المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد:
العلوم تشرف بشرفها ، وعلم الرسم من أشرف العلوم لأنه يتعلق بالقرآن الكريم فقد حظي القرآن الكريم في تنزلاته الأولى إلى جانب حفظ القلوب بتدوين الأقلام ، وأن الكتابة لم تنفك أبدا عن الحفظ بل سارت معه جنبا إلى جنب في سائر ظروف التنزيل ومختلف أطواره ومراحله على الرَّغم من قلة مواد الكتابة ، وندرة وسائلها آنئذ ، ثم توالت كتابة القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ثم في عهد عثمان بن عفانَ رضي الله عنه أيضا .
وما زال القرآن ينتقل من جيل إلى جيل بصورة وحيدة فريدة متعارفٍ عليها ، تعتمد على المحفوظ في الصدور والمدون في السطور ، وهذا شيء لم يتوافر لأي كتاب سماوي آخر .
وقد فطن علماؤنا الأجلاء إلى هذه الحقيقة الساطعة حين جعلوا إلى جانب الحفظ عنصر الكتابة ضابطا من ضوابط القراءة الصحيحة .
ولارتباط القراءة بخط المصاحف تتبع القراء هجاء المصاحف ، وتركوا سائر القراءات التي تخالف الكتاب .
وحينئذ لاحظ علماء القراءات هيئة هذا الرسم ، وخاصة تلك الحروفُ التي تميزت بزيادة أو حذف أو بدل .
ومما يزيد في أهمية معرفة هجاء المصاحف بيان معرفة اختلاف القراء في بعض الأحرف . ولن يتسنى لقارئ القرآن معرفة بعض الأحرف التي اختلف فيها القراء إلا بعد معرفة رسم هذه الأحرف . وهو باب مهمٌ في القراءة ، ولذلك نجدُ الكتب المؤلفة في القراءات خصت فيها بابا لذكر مرسوم المصاحف .
لهذا فقد حاولت في هذا البحث المتواضع أن أعرف بعلم من أعلام القرن التاسع الذين اهتموا بالتأليف في علم الرسم وغيرها ، وهو حسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي ، وعرفت بأغلب مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة ، فرغم مؤلفاته القيمة ، فلم تحظ هذه الشخصية بالدراسة المطلوبة ، لذا أحببت أن ألقي الضوء على جوانب من هذه الشخصية ، لعلها تكون بداية لدراسة أفضل عن هؤلاء الأعلام الذين خدموا العلم .
قسمت البحث إلى فصلين :
جعلت الفصل في مبحثين ، تحدثت في المبحث الأول عن العصر الذي عاش فيه الشوشاوي في المغرب الأقصى بصفة عامة ، وفي منطقة السوس بصفة خاصة ،وخصصت المبحث الثاني للحديث عن حياته ، وقد شملت : اسمه ونسبه ، ونشأته وتعلمه ، وشيوخه وتلاميذه ، ومكانته بين العلماء ، وآثاره العلمية ، ووفاته .
أما الفصل الثاني ، فقد جاء في مبحثين ، ذكرت في المبحث الأول مؤلفاته التي وقفت عليها مطبوعة أو مخطوطة ، وعرفت بها بشكل عام ، ودرست في المبحث الثاني أحد مؤلفاته كنموذج ، لبيان أسلوب هذا العالم وغزارة علمه .
هذا مجمل ما قمت في إعداد هذا البحث ، الذي أرجو من الله العلي القدير ، أن أكون قد وفقت في إخراجه على الصورة المطلوبة ، وأرجو أن يستفيد منه كل من يقرأه .
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيبُ
الباحث : محمد سالم حرشة
ليبيا بتاريخ 28 – 8 - 2006
الفصل الأول
عصر الشوشاوي وحياته
وفيه مبحثان :
المبحث الأول : عصر الشارح .
المبحث الثاني : حياته ، وفيها :
1- اسمه ونسبه .
2- نشأته وتعلمه .
3- شيوخه وتلاميذه .
4- مكانته العلمية وثناء العلماء عليه .
5- آثاره العلمية .
6- وفاته .
المبحث الأول : عصر الشوشاوي
كلّ القرائن تدلّ على أن الشوشاوي ولد في مستهلّ القرن التاسع الهجري ، باعتبار أن أحد مؤلفاته كانت سنة 842 هـــ (1) .
وعلى هذا يمكن القول : بأن الشوشاوي عاصر نهاية الدولة المرينيّة وبداية الدولة الوطاسية ، التي شهدت تدهورا وتخلفا لم تكن عليه في بداية الدولة المرينيّة .
فقد أصبح للوزراء نفوذ على السلاطين ، وأصبحت السلطة الحقيقية بأيديهم ، يتصرفون فيها كيف ما يشاءون ، من ذلك : عزلهم القضاة والولاة ، وجعل مكانهم من هو أقلّ منهم شأنا ، مما عرّض الأمة الإسلامية للضعف والمهانة (2) .
كما بدأ الاعتداء البرتغالي والأسباني على سواحل المغرب سنة 803 هــ ، منها غزو مدينة تطوان ، والاستيلاء على مدينة سبتة سنة 818 هــ (3) .
إضافة لما ذُكر وقعت في عهد السلطان عبد الحق محنة كبرى ، وهي قيامه بمذبحة رهيبة استهدفت الوزراء والحجاب ، فكان ذلك سببا من الأسباب التي أدت إلى مقتل السلطان عبد الحق وانحلال دولة بني مرين ونهايتها (4) .
أما في عهد الوطاسيين ، فقد ازداد الوضع تدهورا باستيلاء البرتغال على أكثر شواطئ المغرب ، وما حلّ بالمواطنين من نزاع وشقاق وفساد في الأخلاق والدين(5)
أما في جنوب المغرب ، وبمنطقة السوس – بلد الشوشاوي – : فإنها لم تعرف استقرارا خلال هذه الفترة ، حيث وقعت حوادث وفتن ، منها :
ثورة عمرو بن سليمان السيّاف ، بيان هذه القصة : أنه لمّا قتل الشيخ محمد بن سليمان الجزولي سنة 870 هـ ، وقيل إنه مات مسموما على يد بعض الفقهاء ، كان عمرو بن السيّاف أحد تلاميذه ، فلما سمع بمقتله قام يطالب بثأره ممن قتله من الفقهاء فانتقم منهم ، ثم أخذ يدعو إلى الصلاة ، ويقاتل عليها ، ولم يقف عند هذا الحدّ ، بل ادّعى علم الغيب ، وقاتل كلّ من ينكر عليه ذلك ، وسمّي أتباعه بالمريدين ، ومخالفيه بالجاحدين ، واستمرت ثورته عشرين سنة ، إلى أن قُتل سنة 890 هـ ، فاستراح الناس من شرّه(6) .
