فترة نشاطه السياسي لا تتجاوز العقد من الزمان.[6]
وتنبع أهميتة من عدة أسباب فقد ظهر في فترة كان التيار السائد فيها هو التيار اللاعنف في حين كان مالكوم ينادى بأن على السود الأخذ بأسباب القوة وبالدفاع عن النفس " بكل الوسائل الضرورية " فكان إن جذب عدداً كبيراً من الناس إلى المقاومة العنيفة التي شكلت - مع التيارات التحريرية الأخرى - ضغطاُ على الحكومة الأمريكية دفعها الي إجراء تغيرات جذرية في القوانين المجحفة بحق السود. كذلك طور مالكوم الكثير من الأفكار والمبادرات التي غيرت من مسار نضال السود في أميركا ومهدت السبل لظهور عدة منظمات وأفكار على الساحة السياسية بعد غيابه مثل منظمة " الفهود السود " وفكرة " قوة السود ". وتشكل أفكاره مكوناً أساسياً لا غني عنه من مكونات نضال السود في أميركا.[6]
أكثر ما يثير في فكرة مالكوم اكس هو التطور السريع والتجدد والاستفادة من التجارب فهو يقول في رسالة بعثها الي زوجته أثناء أدائه فريضة الحج [6] :«كنت على الدوام رجلاً يحاول مواجهة الحقائق وتقبل واقع الحياه كما تكشف عنه المعارف والخبرات الجديدة.»
عاش كل من مالكوم ولوثر في نفس الفترة. كان كل واحد منهما ذلك الخطيب الملهم الذي لا تنقصه لا الشجاعة ولا الحجة والفصاحة. كانا متقاربين في السن يراوحان على نفس المدن ويحفهما أتباع كثر ومخاطر أكثر. وقد اغتيلا في النهاية في فترة متقاربة والخطابة هي من رسمت نقاطاً مفصلية للسود في تاريخهم.[15]
لقد كانت رفيقة درب ودابة أمينة للعرق الأسود الأميركي في نضاله فخطبة إبراهام لنكولن عن إنسانية الإنسان الأسود قامت بتحريرهم وخطبة لوثر عن المساواة والعدالة الاجتماعية سددت حقوقهم المدنية وخطبة أوباما عن التغيير أدخلتهم البيت الأبيض. في تلك الفترة كان مالكوم صاحب كاريزما خطابية أكثر إثارة فحرارته واندفاعه كانتا خير ترجمان لغضب السود وحنقهم وإن كان لوثر قد قرأ خطبة الحلم - خطبة القرن في أميركا - من ورقة وبكلمات هادئة متقطعة فإن مالكوم لم يقرأ خطبه من ورقة قط ولم تكن كلماته أبداً متقطعة بل كانت كرصاص لا يهادن.[15]
إن الاختلاف الرئيس بين الاثنين كان في مسألة اختيار الطريق ففيها كان كل واحد منهما ينسج على نول مختلف. كانا متغايرين في فحوى ومحتوى هذا الكلام. لقد كان الفرق بينهما هو العنف واللاعنف بين من يكسب الأعداء ومن يخسر حتى الأصدقاء. لقد كان هدف لوثر واضحاً ومحدداً وهو أن يدرك الجنس الأبيض أن الكيان الأسود هو قطعة أصيلة في موزايين هذا المجتمع وأن يتساوى الجميع في حقوقهم تحت ظل مجتمع واحد. أما مالكوم فكان هدفه وهدف أليجا محمد من قبله هو القطيعة الكاملة مع البيض وانتظار أحد أمرين إما قارعة إلهية تهلك البيض جميعاً أو العودة بالسود إلى أفريقيا أرضهم الأم. لقد هاجم مالكوم مارتن لوثر مراراً واتهمه مع أتباعه بالجبن والمهادنة والركون إلى الشيطان الأبيض. وكان لوثر دائماً في موقع المدافع كان يحاول شرح وجهة نظره وإيصال خطته النضالية من غير زوائد. وفي لقاء تلفزيوني قال عنه مالكوم:« إن منهج الدكتور كنج منهج غير واقعي إنه منهج مشكوك فيه وبالتأكيد لن يصل إلى الهدف الصحيح.[15]»
[عدل]مالكوم وإليجاه محمد
بالقدر الذي كان مالكوم إكس منهمكاً فيه بالدعوة لأمة الإسلام بالقدر الذي بدأت تثار حول مؤسس الجماعة إليجاه محمد الأقاويل فقد كان على علاقة وثيقة بكل السكرتيرات اللواتي خدمن في مكتبه وكان له منهن عدة أولاد، ليكون الانفصال التام بينه وبين أمة الإسلام ـ والتي لم يحبذ كثير من أعضائها المكانة التي وصل إليها مالكوم إكس في المجتمع الأمريكي ـ إثر تصريح له عقب اغتيال الرئيس الأمريكي كيندي.[12] إذ في مطلع ستينيات القرن العشرين اختلطت الامور على مالكوم نتيجة الشائعات القائلة ان الأب الروحي لأمة الإسلام "اليجا محمد" منغمس بعلاقات جنسية غير شرعية ولبعد الأمة عن حركة الحقوق المدنية. وبالرغم من تبني أمة الإسلام لموقف معاد للبيض، إلا أن الأمة لم تمارس أي من النشاطات في الجنوب الأمريكي حيث العنصرية على أوجها تجاه السود.
وفي ضوء هذا تنامت الفرقة بين مالكوم والأب الروحي للأمة عندما اتضح ان اليجا محمد ضاجع ستة من سكرتيراته القصر وحمل السكرتيرات حملاً غير شرعي وأصبح اليجا أباً لثمانية أبناء غير شرعيين. وأمر اليجا مالكوم بعدم التحدث بالمؤتمرات العامة بعدما وصف مالكوم حادثة اغتيال الرئيس كندي وصفاً لاذعاً، خصوصاً ان الرئيس الراحل كان محبوباً من قبل السود لتعاطفه معهم. ونتيجة عصيان مالكوم للأوامر واتساع الهوة بينه وبين الأمة، قام مالكوم على تأسيس منظمة منشقة عن أمة الإسلام وأسماها "مؤسسة المسجد الإسلامي في عام 1964.[10] ورغم كل هذا إلا أن مالكوم حاول أن يجد له العذر ومن ثم صدمه بقرار اسكاته بعد تصريحاته عقب إغتيال الرئيس جون كندي ومن ثم انفصاله عن أمة الإسلام فعليا وتكوينه لمنظمته الخاصة.[8]
[عدل]الحج
مالكوم يؤدي الصلاة. عام 1964م
بدأ مالكوم في طور جديد من حياته عندما قرأ كتابًا في تعاليم الإسلام وعن فريضة الحج [4] فرغب في تأدية الحج [3] فقدر له أن يقوم بالحج وذلك سنة 1379 هـ [4] فقد أدرك أن الإسلام هو الذي أعطاه الأجنحة التي يحلق بها فقرر أن يطير لأداء فريضة الحج في عام 1964م وزار العالم الإسلامي ورأى أن الطائرة التي أقلعت به من القاهرة للحج بها ألوان مختلفة من الحجيج، وأن الإسلام ليس دين الرجل الأسود فقط بل هو دين الإنسان.[1] وبالفعل ذهب لمكة المكرمة وقضى بها اثنى عشر يومًا وهاله ما رآه هناك من مسلمين بيض وسود كلهم على قلب رجل واحد وبينهم مساواة ومحبة [4] وهذا الذي ما لم يخطر بباله بأن يرى الأبيض والاسود بلباس الحج الموحد يهيم كل منهم على قضاء الفريضة. لم يكن البيض متميزين عن السود في مكة المكرمة.[10] وود تعلم الصلاة الصحيحة التي كان يجهلها تمامًا.[4] وتعجب من نفسه كيف يكون زعيماً ورجل دين مسلم في حركة أمة الإسلام ولا يعرف كيف يصلي.[1] فرأى الإسلام الصحيح عن كثب وتعرف على حقيقته وأدرك ضلال المذهب العنصري الذي كان يعتنقه ويدعو إليه.[3]
والتقى بعدد من الشخصيات الإسلامية البارزة منها الدكتور عبد الرحمن عزام صهر الملك فيصل ومستشاره وهزه كرم الرجل معه وحفاوته به. وتأثر مالكوم بمشهد الكعبة وأصوات التلبية، وبساطة وإخاء المسلمين ويقول في ذلك:
« في حياتي لم أشهد أصدق من هذا الإخاء بين أناس من جميع الألوان والأجناس، إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يملك حل مشكلة العنصرية فيها»
وقضى 12 يوماً جالساً مع المسلمين في الحج ورأى بعضهم شديدي البياض زرق العيون، لكنهم مسلمون ورأى أن الناس متساوون أمام الله بعيداً عن سرطان العنصرية. ثم غير مالكوم اسمه إلى الحاج مالك الشباز والتقى الملك فيصل الذي قال له:
« أن حركة أمة الإسلام بها الكثير من الأخطاء التي تتعارض مع الإسلام»
وبعد انتهائه من الحج غادر مالكوم جدة في إبريل 1964م وزار عددا من الدول العربية والإفريقية، ورأى في أسبوعين ما لم يره في 39 عاماً، وخرج بمعادلة هي: إدانة كل البيض يساوي إدانة كل السود.[1] وفي زيارته قابل العديد من العلماء بالسعودية ودخل مصر والسودان والحجاز والتقى مع علمائها وقابل شيخ الأزهر ومفتي مصر حسنين مخلوف، وكانت الزيارة بمثابة حياة جديدة وبحث جديد له، فأعلن إسلامه من جديد وعاد لأمريكا ليبدأ مرحلة جديدة وخطيرة من حياته.[4] فتلك الصورة التي رآها مالكوم في الحج غيرت مفاهيمه بإنشاء أمة مسلمة تتكون من السود دون البيض. عائداً برسالة جديدة واسم جديد " الحاج مالك شاباز". وتدعو رسالته الجديدة جميع الأعراق والأجناس إلى التعايش بسلام.[10]
مالكوم إكس محاط بوسائل الإعلام.