ولقد وصف الرحالة والمؤرّخ حسن الوزان الحالة السياسة لبلاد السوس ، فقال : إن سكان بلاد حاحا في حروب أهليّة لا تنقطع (7) .
ويقول عن مدينة تارودانت : بسط المرينيّون نفوذهم على سوس ، واتخذوا من تارودانت مركزا لإقامة نائب السلطان في هذا الإقليم ، وتخضع تارودانت لحكم الأعيان ، ويتداول أربعة منهم مجتمعين السلطة لمدة لا تزيد عن ستة أشهر (1) .
هذه بعض نماذج من أوصاف الحسن الوزان لبعض مدن سوس ، والتي اتسمت بالفوضى والحروب القائمة بين الأهالي .
أما الحياة الفكرية ، فقد شهدت تقدّما ملحوظا في هذه الفترة على الرغم من الاضطرابات والفتن التي كانت تشهدها البلاد أواخر الدولة المرينيّة .
فها هي مدينة فاس قد شهدت حركة علميّة ، وازدهارا ثقافيّا كبيرا ، من ذلك : كثرة بناء المدارس والمساجد فيها ، التي كانت تشعّّ بالعلم والعلماء(2) .
كما استمرت العناية بشؤون المدارس في عهد الوطاسيين ، وانتشرت الكتاتيب وكانت الآيات القرآنية تكتب في ألواح خشبية ، وتحفظ ، ثم تُُمحى ليكتب غيرها من الآيات الموالية(3) .
وبما أن موطن الشوشاوي منطقة السوس ، فإنه لابدّ لنا من إلقاء نظرة على الحركة العلمية فيها ، حيث كانت هذه الفترة تزخر بالعلوم ، تكاد تضاهي مدينة فاس يصف العلامة المختار السوسي هذه الفترة ، قائلا : " كان القرن التاسع قرنا مجيدا في سوس ، ففيه ابتدأت النهضة العلمية التي رأينا آثارها في التدريس والتأليف وكثرت تداول الفنون " ، ويقول بعد ذلك : " زخرت سوس عِلْما بالدراسة والتأليف ، والبعثات تتوالى إلى فاس ومراكش وإلى الأزهر ، حتى كان كلّ ما يدرس في القرويين يكاد يدرس في سوس " (4) .
وفي هذه الفترة بدأ الاهتمام بإنشاء الخزانات وتنظيمها في إقليم سوس ، كخزانة الأسرة العمرية ، وخزانة الأسرة التاتلتية(5) .
وقد كان من أهم مظاهر النشاط الفكري في هذه الفترة ظهور عدد كبير من الفقهاء والصوفييّن، واستمرت العناية بشؤون المدارس في هذه الفترة ، من بينها : المدرسة البرحيلية نسبة إلى أولاد برحيل من قبيلة المنابهة بضاحية تارودانت ، والتي أسّسها العلامة حسين الشوشاوي ، وأمضى فيها حياته ، ثم تتابعت الدراسة فيها إلى أوائل القرن الثالث عشر ، ثم ضعفت بعد ذلك(6) .
وقد اعتنى السوسيّون بأكثر من عشرين عِلما ، من بينها علم القراءات ، الذي كان من الفنون السوسيّة التي سايرت عصرهم العلمي من قديم ، حيث كان هذا العلم يدرّس بمؤلفات الشاطبي(1) ، وابن بري(2) ، والخراز(3) ، وكانوا يتبارون على حفظها عن ظهر قلب ، علاوة على حفظ القراءات السبع أو العشر (4) .
كما كان للسوسيّين – أيضا – مؤلفات في هذا الفن ، من بينها مؤلفات الشوشاوي – التي كان لها الصدارة في هذا الجانب – ، كشرحه على قصيدة الخراز ، المسمى : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" ، و "حلة الأعيان على عمدة البيان" ، وشرحه على نظم ابن بري ، المسمى : "الأنوار السواطع على الدرر اللوامع" (5) .
ومُجمل القول : أن ازدهار الحركة العلمية في هذه الفترة يرجع إلى نشاط علمائها وهمّتهم العالية ، ونبوغهم الذي لا مثيل له عند الأمم ، ثم إلى اهتمام ملوك بني مرين وبني وطاس بالحياة العلمية ، وذلك بتوفير الجو الملائم للعلماء لأداء رسالتهم العلمية على أكمل وجه .
المبحث الثاني : حياته :
1- اسمه ونسبه :
هو حسين بن علي بن طلحة الرجراجي ، الشوشاوي . وكنيته أبو علي (1) .
وفي بعض المصادر المترجمة لـه أن اسمه حسن (2) ، وبعضها كنّـاه بأبي عبد الله(3) . وكان الاعتماد فيما أثبته على ما جاء في المخطوطات الموجودة لدي ، وهو : حسين .
والرجراجي : نسبة إلى قبيلة رجراجة ، وهي من قبائل المصامدة ، والمصامدة كما قال ابن خلدون : هم من ولد مصمود بن يونس من شعوب البربر ، وهم أكثر قبائل البربر(4) ، وتسكن قبيلة رجراجة في جبل الحديد أحد جبال بلاد حاحا ، بالقرب من نهر " تانسيفت" ، وعددهم في ذلك الوقت أربعمائة أسرة ، حفظ منهم القرآن والمدونة ثلاثمائة رجل ، وثلاثمائة امرأة (5) .
أما الشوشاوي : فهو نسبة إلى مدينة شوشاوة أو شيشاوة الواقعة جنوب المغرب بالقرب من مدينة مراكش ، وهي من مواطن الرجراجيّين الأصلية ، كما بيّن ذلك المختار السوسي بقوله : ومواطنهم الأصلية ما بين شيشاوة إلى " أحمر " ، " والشاظمية " حيث أضرحة أسلافهم ، ثم امتدّت فروع منهم إلى سوس (6) .
2- نشأته وتعلّمه :
لم أجد في كتب التراجم التي اطّلعت عليها تاريخا محدّدا لمولده ، ولكن استنادا على ما جاء في كتابه : ( تنبيه العطشان على مورد الظمآن ) – الذي أقوم بتحقيقه – من قول ناسخه ، أنه : " طواه أوائل شهر رمضان المعظم عام اثنين وأربعين وثمان مائة " (1) ، فإنه يمكن القول بأن ولادته في الغالب تكون أول القرن التاسع .
أما عن نشأته ، فقد نشأ وترعرع في رجراجة أشرف قبائل مصمودة ، والتي أنجبت عشرات الأعلام في مختلف ميادين المعرفة ، والشوشاوي من أبرزهم .
وكتب التراجم التي عثرت عليها لم تتحدث عن تنقلات هذا العالم ورحلاته ، إلا ما ذكره العلامة المختار السوسي : " كان سيّدي حسين انتقل من المحل الذي يسكن فيه والده إلى شيشاوة ، ثم إلى "فسفاس" ، حيث بنى زاوية ، ثم بنى زواية أخرى في أولاد برحيل " (2) .
أما عن تعلّمه ، فالظاهر أنه لم يدرس بفاس ، بدليل عدم ذكره في كتب التراجم الخاصة بفاس ، لكن يمكن القول بأنه أتمّ دراسته بجنوب المغرب ، لازدهار العلوم وقتئذ بمراكش وما حولها ، فقد وصفها الكانوني : " بأنها نظرا لما حَوتْه من حضارة وعلوم وفنون ، كانت مهدا للحضارة ، وعاصمة للدولة الموحدية والسعدية " (3) ، ثم انتقل من شيشاوة إلى بلاد السوس ، كما في مصادر ترجمته التي تشير إلى وفاته بتارودانت من إقليم السوس ، ولكنه من غير شك قد جاب المناطق المغربيّة ، أو على الأقل المناطق القريبة لإقليم سوس ، ولعلّه استقرّ بعد ذلك في إقليم سوس ، يُفهم ذلك من تأسيسه مدرسة في هذا الإقليم ، وتدريسه فيها طيلة حياته (2) .
3- شيوخه وتلاميذه .
أولا : شيوخه :
مما لا شكّ أن عالما مثل الشوشاوي قد تلقّى العلم عن كبار الشيوخ ، لكن كتب التراجم ، ومصنفات الشوشاوي نفسه ، لم تذكر لنا ولو شيخا واحدا ، وإنما أشار بعضها إلى اثنين من أقرانه ، قد يكونان استفادا منه ، واستفاد منهما ، وهما :
1- عبد الواحد بن الحسن الرجراجي ، شيخ وادي نون ، تصدّر للإقراء ، وألّف في ظاءات القرآن ، وطاءاته ، ودالاته ، وذالاته . توفي سنة 900 هـ (1) .
وقد نسب لـه المختار السوسي أرجوزة في الرسم قال عنها : أنها معروفة عند القرّاء السوسيّين (2) .
وقد ذكر هذه الرفقة أحمد التنبكتي ، بقولـه : " حسين بن علي الرجراجي الشوشاوي رفيق عبد الواحد الرجراجي " (3) .
2- يحيى بن مخلوف السوسي ، أبو زكريا ، الفقيه ، الأستاذ الصالح ، أخذ عن أحمد الونشريسي ، وعن شيوخ بجاية ، وغيرهم . توفي سنة 927 هــ (4) .
وقد أثبت هذه الرفقة المختار السوسي ، بقولـه : " ومن أقران الشوشاوي ، وإن كان هذا أكبر منه ، العلامة يحيى بن مخلوف السوسي " (5) .
ثانيا : تلاميذه :
إن من أسّس مدرسة وأمضى حياته في التدريس ، لابدّ أن يكون قد تخرّج عليه عدد من التلاميذ ، لكن كتب التراجم لم تحفظ لـنا إلا تلميذا واحدا ، وهو : داود بن محمد التوتلي التاملي ، الفقيه ، صاحب المجموع في الوثائق ، كان فقيها عالما صالحا ، تخرّج على يديه جماعة منهم : حسين بن داود الرسموكي ، وانتفع به خلق كثير(6) .
قال العلامة المختار السوسي : أخذ رضي الله عنه عن العالم الجليل حسين الشوشاوي (7) .
وقال الحضيكي في طبقاته : " وممن أخذ عنه وتفقه على يده تلميذه : سيدي داود ابن محمد بن عبد الحق التاملي ، صاحب أمهات الوثائق " ( .
4- مكانته العلمية وثناء العلماء عليه :
يعتبر الشوشاوي من صفوة العلماء في عصره ، وأحد الأعلام في سوس.
فقد قال عنه الكانوني – وهو يتحدّث عن العلماء الذين نبغوا في هذا العصر – : " الإمام الأصولي المقرئ ، ذو التآليف النافعة ، منها كتاب الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة في علوم القرآن ، وتنبيه العطشان على مورد الظمآن في رسم القرآن ورفع النقاب عن تنقيح الشهاب " (1) ، كما أثنى عليه في موضع آخر ووصفه بأنه نظّار ، فقال : " الإمام الأستاذ المقرئ النظّار الواصلي ، صاحب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب في الأصول " (2) .
كما تقوم شهرته على المؤلفات الجليلة التي خلّفها ، وتلقّاها الناس من بعده بالقبول ألف في الأصول ، والقراءات ، والفقه ، والطب ، وعلوم القرآن ، وبرز في مختلف الفنون ، واشتهر في كثير من ميادين المعرفة .
وذكره العلامة المختار السوسي في طليعة الذين اشتهروا بالتأليف في معظم الفنون ، وأثنى عليه بأنه انفرد بالتأليف في الطب في القرن التاسع الهجري (3) .
واعتمد السوسيون على بعض مؤلفاته ككتابه : "رفع النقاب عن تنقيح الشهاب" الذي كان بعض علماء سوس لا يدرسون إلا بهذا الكتاب (4) .
وأثنى عليه في المعسول بقوله : " حسين الشوشاوي العلامة الأصولي " (5) .