[عدل]تجديد الدين والدعوة
تخلص مالكوم من عنصريته الأمريكية في مكة ذلك الأمريكي الأسود الذي أسلم على يد جماعة عانت اضطهاد البيض - أمة الإسلام - فقادتها العنصرية البيضاء إلى عنصرية سوداء ورغم أن الإسلام جعل من مالكوم قائداً ينافس مارتن لوثر كينج شعبية وتأثيراً إلا أنه ظل حاقداً على كل ما هو أبيض. فعجزت أمريكا عن اقتلاع عنصريته ومعاناته بل كرستها أما مكة فلم تعجز. فتلاشت عنصريته حين رأى الأبيض والأسود يأكلون من الطبق الذي يأكل منه، ويلبسون الملابس التي يلبسها، ويتوجهون للواحد الأحد عندها كتب من مكة عن إسلام بلا فوارق أو ألوان.[16]
عاد مالك شباز - اسم مالكوم إكس الجديد - لأمريكا سنة 1380 هـ وأعلن براءته من مبادئ حركة أمة الإسلام العنصرية وحاول إقناع زعيمها إليجاه محمد بأخطائه ودعاه لزيارة الكعبة ولكن إليجا محمد غضب بشدة واعتبره منشقًا عن الحركة وطرده منها فشكل مالك جماعة جديدة سماها جماعة أهل السنة وبدأ يدعو للدين الحق بصورته الصحيحة، وبنفس الحماس السابق المعهود عنه أخذ مالكوم في دعوة المسلمين السود وغيرهم للدين الحق وكثر أتباعه خاصة من السود.[4] واشتعلت الفتنة بين مالكوم وإيجا بعد اتهام مالكوم إكس إليجاه بالزنى.[13]
لم تعجب هذه الأفعال زعيم أمة الإسلام إليجا محمد فهدد مالك شباز وأمره أن يكف عن دعوته الحقة وشن عليه حملة إعلامية شديدة لصد الناس عنه ولم تكن هذه الأمور والتهديدات تزيد مالكًا إلا إصرارًا ومواصلة للدعوة بين الناس [4] وفي 14 فبراير بعد صدور أوامر من أمة الإسلام بقتله أضرموا النار في بيته لكنه نجى،[17] وأخذت الصحف الأمريكية في شن حرب ضده ووصفه بأنه يريد أن يدمر أمريكا ويثير ثورة بين السود والعجيب أن مالكوم عندما كان يدعو لدعوة منحرفة عنصرية مجدته الصحف وفتح التلفاز له أبوابه، وعندما بدأ يدعو للدين الحق والسنة الصحيحة هاجموه وحاربوه مما يوضح أن هذه الدعوة والحركة العنصرية كانت تتلقى دعمًا من جهات معنية ترغب في نشر هذه المفاهيم الخاطئة عن الإسلام بين الأمريكيين.[4]
لقد كان خروج مالكوم من جماعة أمة الإسلام بمثابة ولادة ثانية له عقب الأولى داخل السجن، فقد انقشعت تلك الغشاوة عن عينيه وبدأ يبصر الأشياء على حقيقتها، فقد تحرر من أغلال ذاك التنظيم ليبرز زعيماً لا منافس له بين السود الأمريكيين منافحاً عن حقوقهم لكن هذه المرة بعيداً عن ذاك التعصب الأعمى، متوجاً هذه المرحلة من حياته برحلة حجٍ إلى مكة تعرف من خلالها على العالم الإسلامي وعلى دين الله الصحيح، فوجد فيه رسالةً لتحرير الإنسان كل الإنسان مهما كان لونه وعرقه من أغلال العبودية والإستغلال، رسالةً كانت أمريكا في ذاك الوقت في أمس الحاجة لفهمها لأن الإسلام كما ذكر مالكوم أثناء حجه:
«الدين الوحيد الذي يملك حل المشكلة العنصرية فيها.»
وليس أبلغ من كلمات لوصف هذه الرحلة من ما ذكره مالكوم بنفسه حيث قال:
« لقد أوسع الحج نطاق تفكيري وفتح بصيرتي فرأيت في أسبوعين ما لم أره في تسعٍ وثلاثين سنة، رأيت كل الأجناس من البيض ذوي العيون الزرق حتى الأفارقة ذوي الجلود السوداء وقد ألّفت بين قلوبهم الوحدة والأخوة الحقيقية فأصبحوا يعيشون وكأنهم ذاتٌ واحدة في كنف الله الواحد.»
عاد الحاج مالكوم الشباز إلى بلاده إنساناً جديداً باسمٍ جديد يشير إلى أصوله الأفريقية ليتابع نضاله ضد التمييز العنصري في أمريكا متسلحاً بالإيمان ناشراً دين الله في طول البلاد وعرضها، فالإسلام كما يذكر مالكوم:
«الدين الوحيد الذي كان له القوة ما جعله يقف في وجه مسيحية الرجل الأبيض ويحاربها.»
يقصد بذلك المسيحية التي حملها المستعمر في حملاته الصليبية على العالم، لقد أصبحت بذلك دعوة مالكوم عالمية فزار العديد من بلاد العالم وخصوصاً في القارة السمراء مؤسساً بذلك منظمة الوحدة الأفروأمريكية وقد أضحى أعلى صوتاً وأقوى حجة زارعاً بذور الحقد والضغينة في قلوب جماعة أمة الإسلام ومؤسسها وقد بدأ رصيدها في الانحدار ليتخذ القرار بإسكاته عن طريق التهديد المتواصل أو قتله إذا اقتضى الأمر، وهذا كله يجري تحت نظر وسمع وكالة المخابرات الأمريكية.[12] لقد زاد مالكوم من نشاطه محاولاً أن يعطي كل ما لديه قبل فوات الأوان، فقد عرف بفطرته السليمة وخبرته الواسعة وعلمه الغزير أن أجله قد اقترب فهذا هو درب السائرين إلى الله الساعين إلى الإصلاح ينتقلون من محنة إلى أخرى إلى أن يختارهم الله إلى جواره، إنه زمن الشهادة قالها مالكوم لأحد الصحفيين:
« أنا الآن أعيش زمن الاستشهاد فإذا حدث ومت فإنني سأموت شهيد الأخوة وهي الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ البلاد، لقد وصلت إلى هذه القناعة بعد تجربة شاقة ولكنني وصلت إليها.»
لقد أراد مالكوم أن يحقق بموته ما سعى لتحقيقه في حياته يسجل هذه المرة ببرهان الدماء بعدما وصلت الحواس إلى نهاية الطريق. إنها الحرية التي قال عنها:قالب:اقبتاس فكان له ما أراد حيث انطلقت ست عشرة رصاصة لتستقر في جسده النحيل وهو واقف على المنصة يخطب الناس وذاك في الحادي والعشرين من شباط سنة 1965 بمدينة نيويورك، لينال الحرية المطلقة من كل أغلال الدنيا وأوزارها، لقد كان الختام ولنعم الختام.[12]
[عدل]اغتياله
مالكوم في الكفن قبل الدفن. ظهرت هذه الابتسامه على وجهه منذ حادثة قتله إلى اليوم الذي دفن فيه. وقبلها رفع اصبع السبابة بعد أن انزرعت الطلقات الستة عشرة في جسدة.