ومما يدلّ على مكانة الشوشاوي – أيضا – تقديمه على أقرانه ، فقد قال عنه العلامة المختار السوسي : " ومن أقران الشوشاوي – وإن كان هذا أكبر منه – العلامة يحيى بن مخلوف السوسي ....... ولعله لم يدرك مقام الشوشاوي العلامة الكبير " (6) .
5- وفـاتـه :
ذكرت كتب التراجم أن وفاة الشوشاوي – رحمه الله تعالى – كانت في آخر القرن التاسع الهجري (3) . وقد ورد في بعضها تحديد وفاته بسنة 899 هــ (4) .
وقيل : أن سبب موته سقوط كتبه عليه (5) .
الفصل الثاني
آثاره العلمية
وفيه مبحثان :
المبحث الأول :مؤلفاته .
المبحث الثاني : دراسة أحد مؤلفاته كنموذج .
- آثاره العلمية :
أكثر مؤلفات الشوشاوي كانت في علوم القرآن والقراءات لبروزه في هذا الفن ، ولاهتمام السوسيّين بهذا العلم ، ولـه تآليف أخرى في مختلف العلوم ، وقد توصلت إلى معرفة أحد عشر مؤلفا من مؤلفاته (1) .
أولا : كتب الشوشاوي في علوم القرآن :
* الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة(2) :
هذا الكتاب من تأليفه ، وليس شرحا على كتاب آخر ، وموضوع الكتاب يتناول علوم القرآن ، وقد رتب الشوشاوي كتابه على عشرين بابا في هذا العلم .
ومما يدلّ على أهمية هذا الكتاب انتشار نسخه انتشارا كبيرا في الشرق والغرب(3) .
* تنبيه العطشان على مورد الظمآن :
وهو شرحه لنظم الخراز ، وسيأتي الحديث عنه الحديث في المبحث الثاني .
* حلّة الأعيان على عمدة البيان (4) :
هو شرح وضعه الشوشاوي على عمدة البيان ، لناظمه محمد بن محمد الخراز ، وموضوع الكتاب : أحكام الضبط في القرآن الكريم .
أتى فيه بمقدّمة مسهبة جعلها في عشرين فصلا ، تحدّث فيها عن : أحكام نقط المصحف ، وعدد الآي ، وحكم التخميس والتعشير ، ونحوها . ثم قسّم كتابه إلى ثمانية أبواب ، متتبعا هذه الأبواب الثمانية بالشرح والتحليل .
وقد نهج في شرحه طريقته المعتادة ، بحصره عناصر البيت في أسئلة متوالية ، ثم يجيب عنها بجواب مفصل .
توجد لهذا الكتاب أكثر من نسخة ، منها :
نسخة في الخزانة العامة بالرباط ، تحت رقم "659" ق ، وهي تامة خالية من تاريخ النسخ ، عدد صفحاتها "368" ، من القطع المتوسط ، كتبت بخط مغربي جيد
وتوجد من هذا الكتاب نسخة أخرى محفوظة في الخزانة الملكية ، تحت رقم "674" ، عدد صفحاتها "335" صفحة ، من القطع الكبير ، كتبت بخط مغربي متوسط .
* الأنوار السواطع على الدرر اللوامع :
في المصادر التي اطّلعت عليها لم يذكر أحد ممن ترجم لـه هذا الكتاب إلا أن الأستاذ الرغروغي ذكره بعنوان : "شرح الدرر اللوامع" . ولم يشر إلى مكان وجوده(1) . وقد وجدت لـه نسخة في الخزانة العامة بالرباط ، تحت رقم "1204"ق ، وهو مجلد يقع في "343" صفحة من القطع المتوسط ، مكتوب بخط مغربي متوسط كتبت هذه النسخة عام 921 هــ ، على يد أحمد بن محسن .
وتوجد منه نسخة أخرى في المكتبة الوطنية بالجزائر(2) ، تحت رقم "379" ، تحصّلت على صورة منها .
وهذا الكتاب شرح وضعه الشوشاوي على منظومة ابن بري ، المتوفى سنة 731 هـ ، في التجويد والقراءات ، والمسماة "الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع" .
بدأ في شرح الأبيات مباشرة دون مقدمة ، وطريقته في ذلك هي : أن يورد البيت ثم يشرح معناه ، ذاكرا ما فيه من أقوال وتعليلات ، ثم ينتهي بإعراب البيت كاملا .
* رسالة في أحكام تعليم القرآن :
ذكر الشوشاوي فيها ما يتعلق بأحوال حامل القرآن ، وقدّم لها بتمهيد ، ضمّنه سبعة مسائل ، منها : ما مثل حامل القرآن ، والخالي منه ، وما مثل البيت الذي يقرأ فيه القرآن ........ إلخ (3) .
ثم عقد بابا لهذه الرسالة ، ذكر فيه عدة مسائل ، أجاب عليها أحيانا بإجابة مطولة وأحيانا بإجابة مختصرة .
توجد لهذه الرسالة نسخة في مركز جهاد الليبيّين ، تحت رقم "61" ، ضمن مجموع ، عدد أوراقها "10" ورقات ، كتبت بخط مغربي دقيق على يد عبد الرحمن المغربي .
* إعانة المبتدئ في القراءات :
ذكره عبد العزيز بن عبد الله في معجم المحدثين ، وأشار إلى وجوده في مكتبة جامعة القرويين ، تحت رقم "248" (4) .
ثانيا : كتب الشوشاوي الأخرى :
* رفع النقاب عن تنقيح الشهاب(1) :
وهو شرح لـ "تنقيح الفصول في الأصول" لشهاب الدين أبي العباس بن إدريس القرافي المالكي المتوفى سنة 684 هــ (2) ، وهذا الكتاب من الكتب المشهورة والمعتمدة عند السوسيّين(3) .
فالقرافي رتّب كتابه على مائة فصل ، وجعله في عشرين بابا ، منها :
في الألفاظ ، في المطلق والمقيد ، في الاجتهاد ، في القياس .
شرح الشوشاوي هذه الأبواب شرحا وافيا ، معلّلا ومرجّحا ، وقد تخلّى عن طريقته المعهودة في السؤال والجواب إلى طريقة أخرى ، وهي حصر الجواب في نقط سماها بالمطالب ، ويخرج من مطالب إلى فروع .
توجد من هذا الكتاب نسخة في الخزانة الملكية ، تحت رقم "8435" ، عدد صفحاتها "286" صفحة ، من القطع الكبير ، مكتوبة بخطوط مغربية مختلفة ، على يد أحمد الكنسوسي .
* قرّة الأبصار على الثلاثة الأذكار(4) :
هذا الكتاب من تأليفه ، تعرّض فيه لتفصيل الكلام على ثلاثة أذكار ، رتّبه في ثلاثة أبواب :
الباب الأول : شرح فيه لفظ " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ، وأورد فيه مائة وستين سؤالا (5) .
الباب الثاني : فيما يتعلق بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " ، وأورد فيه مائة وعشرة أسئلة (6) .
الباب الثالث : فيما يتعلق بالصّلاة على النبي ، وجعله في ثلاثين سؤالا (7) .
وقد استوفى الإجابة على جميع هذه الأسئلة ، وضمنّها قواعد وفوائد .
* مجموعة في الطب( :
وكتابه هذا مزيج بين الطبّ الروحاني ، والطبّ المعتمد على النباتات ، جمع فيه أكثر من "127" علاجا ، منها : علاج بياض العين : خذ رماد الرمان ، فيملى منه قشر بيضة ، ويجعل على النار حتى يذهب منه الثلثان ثم تسحقه إذا برد ، وتكحل به عند النوم .
توجد من هذا المخطوط نسخة محفوظة في الخزانة الملكية ، تحت رقم "7533" عدد صفحاته "12" صفحة ، مكتوب بخط مغربي دقيق بمداد أسود ، وقد أصابت الرطوبة بعض أجزائه ، مبتور الآخر ، ينتهي بعبارة : " وتجعل مرودا في كل عين وأنت على قفاك وتصبر ساعة لحرارته فإنه شفاء من كل داء إن شاء الله تعالى " .
* تقييد في حصر اللغات التي نزل بها كلام الله :
حصر الشوشاوي في هذا التقييد اللغات التي نزل بها كلام الله – تعالى – ، وهي أربع لغات : العربية والعجمية والعبرانية والسُريانية .
أوله : " حصر اللغات التي نزل كلام الله أربع ............. " .
آخره : " وفي المشي بالجمع أربعة ................ " .
نسخة يبدو أنها غير تامة ، مكتوبة بخط مشرقي متوسط ، ضمن مجموع ، من 58 – 60 محفوظة في الخزانة الحسنية ، تحت رقم "12027" .
* نـوازل فـقهيــة (1) :
أشار العلامة المختار السوسي إلى عدم وجود هذا الكتاب ، قائلا : " وأما نوازلـه الفقهية إن كان المعنِي بها مؤلفا خاصّا ، فإني لم أقف عليها قط ، وإنما رأيت له فتاوى متفرّقة " (2) .
المبحث الثاني : دراسة تنبيه العطشان كنموذج من مؤلفاته .
أ- نسبته لمؤلفه :
تحقّقت من صحة نسبة هذا الكتاب إلى حسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي ، من خلال كتب التراجم وفهارس المخطوطات .
فقد أطلقت عليه كتب التراجم اسم : "شرح مورد الظمآن" (1) ، و جاء في فهارس المخطوطات باسم : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" (2) .
وثبت اسم الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي ، في أوائل النسخ التي وقفت عليها ، وكذلك في آخرها ، مع اختلاف النسّاخ والعصور ، مما يؤكّّد نسبة الكتاب لمؤلّفه .
ب- منهجه وأسلوبه :
ممّا لا شك فيه أن منهجيّة الشرح لنظم ما يرجع إلى طبيعة النظم ، وإلى اختيار الشارح طريقة معينة في شرحه ، ومن ثَمّ تتعدد المناهج في الكتاب الواحد بين مطوّل – كما حصل في هذا الكتاب – ومختصر ومتوسط .
استهلّ الشوشاوي شرحه بمقدّمة مسهبة ، لم يبيّن فيها أسباب تأليفه للكتاب ، ومصادره ، وهي طريقة اتّبعها في مؤلّفاته الأخرى التي اطّلعت عليها .
تقوم منهجيّة الشوشاوي في أغلب مؤلّفاته على طريقته السؤال والجواب ، إلا أنه في شرحه لهذا الكتاب ، قد تخلّى شيئا مّا عن طريقته المعتادة ، إلى حصر الكلام في مطالب ، ثم يجيب عنها بأجوبة متتابعة .
مثال ذلك : قوله في صدر الكتاب : " قال الناظم أبو عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم الأموي الشريشي – عفا الله عنه – : هكذا ثبت في نسخة الناظم بخطّ يده – رحمه الله تعالى – ، وفي هذه المقدّمة عشرة مطالب :أحدها : ما اسم الناظم ؟ ، ثانيها : ما نسبه ؟ ، ثالثها : ما بلده ؟ ، رابعها : ما فنونه من العلم ؟ ......... " (3) .
وإنني من خلال دراستي لهذا الشرح حاولت تلخيص منهجه وأسلوبه في النقاط التالية :
* يمتاز أسلوبه بالسهولة والوضوح في أغلب الأحيان لولا الإطناب الذي يعتري أغلب موضوعاته ، من ذلك – مثلا – شرحه لقول الناظم : (( جمعه في الصحف الصدّيق كما أشار عمر الفاروق )) ، تطرق للحديث عن الأحرف السبعة ، واستغرق منه أكثر من أربع ورقات (1) .
* تتبعه لألفاظ الناظم بالشرح والتحليل والنقد أحيانا .
* حصره لعناصر الموضوع الذي يعالجه وذلك بإيراد الأسئلة المتوالية التي قد تصل إلى عشرين سؤالا ، ثم يعقبها بأجوبة متتابعة ، كشرحه لقول الناظم : (( وبعده جرّده الإمام في مصحف ليقتدي الأنام )) ، حيث قال : " وهاهنا عشرون سؤالا .............. الخ " (2) .
* تعليله وتوجيهه لأغلب الأحكام كما يتضح ذلك في تعليله وتوجيهه لحذف الألف من : أَيُّهَ حيث ذكر في تعليله ثلاثة أوجه : حملا للخط على اللفظ ، الاكتفاء بالفتحة عن الألف ، الإشارة إلى القراءة الأخرى(3) .