وهناك في الحج بعدما تعرف إلي الإسلام السني وكيف ينادي بالمساواة بين الأعراق، تخلى مالكوم عن إعتقاده بأن البيض شياطين وعقب ذلك أسس منظمة أسماها " مؤسسة المسجد الإسلامي " وأخرى حملت اسم " منظمة اتحاد الأفارقة الأميركيين " وأخذ يتجه بأفكاره نحو الاشتراكية محاولاً في هذه المنظمة الأخيرة أن يجد أرضية مشتركة للنضال تضم جميع المناضلين السود وعلي الرغم من سعيه الي الإبتعاد عن النزاع مع " أمة الإسلام " فقد نشب بين الطرفين خصام علني فيما بعد وامرته المنظمة بإخلاء بيته لأنه ملك لها وفي تلك الفترة جرت محاولة لأغتياله، ثم أحرق بيته.[6]
فنذر نفسه للدعوة إلى الإسلام الحقيقي وحاول تصحيح مفاهيم جماعة أمة الإسلام الضالة المضلة إلا أنه قوبل بالعداء والكراهية منهم وبدءوا في مضايقته وتهديده فلم يأبه لذلك، وظل يسير في خطى واضحة راسخة يدعو للإسلام الصحيح الذي يقضي على جميع أشكال العنصرية.[3] فقد صاغ بعد عودته أفكاراً جديدة تدعو إلى "الإسلام الصحيح" "الإسلام اللاعنصري" وأخذ يدعو إليه ونادى بأخوة بني الإنسان بغض النظر عن اللون ودعا إلى التعايش بين البيض والسود لذلك هاجموه وحاربوه، وأحجمت الصحف الأمريكية عن نشر أي شيء عن هذا الاتجاه الجديد، واتهموه بتحريض السود على العصيان فقال:
«عندما تكون عوامل الانفجار الاجتماعي موجودة لا تحتاج ال
كان الرجل الثاني في حركة تسعى لتوحيد السود في أنحاء العالم. اغتيل في مدينة نيويورك. فسر أتباعه موته بأنه تضحية من أجل الثورة السوداء، وسرعان ما أصبح بطلاً لتلك الحركة. في عام 1946م، حكم على مالكوم إكس بالسجن في ولاية ماساشوسيتس بالولايات المتحدة الأمريكية بتهمة السطو. وأثناء وجوده بالسجن تبنى معتقدات المسلمين السود، وهم أعضاء حركة دينية كانت تؤمن في ذلك الوقت بانفصال الأعراق. وبعد إطلاق سراحه في عام 1952م، أصبح مالكوم إكس متحدثا رسميًا باسم المسلمين السود. وفي عام 1964م، وعقب اختلافه مع زعيم المسلمين السود، أليجا محمد، كون مالكوم إكس جماعة منافسة، هي منظمة وحدة الأمريكيين من الأصل الإفريقي. وقد قتل مالكوم إكس قبل أن تترسخ هذه المنظمة.[2]
كان لمالكوم إكس الفضل الكبير بعد الله في نشر الدين الإسلامي بين الأمريكيين السود، في الوقت الذي كان السود في أمريكا يعانون بشدة من التميز العنصري بينهم وبين البيض، فكانوا يتعرضون لأنواع الذل والمهانة ويقاسون ويلات العذاب وصنوف الكراهية منهم.[3] فقد حفظ الله دعوة الإسلام ببلد متسع الأرجاء كثيف السكان مثل أمريكا وصحح مالكوم إكس مسار الحركة الإسلامية التي انحرفت بقوة عن الحق ودعا إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، وصبر على الصدود والإعراض والإيذاء حتى كانت نهايته كما تمنى شهيد كلماته ودعوته للحق.[4]
ولد مالكوم إكس أو مالك شباز بمدينة ديترويت سنة 1340 هـ لعائلة كبيرة وعائل فقير لم يلبث أن قتل للعنصرية على يد عصابة من البيض فنشأ مالكوم في هذه البيئة القائمة فشحن الفتى من صغره كرهًا وبغضًا على البيض وكل ما هو أبيض وطرد مالكوم من مدرسته وهو في السادة عشر من عمره فانتقل من مدينته إلى نيويورك حيث عاش حياة الفاسد والجريمة التي انتهت به إلى السجن وكان دخوله السجن نقطة تحول في حياته. حيث التقى في السجن بزميل له حثه على التفكير والقراءة فأثر في مالكوم بشدة وفي تلك الأثناء جاءته رسالة من أخيه يدعوه للدخول في الإسلام والانضمام لجماعة أمة الإسلام فأعلن مالكوم دخوله في الإسلام.
وأقبل على قراءة الكتب خاصة التاريخية والاجتماعية حتى أنه كان يقضي خمس عشر ساعة متصلة في القراءة حتى أتى على كتب كبار لم يتوفر لغيره قراءتها وحصل كمًا جيدًا من المعلومات، ودخل في مناظرات في السجن مع القساوسة والنصارى أكسبته جلدًا وحنكة وخبرة في مخاطبة الناس وإقناعهم.[4]
بعد أن خرج مالك من السجن قابل إليجا محمد زعيم حركة أمة الإسلام الذي توسم فيه الثورية والكره الشديد للبيض والقدرة الإقناعية العالية فضمه إلى مجلس إدارة الحركة وجعله وزيرًا - أي إمامًا - لمعبد في بنيويورك فأبدى مالك كفاءة هائلة في الدعوة للحركة ومخاطبة الناس وزار الجامعات والحدائق والسجون، وأماكن التجمعات لدعوة الناس للإسلام، وأثر بحلاوة كلامه في الكثيرين فأسلموا على يديه، ومن هؤلاء الملاكم العالمي محمد علي كلاي، وفتحت له قنوات التلفاز أبوابها يعقد المناظرات على الهواء ويدعو لحركته.[4]
كل هذا بسبب التحول الهائل الذي حصل له في السجن، والذي بسببه أصبح مالكوم اكس إلى الحاج مالك الشهباز، ويكون أكثر الأمريكيين السود تأثيرا، يمتد تأثيره إلى اشخاص مثل محمد علي كلاي، يقود الثورة السوداء ضد العنصرية البيضاء، وهو صاحب المقولة الصوت أو الرصاصة لكن في النهاية أتته رصاصة غادرة وضعت حدا لحياة حافلة بالاحداث والمواجهات, مات مالكوم اكس على يد الشخص الذي انتشله من عالم الانحطاط إلى العظمة.[5] ففي إحدى خطبه التي كان يقيمها للدعوة إلى الله أبى الطغاة إلا أن يخرسوا صوت الحق فقد اغتالته أيديهم وهو واقف على المنصة يخطب بالناس عندما انطلقت ست عشرة رصاصة غادرة نحو جسده النحيل الطويل وعندها كان الختام.[3]
محتويات [أخف]
1 النشأة
1.1 الأسرة
1.2 المدرسة
1.3 بوسطن ونيويورك
2 العمل
3 السجن
3.1 القراءة
4 منظمة أمة الإسلام
4.1 نظرية تغيير الاسم وزواجه
4.2 مالكوم إكس ومارتن لوثر
4.3 مالكوم وإليجاه محمد
5 الحج
5.1 تجديد الدين والدعوة
6 اغتياله
6.1 القاتل
7 كتابه وممتلكاته
8 انظر أيضاً
9 المصادر
10 المراجع
11 الوصلات الخارجية
[عدل]النشأة
[عدل]الأسرة
ولد مالكوم في 9 مايو 1925 في مدينة اوماها في ولاية نبراسكا وكان الرابع بين ثمانية أبناء. كان أبوه اير ليتل قسيساً معمدانياً وناشطاً سياسياً في أكبر منظمة للسود آنذاك وهي " الجمعية العالمية لتقدم الزنوج ". كانت حياة عائلة مالكوم عبارة عن سلسلة من النكبات فقد شهد الأب مقتل أربعة من أخواته الستة على يد العنصريين البيض، وتعرض لمضايقات وتهديدات من قبل العنصرين البيض بسبب نشاطاته السياسية، فرحل الي مدينة لانسنغ في ولاية ميشيغان في العام 1928م.
وبعد عدة شهور أحرق منزل العائلة من قبل منظمة كوكلوكس كلان العنصرية فرحلت العائلة من جديد إلي ضواحي مدينة لانسنغ. في العام 1931 قتل والد مالكوم بصورة وحشية علي يد العنصريين البيض ولكن السلطات ادعت أنه مات دهساً فرعت الأم أطفالها الثمانية دون مورد للرزق ولاسيما أن السلطات حجبت عنها كل الإعانات أو الحقوق المالية وفي العام 1939 أصيبت بانهيار عصبي فأدخلت مصحة للأمراض العقلية.[6]
والدي مالكوم هما "إيرل ليتل" و"لويز ليتل". كان والده من أتباع ماركوس غارفي الذي أنشأ جمعية بنيويورك ونادى بصفاء الجنس الأسود وعودته إلى أرض أجداده في أفريقيا. أما أمه فكانت من جزر الهند الغربية لكن لم تكن لها لهجة الزنوج، وضعته أمه وعمرها ثمانية وعشرون عاماً، كانت العنصرية في ذلك الوقت في الولايات المتحدة ما زالت على أشدها، وكان الزنجي الناجح في المدينة التي يعيش فيها مالكوم هو ماسح الأحذية أو البواب.[1]
مالكوم إكس في طفولته.
كان والده حريصاً على اصطحابه معه إلى الكنيسة في مدينة لانسينغ حيث كانت تعيش أسرته على ما يجمعه الأب من الكنائس، وكان يحضر مع أبيه اجتماعاته السياسية في "جمعية العالمية لتقدم الزنوج" التي تكثر خلالها الشعارات المعادية للبيض وكان الأب يختم هذه الاجتماعات بقوله:
« إلى الأمام أيها الجنس الجبار، بوسعك أن تحقق المعجزات.»
وكان والده يحبه للون بشرته الفاتح قليلاً عنه أما أمه فكانت تقسو عليه لذات السبب وتقول له:
«اخرج إلى الشمس ودعها تمسح عنك هذا الشحوب.»