* ذكره مناسبة البيت الذي يشرحه بما قبله ، وربط كلام الناظم الذي يشرحه بالمواضع الأخرى .
* وفرة الأمثلة في هذا الكتاب ، فلا تكاد تخلو مسألة من مثال أو أكثر .
* تعرض الإمام الشوشاوي لأمور أهملها الناظم أو أغفلها ولم يشر إليها ، ونبّه عليها بقولـه : تنبيه أو تنبيهان أو تنبيهات ، مثال ذلك عند شرحه لقول الناظم : (( وللجميع السيئات جاءا بألف إذ سلبوه الياءا )) ، حيث قال : " تنبيه : ينبغي أن يذكر هاهنا قولـه تعالى : وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَـَاتُ فِي الْبَحْرِ كَالاْعْلامِ فإن أبا داود قال في التنزيل: " وكتبوا في بعض المصاحف المنشئات بألف ثابت" ، ثم قال : " فعلى الناظم درك ، لأنه لم ينبّه عليه ، فينبغي أن يذكر هاهنا هذا البيت :
عن بعضها في المنشئات الثبتُ حكاه في التنزيل خبر ثبتٌ (4)
* تفسيره لأغلب الكلمات الغريبة في المتن ، مثل : السندس ، القسطاس ، الطلح(5) ، وغيرها
* ترجمته أحيانا للأعلام في المتن ، كأبي عمرو الداني ، وأبي داود ، والشاطبي ،
وغيرهم (6) .
* استدراكه على الناظم وإصلاحه لبعض الأبيات ، مثل قوله : " وينبغي أن تزاد هذه الأبيات هاهنا ، بعد قوله : (( ما لم يكن شدّدا أو إن نبرا )) .
ومــا تصـــدر من الجمــــوع بهمـــزة شهــر في المسمـوع
إثبـــات ثــانيـــه كــآمـــنيــــن وآخــــرون قــــل ولا آمـــّيــن
كما هو المعروف في الهمزات في مرتضى الكتاب والنحــــاة (1)
* يذكر في كثير من نقولاته المراجع التي رجع إليها واقتبس منها ، كالمقنع والتنزيل والميمونة والمنبهة ، وهذا يرفع من قدر المؤلف ، وعند نقله من شروح المورد التي سبقته ، فإنه يكتفي بقوله : " قال بعضهم " ، أو " قال بعض الشراح " ، كما في شرحه لقول الناظم : " وَعَنْـهُ حَذْفُ خَاطِئُـونَ خَاطِئِيـنْ " ، حيث قال : " وقال بعض الشرّاح : إنما ذكر الناظم هذه الألفاظ هاهنا مع اندراجها في عموم الحذف المتقدم لاختصاص أبي داود بحذفها دون أبي عمرو ............ " (2) .
* إيراده لبعض الإحصائيات ، مثل قوله : " وعدد ألفات القرآن على قراءة نافع ، ثمانية وأربعون ألْفا وسبع مائة وأربعون ألِفا ، وعدد الياءات خمسة وعشرون ألْفا وتسعمائة وتسع ياءات ، وعدد الواوات خمسة وعشرون ألْفا وخمسمائة وست واوات (3) .
* ذكره للقراءات المشهورة وأحيانا الشاذة ، كما في قوله تعالى : تَسَّـقَطْ ، حيث قال : " وفي هذا اللفظ في السبع ثلاث مقارئ كلها بالألف في اللفظ :
أحدها : تَسَّـقَطْ بفتح التاء وتشديد السين وفتح القاف ، وهى قراءة نافع .
الثاني : تَسَاقََطْ بفتح التاء والسين الخفيفة وفتح القاف ، وهي قراءة حمزة .
الثالث : تُسَاقِطْ بضم التاء وتخفيف السين وكسر القاف ، وهي قراءة حفص عن عاصم . فهذه ثلاث قراءات مشهورات في السبع .
وقرئ خارج السبع بقراءتين أخريين كلتاهما بالياء إحدى هاتين القراءتين الشاذتين : (يَسّاقَط) بالياء المفتوحة وتشديد السين وفتح القاف .
والقراءة الثانية من هاتين القراءتين الشاذتين : (يُسَاقِط) بالياء المضمومة وفتح السين المخففة وكسر القاف .
فهذه خمس قراءات : ثلاث في السبع ، وقراءتان خارج السبع " (4).
*اهتمامه باللغة ، فتراه دائما يشرح أوّلا كلام الناظم شرحا لغويا مستدلا على ذلك بالقرآن والسنة وكلام العرب ، ثم يبين المقصود منها في النظم . كشرحه لقول الناظم (( محمد ذي الشرف الأثيل صلى عليه الله من رسول )) ، حيث قال : " واختلف اللغويون في أصل الصلاة : قيل : أصلها الدعاء ، وقيل : أصلها الانحناء والانعطاف
فأما الأول – وهو أن أصلها الدعاء – فدليله الكتاب والسنة وكلام العرب .
فالكتاب قوله تعالى في أموات الكفار : وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا ، وقوله تعالى : وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَٰتَِكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ، أي أن دعواتك رحمة لهم .
ومن السنة قولـه : (( إذا دّعي أحدكم إلى وليمة فليجب إن كان مفطرا ، وإن كان صائما فليصل لهم )) ، أي فليدع لأهل المنزل بالبركة .
ومن كلام العرب ، قول الأعشى :
تَقُولُ بِنْتِي وَقَدْ قَرَّبَـــتْ مُرْتَحَـــلاً يَا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الأَوْصَابَ وَالْوَجَعَا
عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِي صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضِي نَوْمًا فَإِنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعَــــا" (1)
* في نهاية كل بيت لا يفوته إعراب كلام الناظم .
* تأثره بصاحب النظم ، ويتجلّى ذلك في تصويبه لمعظم آرائه ، من ذلك – مثلا – : ما جاء في : "فصل حذف الألف المعانق للام" ، والذي أورد فيه اثني عشر اعتراضا ، أجاب على أغلبها ، وقال في الباقي إنها لازمة (2) .