وعندما بلغ مالكوم سن السادسة قتلت والده جماعة عنصرية بيضاء عام 1931م وهشمت رأسه [1] ووضعوه في طريق حافلة كهربائية دهسته حتى فارق الحياة [7] وتم اتهام والده لاحقاً بالانتحار [8] فكانت صدمة كبيرة للأسرة وبخاصة الأم التي أصبحت أرملة وهي في الرابعة والثلاثين من عمرها وتعول ثمانية أطفال فترك بعض الأبناء دراستهم وعملت الأم خادمة في بعض بيوت البيض لكنها كانت تطرد بعد فترة قصيرة لأسباب عنصرية.[1] وقبل والده فقد مالكوم أربعة من أعمامه على يد العنصريين البيض أيضاً.[9]
بدأت أحوال أسرة مالكوم أكس تتردى بسرعة مادياً ومعنوياً وباتوا يعيشون على المساعدات الاجتماعية من البيض والتي كانوا يماطلون في إعطائها.[3] فقد حاولت الأم ان تحصل على أي معونة إجتماعية لكي تستطيع ان تستمر في تربية الأولاد لكن لم توافق الهيئات الإجتماعية على اعطائها اي معونة لتربية الأطفال.[10] وكانت الأم ترفض وتأبى أن تأخذ الصدقات حتى تحافظ على الشيء الوحيد الذي يمتلكونه وهو كرامتهم، غير أن قسوة الفقر سنة 1934م جعلت مكتب المساعدة يتدخل في حياتهم، وقبلها كان الموظف الأبيض فيه يحرض الأبناء على أمهم. وأصبح الأطفال السود أطفال الدولة البيضاء، وتحكم الأبيض في الأسود بمقتضى القانون.[1]
ومع هذه الظروف القاسية عانت والدة مالكوم أكس من صدمة نفسية تطورت حتى أدخلت مستشفى للأمراض العقلية قضت فيه نصف حياتها، فتجرع مالكوم أكس وأخوته الثمانية مرارة فقد الأب والأم معاً، وأصبحوا أطفالاً تحت رعاية الدولة التي قامت بتوزيعهم على بيوت مختلفة.[3] أودعت الأم في المستشفى سنة 1939 وأنفصل مالكولم وأشقائه وأرسلو إلى منازل تبني مختلفة، وقد بقيت الأم في مستشفى الأمراض العقلية حتى قام مالكوم وإخوته إخراجها بعد 26 سنة.[10]
[عدل]المدرسة
التحق مالكوم بالمدرسة وهو في الخامسة من عمره وكانت تبعد عن مدينته ثمانية أميال. كان هو وعائلته الزنوج الوحيدين بالمدينة؛ لذا كان البيض يطلقون عليه الزنجي أو الأسود، حتى ظن مالكوم أن هذه الصفات جزء من اسمه، وكان الفتى الصغير عندما يعود من مدرسته يصرخ مطالباً بالطعام ويصرخ ليحصل على ما يريد ويقول في [1] ذلك:
«لقد تعلمت باكراً أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد.»
وتردت أخلاق مالكوم وعاش حياة التسكع والتطفل والسرقة وتم طرده من المدرسة وهو في السادسة عشرة من العمر وأودع سجن الأحداث. واستكمل تعليمه الثانوى في السجن،[11] فقد كان مالكوم شاباً يافعاً قوي البنية وكانت نظرات البيض المعجبة بقوته تشعره بأنه ليس إنساناً بل حيوان كالخنزير لا شعور له ولا إدراك، وكان بعض البيض يعاملونه معاملة حسنة، غير أن ذلك لم يكن كافياً للقضاء على بذور الكراهية والعنصرية في نفس الشاب الصغير؛ لذلك يقول:
«إن حسن المعاملة لا تعني شيئاً ما دام الرجل الأبيض لن ينظر إلي كما ينظر لنفسه، وعندما تتوغل في أعماق نفسه تجد أنه ما زال مقتنعاً بأنه أفضل مني.»
وتردد مالكوم على المدرسة الثانوية وهو في سجن الإصلاح، وكانت صفة الزنجي تلاحقه كظله، وشارك في الأنشطة الثقافية والرياضية بالمدرسة، وكانت صيحات الجمهور في الملعب له: "يا زنجي يا صدئ" تلاحقه في الأنشطة المختلفة وأظهر مالكوم إكس الشاب تفوقاً في التاريخ واللغة الإنجليزية.[1]
كان مالكوم إكس ذكياً نابهاً تفوق على جميع أقرانه فشعر أساتذته بالخوف منه مما حدا بهم إلى تحطيمه نفسياً ومعنوياً والسخرية.[3] فقد تخرج مالكوم من الثانوية بتفوق وحصل على أعلى الدرجات بين زملائه وكان يطمح أن يصبح محامياً غير أنة لم يكمل تعليمه وترك الدراسة بعد أن أخبره أحد المدرسين الذين كان يربطه به علاقة إحترام وتقدير متبادل أن حلمه بالذهاب إلى كلية الحقوق بعيد كل البعد عن الواقع كونه زنجياً.[10]
ففي نهاية المرحلة الثانوية طلب مستر ستراوسكي - معلم في المدرسة - من طلابه أن يتحدثوا عن أمنياتهم في المستقبل وتمنى مالكوم أن يصبح محامياً غير أن ستراوسكي نصحه ألا يفكر في المحاماة لأنه زنجي وألا يحلم بالمستحيل لأن المحاماة مهنة غير واقعية له وأن عليه أن يعمل نجاراً. كانت كلمات الأستاذ ذات مرارة وقسوة على وجدان الشاب لأن الأستاذ شجع جميع الطلاب على ما تمنوه إلا صاحب اللون الأسود لأنه في نظره لم يكن مؤهلاً لما يريد. فكانت هذه هي نقطة التحول في حياته. فقد ترك بعدها المدرسة وتنقل بين الأعمال المختلفة المهينة التي تليق بالزنوج.[3]
[عدل]بوسطن ونيويورك
وبعد معاناته المتكرره في العديد من منازل التبني أرسل إلى سجن الأحداث في عام 1940م، وعند خروجه انتقل مالكوم إلى بوسطن للعيش مع أخته الغير شقيقة إيلا ليتل كولينز. استقر مع شقيقته وعمل كماسح احذية انتقل بعدها إلى حي هارلم بمدينة نيويورك ومارس شتى أنواع الاجرام من سرقة وقوادة وتجارة المخدرات بل وتظاهر بالجنون ليتجنب التجنيد الإجباري ابان الحرب العالمية الثانية.[10] وتعرف هناك على مجتمعات السود ورأى أحوالهم الجيدة نسبياً هناك وبعد عودته لاحظ الجميع التغير الذي طرأ عليه غير أنه احتفظ بتفوقه الدراسي.
وبعد خروجه من الثانوية قصد مالكوم بوسطن وأخذته الحياة في مجرى جديد، وأصيب بنوع من الانبهار في المدينة الجميلة، وهناك انغمس في حياة اللهو والمجون، وسعى للتخلص من مظهره القوي، وتحمل آلام تغيير تسريحة شعره حتى يصبح ناعماً، وأدرك أن السود لو أنفقوا من الوقت في تنمية عقولهم ما ينفقونه في تليين شعورهم لتغير حالهم إلى الأفضل. ثم انتقل إلى نيويورك للعمل بها في السكك الحديدية، وكان عمره واحداً وعشرين عاماً وكانت نيويورك بالنسبة له جنة.[1]
[عدل]العمل
ترك مالكوم المدرسة بعد أن حبطه معلمه المقرب - معلم التاريخ - فتنقل بين الأعمال المختلفة المهينة التي تليق بالزنوج من نادل في مطعم فعامل في قطار إلى ماسح أحذية في المراقص حتى أصبح راقصاً مشهوراً يشار إليه بالبنان، وعندها استهوته حياة الطيش والضياع فبدأ يشرب الخمر وتدخين السجائر، وكان يجد في لعبة القمار المصدر الرئيسي لتوفير أمواله إلى أن وصل به الأمر لتعاطي المخدرات بل والاتجار فيها، ومن ثم سرقة المنازل والسيارات. كل هذا وهو لم يبلغ الواحدة والعشرين من عمره بعد حتى وقع هو ورفاقه في قبضة الشرطة.[3]
ففي عام 1941 رحل مالكوم إلي مدينة بوسطن في ولاية ماساشوسيتس حيث عمل في مسح الأحذية هناك وغسل الصحون، ثم عمل في السكة الحديد، وأنخرط في عالم الإجرام. ثم انتقل في العام 1943 إلى نيويورك للعمل بها في السكك الحديدية وكان عمره واحداً وعشرين عاماً.[1] وعمل عليه في بيع السندوتشات ثم فصله من عمله بسبب تعاطيه الكحول والمخدرات فعاد الي بوسطن عام 1945 وفي السنة التالية اعتقل عدة مرات بتهمة حمل السلاح والسرقة.[6] بعد هذا تنقل بين عدة أعمال منها أن يعمل بائعاً متجولاً وتعلم البند الأول في هذه المهنة وهو ألا يثق بأحد إلا بعد التأكد الشديد منه. وعاش فترة الحرب العالمية الثانية، وشاهد ما ولدته الحرب من خراب ودمار وغاص في أنواع الجرائم المختلفة وعاش خمس سنوات في ظلام دامس وغفلة شديدة، وفي أثناء تلك الفترة أعفي من الخدمة العسكرية؛ لأنه صرح من قبيل الخديعة أنه يريد إنشاء جيش زنجي.[1]
فقد بدأ مالكوم إكس حياته العملية بمسح أحذية الرجل الأبيض، ثم صار تاجر حشيش. بعدها صار يبيع ما خف وزنه وغلا ثمنه الهيروين. ومن ثم عمل بائعاً في خطوط القطار ثم انتقل للعمل في القمار. مما عرض حياته للموت أكثر من مرة. وقبل هذا كانت الجماهير تصفق له في قاعات الرقص حين يضع يده في يد احدى الفتيات ويبهر الحضور برقصه البارع وصادق العديد من الموسيقيين المعروفين من السود. وبسبب ادمانه وخسارته للاموال اضطر للتحول لعمليات السطو على منازل الاثرياء البيض.[5]
والمسرح الأساسي لهذا كله هو حي هارلم في مدينة نيويورك، حتى وقع هو ورفاقه في قبضة الشرطة فأصدروا بحقه حكماً مبالغاً فيه بالسجن لمدة عشر سنوات بينما لم تتجاوز فترة السجن بالنسبة للبيض خمس سنوات وذلك لإشراكه فتاتين من البيض في عملياته [12] ولأنه كان صديقاً لفتاة بيضاء وهي جريمة منكرة في ذلك الوقت من تاريخ العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية.[5]
[عدل]السجن
بالرغم مما تنطوي عليه حياة السجون عادة من مظاهر للفساد إلا أنها ربما أتاحت للإنسان أن يراجع موقفه لا سيما وقد فقد حريته، من هذا المنطلق جعل مالكوم حياته داخل السجن امتداداً لحياته خارجه من تعاطي للمخدرات وممارسة للرهونات إلا أن بعضاً من المناقشات بين السجناء بدأت تلفت انتباهه، ثم ما لبث أن وصله عدة رسائل من أخوته يبلغونه فيها اعتناقهم لدين جديد دين للسود قادر على إنقاذهم وعلى إنهاء عصر سيطرة الشيطان الأبيض.
لم يكن هذا الدين سوى أجزاء مبعثرة من دين الله الإسلام قام رجل ادعى النبوة يدعى إليجاه محمد بالدعوة إليه مؤسساً بذلك جماعة أمة الإسلام في أمريكا حيث كان مبنياً بالأساس للجنس الأسود من البشر معتبراً أن البيض ليسوا إلا شياطين تحكم الأرض وأن الله هو إله للسود وحسب، رغم ما حوته هذه الدعوة من انحرافات وشذوذ إلا أن نوراً للإسلام ما زال يلمع في إحدى جوانبها أضاء قلب مالكوم وأخذ عليه عقله، فهي الدعوة التي جاءت لإنقاذ السود وهو أحدهم وقد عانى ما عانى في حياته من فقدٍ لأبويه وضياعٍ لأخوته وبني جنسه.[12]
فبعد ما ألقت الشرطة القبض عليه وحكم عليه سنة 1946م بالسجن عشر سنوات زجل به إلى سجن "تشارلز تاون" العتيق فكانت قضبان السجن ذات ألم رهيب على نفس مالكوم؛ لذا كان عنيداًَ يسب حراسه حتى يحبس حبساً انفرادياً، وتعلم من الحبس الانفرادي أن يكون ذا إرادة قوية يستطيع من خلالها التخلي عن كثير من عاداته، وفي عام 1947م تأثر بأحد السجناء ويدعى "بيمبي" الذي كان يتكلم عن الدين والعدل فزعزع بكلامه ذلك الكفر والشك من نفس مالكوم، وكان بيمبي يقول للسجناء:
«إن من خارج السجن ليسوا بأفضل منهم، وإن الفارق بينهم وبين من في الخارج أنهم لم يقعوا في يد العدالة بعد»
وفي عام 1948م انتقل إلى سجن كونكورد وكتب إليه أخوه "فيلبيرت" أنه اهتدى إلى الدين الطبيعي للرجل الأسود، ونصحه ألا يدخن وألا يأكل لحم الخنزير، وامتثل مالكوم لنصح أخيه ثم علم أن إخوته جميعاً في دترويت وشيكاغو قد أهتدوا إلى الإسلام، وأنهم يتمنون أن يسلم مثلهم. فقد اعتنق جميع إخوة مالكوم أكس الدين الإسلامي على يد محمد إلايجا والذي كان يدعي أنه نبي من عند الله مرسل للسود فقط. فسعوا لإقناع مالكوم أكس بالدخول في الإسلام بشتى الوسائل والسبل حتى أسلم.
فتحسنت أخلاقه وسمت شخصيته وأصبح يشارك في الخطب والمناظرات داخل السجن للدعوة إلى الإسلام.[3] وقد أرسل له أخيه فيلبيرت بأنه اهتدى والتحق بالتنظيم المعروف بأمة الإسلام, فهجاه وشتمه مالكوم في رده على هذه الرسالة لأن له موقف شديد تجاه الدين مما حدا بالسجناء تسميته باسم الشيطان. في هذه الفترة أخذ جميع إخوان مالكوم يدعون له بالهداية ويرسلون الرسائل التي تأمل أحداها وأعلن إسلامه وتقول بأن ليس للرجل الأبيض أن يستعبد الأسود فكلهم خلقوا سواسية.[13] ثم انتقل مالكوم إلى سجن "ينورفولك" وهو سجن مخفف في عقوباته يقع في الريف ويحاضر فيه بعض أساتذة الجامعة من هارفارد وبوسطن وبه مكتبة ضخمة تحوي عشرة آلاف مجلد قديم ونادر.
في هذا السجن زاره أخوه "ويجالند" الذي انضم إلى حركة "أمة الإسلام" بزعامة إليجاه محمد، التي تنادي بأفكار عنصرية منها أن الإسلام دين للسود، وأن الشيطان أبيض والملاك أسود، وأن المسيحية هي دين للبيض، وأن الزنجي تعلم من المسيحية أن يكره نفسه؛ لأنه تعلم منها أن يكره كل ما هو أسود.[1] انتسب مالكوم أكس وإخوته إلى هذه الحركة التي كان لديها مفاهيم مغلوطة وأسس عنصرية منافية للإسلام رغم اتخاذها له كشعار براق وهو منها براء. فقد كانت تتعصب للعرق الأسود وتجعل الإسلام حكراً عليه فقط دون بقية الأجناس، في الوقت الذي كانوا يتحلون فيه بأخلاق الإسلام الفاضلة وقيمه السامية. أي أنهم أخذوا من الإسلام مظهره وتركوا جوهره ومخبره.[3]
[عدل]القراءة
أسلم مالكوم على هذه الأفكار واتجه في سجنه إلى القراءة الشديدة والمتعمقة فقرأ مواضيع كثيرة خاصة في تاريخ الرجل الأسود، وبعض الأمور التي كونت تفكيره مثل قراءة عن الجينات وكيف أن الرجل الأسود قد ينتج أبيضًا ولا يمكن لرجل أبيض أن ينتج أسودًا وزاد قاموسه من الكلمات الإنجليزية أكثر من استطاعة أي رجل عادي، وانقطعت شهيته عن الطعام والشراب وحاول أن يصل إلى الحقيقة وكان سبيله الأول هو الاعتراف بالذنب، ورأى أنه على قدر زلته تكون توبته. فلم يقاطع المراسلة مع إليجاه محمد طوال فترة إسلامه في السجن إلى أن خرج.[1]
فقد نصحه زميله في السجن بيمبي أن يتعلم، فتردد مالكوم على مكتبة السجن وتعلم اللغة اللاتينية. ففي السجن انقطع مالكوم أكس عن التدخين أو أكل لحوم الخنزير، وعكف على القراءة والإطلاع إلى درجة أنه التهم آلاف الكتب في شتى صنوف المعرفة فأسس لنفسه ثقافة عالية مكنته من استكمال جوانب النقص في شخصيته.[3] فبدأ يحاكي صديقه القديم "بيمبي" في تثقيف نفسه ثم حفظ المعجم فتحسنت ثقافته، وبدا السجن له كأنه واحة أو مرحلة اعتكاف علمي، وانفتحت بصيرته على عالم جديد، فكان يقرأ في اليوم خمس عشرة ساعة وعندما تطفأ أنوار السجن في العاشرة مساء كان يقرأ على ضوء المصباح الذي في الممر حتى الصباح.[12] وشرع بنسخ كلمات القاموس كلمة إثر كلمة.[6]
فقرأ قصة الحضارة وتاريخ العالم، وما كتبه النمساوي مندل في علم الوراثة، وتأثر بكلامه في أن أصل لون الإنسان كان أسود، وقرأ عن معاناة السود والعبيد والهنود من الرجل الأبيض وتجارة الرقيق، قرأ أيضاً لمعظم فلاسفة الشرق والغرب، وأعجب بسبينوزا لأنه فيلسوف أسود، وغيرت القراءة مجرى حياته، وكان هدفه منها أن يحيا فكرياً لأنه أدرك أن الأسود في أمريكا يعيش أصم أبكم أعمى ودخل في السجن في مناظرات أكسبته خبرة في مخاطبة الجماهير والقدرة على الجدل، وبدأ يدعو غيره من السجناء السود إلى حركة أمة الإسلام فاشتهر أمره بين السجناء. فكانت هذه اللمناظرات العديدة التي كان له فيها الباع الأطول ملكته قوة الحجة وفصاحة اللسان.[12]
فخرج بآراء تتفق مع آراء إليجاه محمد في أن البيض عاملوا غيرهم من الشعوب معاملة الشيطان.[1] استمر مالكوم أكس في صفوف أمة الإسلام يدعو إلى الانخراط فيها بخطبه البليغة وشخصيته القوية فكان ساعداً لا يمل، وذراعاً لا تكل من القوة والنشاط والعنفوان حتى استطاع جذب الكثيرين للانضمام إلى هذه الحركة. ثم صدر بحقه عفو وأطلق سراحه لئلا يبقى يدعو للإسلام داخل السجن.[3] لأن الحكم عليه كان بالسجن لمدة 10 سنوات فتم إطلاق سراحه بعد أن قضى بالسجن 7 سنوات فقط.[10]
[عدل]منظمة أمة الإسلام
مقال تفصيلي :أمة الإسلام
ظهرت في أوائل القرن الهجري السابع عشر حركة بين السود في أمريكا تبنت الإسلام بمفاهيم خاصة غلبت عليها الروح العنصرية عرفت باسم أمة الإسلام، وذلك على يد رجل أسود غامض الأصل اسمه والاس فارد ظهر فجأة في ولاية ديترويت داعيًا إلى مذهبه بين السود وقد اختفى بصورة غامضة بعد ذلك بأربع سنوات، فحمل لواء الدعوة بعده إليجا محمد وصار رئيسًا لأمة الإسلام.