* إبداء رأيه في بعض أقوال الناظم ومناقشة من سبقه في هذا الشرح ، مثال ذلك : ما جاء عن بعض الشراح أن قول الناظم : (( وللجميع الحذف في الرحمن )) أنه من الأحكام المطلقة ، حيث قال : " هكذا مثّل بعض الشرّاح هاهنا للحكم المطلق ، والأولى عندي أن الحكم في هذه الأمثلة ليس بمطلق ، وإنما هو مقيّد بجميع الشيوخ ، لأن قولـه : (( وللجميع الحذف في الرحمن )) أسنده الناظم إلى جميع الرواة ، فكيف يقال مطلق مع إسناده؟! " (3) .
* ومما يؤخذ على الشوشاوي : أنه أورد روايات وأحاديث ضعيفة ، مثل ما روي أن أوّل ما كتب في اللوح المحفوظ : " أنا الله لا إله غيري من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر نعمائي فليطلب إلها سوائي " (4) .
ومثل الحديث : " أصحابي كالملح للطعام فإذا ذهب الملح فسد الطعام " (5) .
* التكرار في بعض المواضع ، كحديثه عن معنى الاضطراب في قول الناظم : (( ولا يكون بعده اضطراب ....... )) ، ثم كرر الكلام بكامله في شرحه لقول الناظم : (( باب اتفاقهم والاضطراب ......... )) (6) .
* استدراكه على الناظم في بعض الأحيان بأنه غفل عن بعض الألفاظ ، في حين أنه لم يغفل عنها ، مثال ذلك قول الشوشاوي : " واعترض قوله : (( ميقات )) : لأنه يقتضي أنه محذوف مطلقا ، مع أن أبا داود نصّ في التنزيل على أن قولـه تعالى في سورة النبأ : إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا بألف ثابتة ، وهذا من الألفاظ الخمسة المحذوفة لأبي داود ، وقد أغفلها الناظم – رحمه الله – "(7) .
جـ - مصادر الكتاب :
لاشكّ أن غزارة مادة هذا الكتاب ودقّة معلوماته تدل على رجوع المؤلف إلى كثير من المصادر في مختلف العلوم ، اعتمد على بعضها ونقل منها كثيرا ، واستفاد من بعضها في مسائل معينة . وعلى هذا يمكن تقسيم مصادر هذا الكتاب من حيث الاعتماد عليها إلى قسمين : مصادر أصليّة ، ومصادر مساعدة .
أولا : المصادر الأصلية :
وهي التي اعتمد عليها الشارح ونقل منها كثيرا ، وهذه الكتب في علم الرسم والضبط :
* المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار لأبي عمرو الداني{ت 444 هـ}
* المحكم في نقط المصاحف ، لأبي عمرو الداني .
* مختصر التبيين لهجاء التنزيل ، لأبي داود سليمان بن نجاح {ت 496 هــ } .
* المنصف (1) ، لأبي الحسن على بن محمد المرادي {ت 564 هــ } .
* عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد ، للإمام الشاطبي {ت 590 هــ } .
* الميمونة الفريدة(2) ، لأبي عبد الله القيسي {ت 749 هــ } .
* بعض شروح المورد ، كـ : "التبيان في شرح مورد الظمآن" لأبي محمد عبد الله الصنهاجي ، المعروف بابن آجطا {ت750 هــ } .
وقد يصرّح الشوشاوي باسم المؤلف والكتاب أحيانا ، وقد يذكر اسم المؤلف فقط وقد يذكر اسم الكتاب فقط ، وقد يقتبس القول من غير إشارة إلى أحد .
ثانيا : المصادر المساعدة :
وهي التي لم يرجع إليها إلا قليلا ، وشملت الفنون التالية : فنّ التفسير وعلوم القرءان ، السنة وعلومها ، الفقه ، اللغة والنحو .
مصادره في التفسير وعلوم القرءان :
1- معاني القرآن ، لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء ، {ت 207 هـــ } .
2- فضائل القرآن ، لأبي عبيد القاسم بن سلام ، {ت 224 هـــ } .
3- تأويل مشكل القرآن ، لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، {ت 276 هــ } .
4- جامع البيان في تفسير القرآن ، لمحمد بن جرير الطبري ، {ت 310 هــ } .
5- كتاب الغريبين (3): غريبي القرآن والحديث ، لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي {ت 401 هــ } .
6- التحصيل من التفصيل لمعاني التنزيل(4) ، لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي {ت 440 هـــ } .
7- الأرجوزة المنبهة على أسماء القراء والرواة ، لأبي عمرو الداني .
8- الكشّاف ، لأبي القاسم محمود الزمخشري ، {ت 538 هـــ } .
9- المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، لأبي محمد عبد الحق الأندلسي ، {ت 541 هـــ } .
10- أحكام القرآن ، لأبي بكر حمد عبد الله بن العربي ، {ت 543 هــ } .
11- حرز الأماني ووجه التهاني ، المشهورة بالشاطبية ، لأبي القاسم بن فيرّه الرعيني الأندلسي .
12- الوسيلة إلى كشف العقيلة لعلم الدين علي بن محمد السخاوي ، {ت 642 هــ } .
13- الدرر اللوامع في مقرأ نافع ، لأبي الحسن علي بن محمد الرباطي الشهير بابن برّي ، {ت 731 هــ } .
14- الدرّة الصقيلة في شرح أبيات العقيلة ، لأبي محمد عبد الغني المشهور باللبيب .
مصادره في السنة النبوية :
1- صحيح البخاري ، {ت 256 هـــ } .
2- صحيح مسلم ، {ت 261 هـــ } .
3- تأويل مشكل الحديث ، لابن قتيبة ، {ت 276 هـــ } .
4- القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (1) لأبي بكر محمد بن العربي {ت 543 هــ}
مصادره الفقهية :
1- الرسالة ، لأبي زيد القيرواني ، {ت 389 هــ} .
2- الاستذكار في مذهب علماء الأمصار ، لأبي عمر بن عبد البر ، {ت 463 هـــ}
3- الذخيرة ، لشهاب الدين القرافي ، {ت 684 هـــ} .
مصادره في اللغة العربية :
1- ديوان النابغة : زياد بن معاوية الذبياني ، {ت 18 ق هــ} .
2- ديوان امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي ، {ت 80 ق هــ} .
3- ديوان الفرزدق : همام بن غالب بن سفيان التميمي ، {ت 110 هــ} .