كانت هذه الحركة تدعو إلى تفوق الجنس الأسود وسيادته على الأبيض ووصف البيض بأنهم شياطين وأن الملاك أسود والشيطان أبيض، وكانت عقيدة هذه الجماعة منحرفة باطلة أشبه بالحركات الباطنية فلقد أعلن زعيم الحركة إليجا محمد بأنه رسول من الله وأن الإله ليس شيءًا غيبيًا بل يجب أن يكون متجسدًا في شخص وهذا الشخص هو فاراد الذي حل فيه الإله وهو جدير بالدعاء والعبادة لذلك فالصلاة عندهم عبارة عن قراءة الفاتحة مع دعاء مأثور والتوجه نحو مكة واستحضار صورة فارد في الأذهان. ولا يؤمن إليجا محمد إلا بما يخضع للحس لذلك فهو لا يؤمن بالملائكة والغيبيات والبعث عنده عقليًا للسود الأمريكيين فقط، والصوم عندهم في شهر ديسمبر من كل عام مع إلزام كل عضو بالحركة أن يدفع عشر دخله لصالح الحركة، ونستطيع أن نقول أن هذه الحركة كانت تنظر للإسلام على أنه إرث روحي سوف ينقذ السود من سيطرة البيض عليهم.[4] راسل مالكوم "إليجا محمد" الذي كان يعتبر نفسه رسولاً، وتأثر بأفكارهِ وبدأ يراسل كل أصدقائه القدامى في الإجرام وهو في السجن ليدعوهم إلى الإسلام.
ثم خرج مالكوم من السجن سنة 1952م وهو ينوي أن يعمق معرفته بإليجا محمد، فذهب إلى أخيه في دترويت وهناك تعلم قراءة الفاتحة [1] بعد ست سنوات من السجن وعمل مع أخيه في دترويت في محل لبيع الأثاث وبعد عدة أشهر حضر أحد نشاطات " أمة الإسلام" حيث خطب إليجاه محمد، وانضم رسمياً الي منظمته، وتحول الي حياة الزهد والتعلم.[6] وذهب إلى المسجد، وتأثر بأخلاق المسلمين، وفي المسجد استرعت انتباهه عبارتان: الأولى تقول: إسلام = حرية، عدالة، مساواة والأخرى مكتوبة على العلم الأمريكي وهي: عبودية, ألم، موت ".[1] وقبل هذا اشترى مالكوم إكس لنفسه حقيبة وساعة يد ونظارة بعد إطلاق سراحه من السجن مباشرة ويقول إن الاشياء التي اشتراها بعد خروجه من السجن هي أكثر الاشياء التي استعملها في حياته.[10] ثم التقى بإليجا محمد، وانضم إلى حركة أمة الإسلام وبدأ يدعو الشاب الأسود في البارات والأماكن الفاحشة إلى هذه الحركة فتأثر به كثيرون لأنه كان خطيباً مفوهًا ذا حماس شديد فذاع صيته حتى أصبح في فترة وجيزة إماماً ثابتاً في مسجد دترويت [1] بعد أن كان مساعد إمام من ثم تفرغه للدعوة.[13] وقبل هذا كله عمل مالكوم إكس بعد خروجه من السجن في شركة فورد للسيارات فترة ثم تركها وأصبح رجل دين.[1]
مالكوم إكس في إحدى ندواته في مارس 1964م.
ونظراً لقدراته التنظيمية والقيادية والخطابية فقد تدرج مالكوم شيئاً فشيئاً ضمن الجماعة إلى أن أصبح الداعية الأول خلف مؤسس الجماعة في أمة الإسلام يدعو إلى الانخراط فيها بخطبه البليغة وشخصيته القوية فكان ساعداً لا يمل وذراعاً لا تكل من القوة والنشاط والعنفوان حتى استطاع جذب الكثيرين للانضمام إلى هذه الحركة، وهو بذلك غير غائبٍ عن متابعة السلطات الأمريكية له.[12] فقد اعتلا مالكوم أعلى المناصب في منظمة أمة الإسلام وتقلد منصب المتحدث الرسمي لأمة الإسلام. ويرجع الفضل لمالكوم لازدياد أتباع أمة الإسلام من 500 شخص في عام 1952 إلى 30,000 شخص في عام 1963. إضافة إلى أنه اختلف اختلافاً جذرياً مع سياسة مارتن لوثر كنج الداعية إلى اللاعنف. واستقطب الجماهير بخطبه العصماء كما نجح مالكوم إلى استقطاب مكتب المباحث الفدرالي الذي راقب مالكوم عن كثب وتنصت على مكالماته التلفونية وزرع الجواسيس في أمة الإسلام.[10]
امتاز مالكوم إكس بأنه يخاطب الناس باللغة التي يفهمونها فاهتدى على يديه كثير من السود وزار عدداً من المدن الكبرى، وكان مالكوم إكس همه الأول هو منظمة أمة الإسلام فكان لا يقوم بعمل حتى يقدر عواقبه على هذه الحركة. وأصبح صوته مبحوحاً من كثرة خطبه في المسجد والدعوة إلى منظمة أمة الإسلام وكان في دعوته يميل إلى الصراع والتحدي لأنه ينسجم مع طبعه.[1] في العام 1953 أصبح مساعدا لإمام مسجد رقم 1 في ديترويت فأماماً لمسجد رقم 88 في بوسطن، ثم تنقل للعمل في عدة مساجد في مدن أميركية مختلفة، قبل أن يتزوج في العام 1958 من بيتي ساندرس وفي العام التالي ذهب في رحلة طويلة الي مصر والسعودية وإيران وسوريا وغانا، والتقي بالرئيس جمال عبد الناصر، وكان من المفروض أن يزور مكة ولكنه اضطر إلي العودة بسبب مرضه.[6]
في نهاية عام 1959م بدأ ظهور مالكوم في وسائل الإعلام الأمريكية كمتحدث باسم حركة أمة الإسلام، فظهر في برنامج بعنوان: الكراهية التي ولدتها الكراهية وأصبح نجماً إعلامياً انهالت عليه المكالمات الهاتفية وكتبت عنه الصحافة وشارك في كثير من المناظرات التلفزيونية والإذاعية والصحفية فبدأت السلطات الأمنية تراقبه خاصة بعد عام 1961م. وبدأت في تلك الفترة موجة تعلم اللغة العربية بين أمة الإسلام لأنها اللغة الأصلية للرجل الأسود كما يقولون. وكانت دعوة مالكوم في تلك الفترة تنادي على أساس أن للإنسان الأسود حقوقاً إنسانية قبل حقوقه المدنية، وأن الأسود يريد أن يكرم كبني آدم، وألا يعزل في أحياء حقيرة كالحيوانات وألا يعيش متخفياً بين الناس.[1] وفي عام 1962 عين إماماً قومياً في منظمة " أمة الإسلام " وفي العام التالي أصدر إليجاه محمد أوامر لجميع الأئمة بعدم التعليق علي مقتل الرئيس الأميركي جون كينيدي، ولكن مالكوم صرح بأن سلاح كينيدي قد أرتد إلي نحره وحصد ما زرعه وبأسرع مما توقع هو نفسه فعمد إليجاه محمد إلي تجميد عضوية مالكوم في المنظمة، وكانت الخلافات قد نشبت بينهما قبل ذلك بعدة أشهر فقدم مالكوم استقالته من المنظمة وذهب في رحلة قام خلالها بأداء فريضة الحج.[6]
[عدل]نظرية تغيير الاسم وزواجه
غير مالكوم اسمه من" مالكوم ليتل " الي "مالكوم أكس" - حرف الإنجليزية X - وكان هذا إجراء معهوداً من قبل المنضوين في تلك المنظمة وهو يرمز الي الاسم الأخير الذي سلب منهم جراء استبعادهم علي يد البيض.[6] فقد فسر مالكوم الاسم الذي اختاره لنفسه بقوله:
« إن إكس ترمز لما كنت عليه وما قد أصبحت، كما يعني ـ في الرياضيات ـ المجهول وغير معلوم الأصل.»
وبما أن السود في أمريكا منفصلون عن أصولهم وجذورهم، فقد فضل مالكوم استخدام إكس على اللقب الذي منح لأجداده من قبل مالكيهم بعد جلبهم من إفريقيا إلى أمريكا كعبيد بدلاً من ليتل نظراً لضياع اسم العائلة الحقيقي أثناء فترات العبودية السابقة التي عانى منها أجداده،[12] ولنفس الأسباب قام العديد من أعضاء حركة أمة الإسلام بتغيير ألقابهم إلى إكس لاقتناعهم بآراء مالكوم. فقد كان مالكوم من الاتباع المخلصين لأمة الإسلام وكان على قناعة ان العبودية الأمريكية للزنوج أضاعت الكنى الأصلية للمواطنين السود بعد أن سمّاهم البيض بأسماء مسيحية وقام مالكوم على هذا الأساس بتغيير كنيته إلى "اكس" كناية عن ضياع كنيته الأصلية.[10] ثم تزوج مالكوم في هذه المرحلة من إحدى فتيات أمة الإسلام بيتي شباز - بيتي سانرس سابقاً - وكان له منها أربع فتيات،[12] وقد سمى الأولى عتيلة، على اسم القائد الذي نهب روما.[14]
[عدل]مالكوم إكس ومارتن لوثر
مالكوم إكس والناشط الحقوقي المحامي مارتن لوثر كينج في مؤتمر حول حقوق السود المدنية. في أكتوبر 1964م هو اللقاء الوحيد الذي جمعهما والذي دام دقيقة واحدة فقط.
تعد مأساة استبعاد الأفارقة السود على يد المستوطنين الأمركيين طوال 400 عام أحد أشد فصول التاريخ عنفاً ووحشية وفي المقابل نشأت فصول من المقاومة والنضال قام بها الأفارقة السود منذ الأيام الأولى لاستبعادهم والي يومنا هذا مشكلة ملحمة من البطولة والنضال تكاد لا توازيها تجربة أخرى في العالم من حيث تنوعها وعمقها التاريخي وآثارها على التاريخ الإنساني. ويعد مالكوم اكس من أهم قادة الحركة التحريرية رغم أن فترة نشاطه السياسي لا تتجاوز العقد من الزمان.[6]
وتنبع أهميتة من عدة أسباب فقد ظهر في فترة كان التيار السائد فيها هو التيار اللاعنف في حين كان مالكوم ينادى بأن على السود الأخذ بأسباب القوة وبالدفاع عن النفس " بكل الوسائل الضرورية " فكان إن جذب عدداً كبيراً من الناس إلى المقاومة العنيفة التي شكلت - مع التيارات التحريرية الأخرى - ضغطاُ على الحكومة الأمريكية دفعها الي إجراء تغيرات جذرية في القوانين المجحفة بحق السود. كذلك طور مالكوم الكثير من الأفكار والمبادرات التي غيرت من مسار نضال السود في أميركا ومهدت السبل لظهور عدة منظمات وأفكار على الساحة السياسية بعد غيابه مثل منظمة " الفهود السود " وفكرة " قوة السود ". وتشكل أفكاره مكوناً أساسياً لا غني عنه من مكونات نضال السود في أميركا.[6]
أكثر ما يثير في فكرة مالكوم اكس هو التطور السريع والتجدد والاستفادة من التجارب فهو يقول في رسالة بعثها الي زوجته أثناء أدائه فريضة الحج [6] :«كنت على الدوام رجلاً يحاول مواجهة الحقائق وتقبل واقع الحياه كما تكشف عنه المعارف والخبرات الجديدة.»
عاش كل من مالكوم ولوثر في نفس الفترة. كان كل واحد منهما ذلك الخطيب الملهم الذي لا تنقصه لا الشجاعة ولا الحجة والفصاحة. كانا متقاربين في السن يراوحان على نفس المدن ويحفهما أتباع كثر ومخاطر أكثر. وقد اغتيلا في النهاية في فترة متقاربة والخطابة هي من رسمت نقاطاً مفصلية للسود في تاريخهم.[15]
لقد كانت رفيقة درب ودابة أمينة للعرق الأسود الأميركي في نضاله فخطبة إبراهام لنكولن عن إنسانية الإنسان الأسود قامت بتحريرهم وخطبة لوثر عن المساواة والعدالة الاجتماعية سددت حقوقهم المدنية وخطبة أوباما عن التغيير أدخلتهم البيت الأبيض. في تلك الفترة كان مالكوم صاحب كاريزما خطابية أكثر إثارة فحرارته واندفاعه كانتا خير ترجمان لغضب السود وحنقهم وإن كان لوثر قد قرأ خطبة الحلم - خطبة القرن في أميركا - من ورقة وبكلمات هادئة متقطعة فإن مالكوم لم يقرأ خطبه من ورقة قط ولم تكن كلماته أبداً متقطعة بل كانت كرصاص لا يهادن.[15]
إن الاختلاف الرئيس بين الاثنين كان في مسألة اختيار الطريق ففيها كان كل واحد منهما ينسج على نول مختلف. كانا متغايرين في فحوى ومحتوى هذا الكلام. لقد كان الفرق بينهما هو العنف واللاعنف بين من يكسب الأعداء ومن يخسر حتى الأصدقاء. لقد كان هدف لوثر واضحاً ومحدداً وهو أن يدرك الجنس الأبيض أن الكيان الأسود هو قطعة أصيلة في موزايين هذا المجتمع وأن يتساوى الجميع في حقوقهم تحت ظل مجتمع واحد. أما مالكوم فكان هدفه وهدف أليجا محمد من قبله هو القطيعة الكاملة مع البيض وانتظار أحد أمرين إما قارعة إلهية تهلك البيض جميعاً أو العودة بالسود إلى أفريقيا أرضهم الأم. لقد هاجم مالكوم مارتن لوثر مراراً واتهمه مع أتباعه بالجبن والمهادنة والركون إلى الشيطان الأبيض. وكان لوثر دائماً في موقع المدافع كان يحاول شرح وجهة نظره وإيصال خطته النضالية من غير زوائد. وفي لقاء تلفزيوني قال عنه مالكوم:« إن منهج الدكتور كنج منهج غير واقعي إنه منهج مشكوك فيه وبالتأكيد لن يصل إلى الهدف الصحيح.[15]»
[عدل]مالكوم وإليجاه محمد
بالقدر الذي كان مالكوم إكس منهمكاً فيه بالدعوة لأمة الإسلام بالقدر الذي بدأت تثار حول مؤسس الجماعة إليجاه محمد الأقاويل فقد كان على علاقة وثيقة بكل السكرتيرات اللواتي خدمن في مكتبه وكان له منهن عدة أولاد، ليكون الانفصال التام بينه وبين أمة الإسلام ـ والتي لم يحبذ كثير من أعضائها المكانة التي وصل إليها مالكوم إكس في المجتمع الأمريكي ـ إثر تصريح له عقب اغتيال الرئيس الأمريكي كيندي.[12] إذ في مطلع ستينيات القرن العشرين اختلطت الامور على مالكوم نتيجة الشائعات القائلة ان الأب الروحي لأمة الإسلام "اليجا محمد" منغمس بعلاقات جنسية غير شرعية ولبعد الأمة عن حركة الحقوق المدنية. وبالرغم من تبني أمة الإسلام لموقف معاد للبيض، إلا أن الأمة لم تمارس أي من النشاطات في الجنوب الأمريكي حيث العنصرية على أوجها تجاه السود.
وفي ضوء هذا تنامت الفرقة بين مالكوم والأب الروحي للأمة عندما اتضح ان اليجا محمد ضاجع ستة من سكرتيراته القصر وحمل السكرتيرات حملاً غير شرعي وأصبح اليجا أباً لثمانية أبناء غير شرعيين. وأمر اليجا مالكوم بعدم التحدث بالمؤتمرات العامة بعدما وصف مالكوم حادثة اغتيال الرئيس كندي وصفاً لاذعاً، خصوصاً ان الرئيس الراحل كان محبوباً من قبل السود لتعاطفه معهم. ونتيجة عصيان مالكوم للأوامر واتساع الهوة بينه وبين الأمة، قام مالكوم على تأسيس منظمة منشقة عن أمة الإسلام وأسماها "مؤسسة المسجد الإسلامي في عام 1964.[10] ورغم كل هذا إلا أن مالكوم حاول أن يجد له العذر ومن ثم صدمه بقرار اسكاته بعد تصريحاته عقب إغتيال الرئيس جون كندي ومن ثم انفصاله عن أمة الإسلام فعليا وتكوينه لمنظمته الخاصة.[8]
[عدل]الحج
مالكوم يؤدي الصلاة. عام 1964م
بدأ مالكوم في طور جديد من حياته عندما قرأ كتابًا في تعاليم الإسلام وعن فريضة الحج [4] فرغب في تأدية الحج [3] فقدر له أن يقوم بالحج وذلك سنة 1379 هـ [4] فقد أدرك أن الإسلام هو الذي أعطاه الأجنحة التي يحلق بها فقرر أن يطير لأداء فريضة الحج في عام 1964م وزار العالم الإسلامي ورأى أن الطائرة التي أقلعت به من القاهرة للحج بها ألوان مختلفة من الحجيج، وأن الإسلام ليس دين الرجل الأسود فقط بل هو دين الإنسان.[1] وبالفعل ذهب لمكة المكرمة وقضى بها اثنى عشر يومًا وهاله ما رآه هناك من مسلمين بيض وسود كلهم على قلب رجل واحد وبينهم مساواة ومحبة [4] وهذا الذي ما لم يخطر بباله بأن يرى الأبيض والاسود بلباس الحج الموحد يهيم كل منهم على قضاء الفريضة. لم يكن البيض متميزين عن السود في مكة المكرمة.[10] وود تعلم الصلاة الصحيحة التي كان يجهلها تمامًا.[4] وتعجب من نفسه كيف يكون زعيماً ورجل دين مسلم في حركة أمة الإسلام ولا يعرف كيف يصلي.[1] فرأى الإسلام الصحيح عن كثب وتعرف على حقيقته وأدرك ضلال المذهب العنصري الذي كان يعتنقه ويدعو إليه.[3]
والتقى بعدد من الشخصيات الإسلامية البارزة منها الدكتور عبد الرحمن عزام صهر الملك فيصل ومستشاره وهزه كرم الرجل معه وحفاوته به. وتأثر مالكوم بمشهد الكعبة وأصوات التلبية، وبساطة وإخاء المسلمين ويقول في ذلك:
« في حياتي لم أشهد أصدق من هذا الإخاء بين أناس من جميع الألوان والأجناس، إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يملك حل مشكلة العنصرية فيها»
وقضى 12 يوماً جالساً مع المسلمين في الحج ورأى بعضهم شديدي البياض زرق العيون، لكنهم مسلمون ورأى أن الناس متساوون أمام الله بعيداً عن سرطان العنصرية. ثم غير مالكوم اسمه إلى الحاج مالك الشباز والتقى الملك فيصل الذي قال له:
« أن حركة أمة الإسلام بها الكثير من الأخطاء التي تتعارض مع الإسلام»
وبعد انتهائه من الحج غادر مالكوم جدة في إبريل 1964م وزار عددا من الدول العربية والإفريقية، ورأى في أسبوعين ما لم يره في 39 عاماً، وخرج بمعادلة هي: إدانة كل البيض يساوي إدانة كل السود.[1] وفي زيارته قابل العديد من العلماء بالسعودية ودخل مصر والسودان والحجاز والتقى مع علمائها وقابل شيخ الأزهر ومفتي مصر حسنين مخلوف، وكانت الزيارة بمثابة حياة جديدة وبحث جديد له، فأعلن إسلامه من جديد وعاد لأمريكا ليبدأ مرحلة جديدة وخطيرة من حياته.[4] فتلك الصورة التي رآها مالكوم في الحج غيرت مفاهيمه بإنشاء أمة مسلمة تتكون من السود دون البيض. عائداً برسالة جديدة واسم جديد " الحاج مالك شاباز". وتدعو رسالته الجديدة جميع الأعراق والأجناس إلى التعايش بسلام.[10]
مالكوم إكس محاط بوسائل الإعلام.
[عدل]تجديد الدين والدعوة
تخلص مالكوم من عنصريته الأمريكية في مكة ذلك الأمريكي الأسود الذي أسلم على يد جماعة عانت اضطهاد البيض - أمة الإسلام - فقادتها العنصرية البيضاء إلى عنصرية سوداء ورغم أن الإسلام جعل من مالكوم قائداً ينافس مارتن لوثر كينج شعبية وتأثيراً إلا أنه ظل حاقداً على كل ما هو أبيض. فعجزت أمريكا عن اقتلاع عنصريته ومعاناته بل كرستها أما مكة فلم تعجز. فتلاشت عنصريته حين رأى الأبيض والأسود يأكلون من الطبق الذي يأكل منه، ويلبسون الملابس التي يلبسها، ويتوجهون للواحد الأحد عندها كتب من مكة عن إسلام بلا فوارق أو ألوان.[16]
عاد مالك شباز - اسم مالكوم إكس الجديد - لأمريكا سنة 1380 هـ وأعلن براءته من مبادئ حركة أمة الإسلام العنصرية وحاول إقناع زعيمها إليجاه محمد بأخطائه ودعاه لزيارة الكعبة ولكن إليجا محمد غضب بشدة واعتبره منشقًا عن الحركة وطرده منها فشكل مالك جماعة جديدة سماها جماعة أهل السنة وبدأ يدعو للدين الحق بصورته الصحيحة، وبنفس الحماس السابق المعهود عنه أخذ مالكوم في دعوة المسلمين السود وغيرهم للدين الحق وكثر أتباعه خاصة من السود.[4] واشتعلت الفتنة بين مالكوم وإيجا بعد اتهام مالكوم إكس إليجاه بالزنى.[13]
لم تعجب هذه الأفعال زعيم أمة الإسلام إليجا محمد فهدد مالك شباز وأمره أن يكف عن دعوته الحقة وشن عليه حملة إعلامية شديدة لصد الناس عنه ولم تكن هذه الأمور والتهديدات تزيد مالكًا إلا إصرارًا ومواصلة للدعوة بين الناس [4] وفي 14 فبراير بعد صدور أوامر من أمة الإسلام بقتله أضرموا النار في بيته لكنه نجى،[17] وأخذت الصحف الأمريكية في شن حرب ضده ووصفه بأنه يريد أن يدمر أمريكا ويثير ثورة بين السود والعجيب أن مالكوم عندما كان يدعو لدعوة منحرفة عنصرية مجدته الصحف وفتح التلفاز له أبوابه، وعندما بدأ يدعو للدين الحق والسنة الصحيحة هاجموه وحاربوه مما يوضح أن هذه الدعوة والحركة العنصرية كانت تتلقى دعمًا من جهات معنية ترغب في نشر هذه المفاهيم الخاطئة عن الإسلام بين الأمريكيين.[4]
لقد كان خروج مالكوم من جماعة أمة الإسلام بمثابة ولادة ثانية له عقب الأولى داخل السجن، فقد انقشعت تلك الغشاوة عن عينيه وبدأ يبصر الأشياء على حقيقتها، فقد تحرر من أغلال ذاك التنظيم ليبرز زعيماً لا منافس له بين السود الأمريكيين منافحاً عن حقوقهم لكن هذه المرة بعيداً عن ذاك التعصب الأعمى، متوجاً هذه المرحلة من حياته برحلة حجٍ إلى مكة تعرف من خلالها على العالم الإسلامي وعلى دين الله الصحيح، فوجد فيه رسالةً لتحرير الإنسان كل الإنسان مهما كان لونه وعرقه من أغلال العبودية والإستغلال، رسالةً كانت أمريكا في ذاك الوقت في أمس الحاجة لفهمها لأن الإسلام كما ذكر مالكوم أثناء حجه:
«الدين الوحيد الذي يملك حل المشكلة العنصرية فيها.»
وليس أبلغ من كلمات لوصف هذه الرحلة من ما ذكره مالكوم بنفسه حيث قال:
« لقد أوسع الحج نطاق تفكيري وفتح بصيرتي فرأيت في أسبوعين ما لم أره في تسعٍ وثلاثين سنة، رأيت كل الأجناس من البيض ذوي العيون الزرق حتى الأفارقة ذوي الجلود السوداء وقد ألّفت بين قلوبهم الوحدة والأخوة الحقيقية فأصبحوا يعيشون وكأنهم ذاتٌ واحدة في كنف الله الواحد.»
عاد الحاج مالكوم الشباز إلى بلاده إنساناً جديداً باسمٍ جديد يشير إلى أصوله الأفريقية ليتابع نضاله ضد التمييز العنصري في أمريكا متسلحاً بالإيمان ناشراً دين الله في طول البلاد وعرضها، فالإسلام كما يذكر مالكوم:
«الدين الوحيد الذي كان له القوة ما جعله يقف في وجه مسيحية الرجل الأبيض ويحاربها.»
يقصد بذلك المسيحية التي حملها المستعمر في حملاته الصليبية على العالم، لقد أصبحت بذلك دعوة مالكوم عالمية فزار العديد من بلاد العالم وخصوصاً في القارة السمراء مؤسساً بذلك منظمة الوحدة الأفروأمريكية وقد أضحى أعلى صوتاً وأقوى حجة زارعاً بذور الحقد والضغينة في قلوب جماعة أمة الإسلام ومؤسسها وقد بدأ رصيدها في الانحدار ليتخذ القرار بإسكاته عن طريق التهديد المتواصل أو قتله إذا اقتضى الأمر، وهذا كله يجري تحت نظر وسمع وكالة المخابرات الأمريكية.[12] لقد زاد مالكوم من نشاطه محاولاً أن يعطي كل ما لديه قبل فوات الأوان، فقد عرف بفطرته السليمة وخبرته الواسعة وعلمه الغزير أن أجله قد اقترب فهذا هو درب السائرين إلى الله الساعين إلى الإصلاح ينتقلون من محنة إلى أخرى إلى أن يختارهم الله إلى جواره، إنه زمن الشهادة قالها مالكوم لأحد الصحفيين:
« أنا الآن أعيش زمن الاستشهاد فإذا حدث ومت فإنني سأموت شهيد الأخوة وهي الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ البلاد، لقد وصلت إلى هذه القناعة بعد تجربة شاقة ولكنني وصلت إليها.»
لقد أراد مالكوم أن يحقق بموته ما سعى لتحقيقه في حياته يسجل هذه المرة ببرهان الدماء بعدما وصلت الحواس إلى نهاية الطريق. إنها الحرية التي قال عنها:قالب:اقبتاس فكان له ما أراد حيث انطلقت ست عشرة رصاصة لتستقر في جسده النحيل وهو واقف على المنصة يخطب الناس وذاك في الحادي والعشرين من شباط سنة 1965 بمدينة نيويورك، لينال الحرية المطلقة من كل أغلال الدنيا وأوزارها، لقد كان الختام ولنعم الختام.[12]
[عدل]اغتياله
مالكوم في الكفن قبل الدفن. ظهرت هذه الابتسامه على وجهه منذ حادثة قتله إلى اليوم الذي دفن فيه. وقبلها رفع اصبع السبابة بعد أن انزرعت الطلقات الستة عشرة في جسدة.
وهناك في الحج بعدما تعرف إلي الإسلام السني وكيف ينادي بالمساواة بين الأعراق، تخلى مالكوم عن إعتقاده بأن البيض شياطين وعقب ذلك أسس منظمة أسماها " مؤسسة المسجد الإسلامي " وأخرى حملت اسم " منظمة اتحاد الأفارقة الأميركيين " وأخذ يتجه بأفكاره نحو الاشتراكية محاولاً في هذه المنظمة الأخيرة أن يجد أرضية مشتركة للنضال تضم جميع المناضلين السود وعلي الرغم من سعيه الي الإبتعاد عن النزاع مع " أمة الإسلام " فقد نشب بين الطرفين خصام علني فيما بعد وامرته المنظمة بإخلاء بيته لأنه ملك لها وفي تلك الفترة جرت محاولة لأغتياله، ثم أحرق بيته.[6]
فنذر نفسه للدعوة إلى الإسلام الحقيقي وحاول تصحيح مفاهيم جماعة أمة الإسلام الضالة المضلة إلا أنه قوبل بالعداء والكراهية منهم وبدءوا في مضايقته وتهديده فلم يأبه لذلك، وظل يسير في خطى واضحة راسخة يدعو للإسلام الصحيح الذي يقضي على جميع أشكال العنصرية.[3] فقد صاغ بعد عودته أفكاراً جديدة تدعو إلى "الإسلام الصحيح" "الإسلام اللاعنصري" وأخذ يدعو إليه ونادى بأخوة بني الإنسان بغض النظر عن اللون ودعا إلى التعايش بين البيض والسود لذلك هاجموه وحاربوه، وأحجمت الصحف الأمريكية عن نشر أي شيء عن هذا الاتجاه الجديد، واتهموه بتحريض السود على العصيان فقال:
«عندما تكون عوامل الانفجار الاجتماعي موجودة لا تحتاج ال