4- إصلاح المنطق ، لابن السكيت ، {ت 244 هـــ} .
5- مختصر العين ، لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي ، {ت 379 هــ} .
6- تاج اللغة ، لإسماعيل بن حماد الجوهري .
7- ديوان الأعشى : عامر بن الحارث بن رباح الباهلي .
8- سر الصناعة ، لأبي الفتح عثمان بن جني ، {ت 392 هـــ} .
9- شرح الفصيح ، لأبي عبد الله محمد بن هشام اللخمي ، {ت 570 هـــ} .
مصادره في النحو :
1- الكتاب ، لأبي بشر عمرو بن قنبر ، المعروف بسيبويه ، {ت 180 هــ} .
2- الجمل ، لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي ، {ت 337 هـــ} .
3- الخصائص ، لابن جني ، {ت 392 هـــ} .
4- المقدّمة في النحو لأبي موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي ، {ت 616 هــ}
5- الألفية ، لزكريا بن معطي (1) ، {ت 628 هــ} .
6- شرح المفصل ، لأبي عمرو ابن الحاجب ، {ت 646 هــ } .
7- شرح جمل الزجاج ، لأبي الحسن علي بن عصفور ، {ت 669 هـــ} .
8- الألفية ، لابن مالك : جمال الدين محمد بن مالك الأندلسي ، {ت 672 هــ} .
9- المشكاة والنبراس شرح كتاب الكراس(2) للجزولي ، تأليف إبراهيم بن عبد السلام أبي إسحاق العطّار ، {ت 677 هـــ} .
10- شرح الألفية ، للحسن بن قاسم المرادي ، {ت 749 هـــ} .
مصادره في السيرة النبوية :
1- الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ، {ت 544 هـــ} .
2- الشفا في شرف النبي المصطفى لابن سبع(3) .
د- القيمة العلميّة للكتاب :
إن مؤلفات الشوشاوي تعدّ كلها ذات أهميّة في تاريخ التراث ، وبخاصّة في القرآن وعلومه ، لما امتاز به مؤلفها من سعة ودراية في هذا العلم .
وكتابه : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" ، يعتبر من أهم ما صنف في علم الرسم القرآني . وتتجلى أهميّته في أمور كثيرة ، منها :
- جلالة موضوعه : فهو يتعلق برسم المصحف الشريف .
- أهمية القصيدة المشروحة : فهي "مورد الظمآن في رسم القرآن" ، للإمام أبي عبد الله الخراز ، التي اعتمد فيها على أربعة كتب ، تعدّ من أهم ما صنّف في علم الرسم القرآني .
- أسلوبه المتميز بالسهولة والوضوح ، بعيدا عن التكلّف والتعقيد .
- كونه من بين المصادر القليلة التي اعتنت بتوجيه ظواهر الرسم على النحو الذي تُوجّه به أصول القراءات القرآنية .
- غزارة مادته ، وكثرة مصادره ، فقد احتفظ لنا بآراء كثيرة ، استقاها من مصادر لا نعلم عن بعضها غير عناوينها ، وبعض النقولات المتفرقة في بعض الكتب .
- استدراكه على منظومة الخراز في الأحرف التي أهملها أو غفل عنها – رحمه الله – فقد ضمّ الكتاب مجموعة أبيات للمؤلف استدرك بها على الخراز ، ذكرت أمثلة منها عند الحديث عن منهجه .
- ومما يدلّ على أهمية هذا الشرح : اعتبار الشوشاوي من العلماء الذين نبغوا في عصره بسبب مؤلفاته التي من بينها : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" (1) .
كما نوّه بأهمية هذا الشرح الأستاذ سعيد إعراب ، بقوله : " ومن أهم الشروح تنبيه العطشان على مورد الظمآن ، لأبي علي الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي {ت 900 هــ } ، دفين أولاد برحيل بقبيلة المنابهة " (2) .
وفي خاتمة مقدّمته لتحقيق كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل ، نصح الدكتور أحمد شرشال بتحقيق بعض الكتب الجامعة للرسم والضبط ، من بينها كتاب : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" ، و"حلة الأعيان" للشوشاوي – أيضا – ، اللذين وصفهما بقوله : " فلم أر كتابا أوسع وأشمل منها " (3) .
مما سبق يتضّح أن لهذا الكتاب أهميّة كبيرة في هذا العلم ، وأثرا في الكتب التي أُلّفت بعده وخاصة شروح المورد ، مثل "فتح المنان" لابن عاشر .
فهرس المصادر والمراجع
*أسفي وما إليه قديما وحديثا لمحمد الكانوني العبدي ، تحقيق : علال ركوك وآخرون ، تقديم محمد بنشريفة ، منشورات جمعية البحث والتوثيق والنشر ، 2005 م .
* الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام للعباس المراكشي ، المطبعة الملكية ، الرباط ، 1974 م .
*الاستقصا لأخبار دول المغرب ، لأبي العبــاس أحمــد بن خــالد النــاصري ، تحقيق :جعفر الناصري ومحمد الناصري، ط1 ، دار الكتاب الدار البيضاء ، 1997 م .
* تاريخ ابن خلدون ، منشورات دار الكتاب اللبناني ، 1968 م .
*خلال جزولة لمحمد المختار السوسي ، تطوان ، المغرب ، د . ت .
* درة الحجال في غرة أسماء الرجال لأبي العباس المكناسي ، تحقيق مصطفى عبد القادر ،
ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2002 م .
*رجراجة وتاريخ المغرب ، لمحمد الرجراجي ، ط1 ، منشورات جمعية البحث والتوثيق والنشر ، 2004 م .
* سوس العالمة ، للعلامة محمد المختار السوسي ، مطبعة فضالة المحمدية ، 1960 م .
*طبقات الحضيكي ، مخطوط محفوظ في الخزانة العامة بالرباط ، رقم "1753" .
*فهرس المخطوطات العربية في المكتبة الوطنية بالجزائر وتونس ، لهلال ناجي ، ط1 ، عالم الكتب ، بيروت ، 1999 م .
*فهرس الخزانة الحسينية بالقصر الملكي ، تصنيف محمد الخطابي ، تحت رقم "5729" ، ط1 ، الرباط ، 1987 م .
* فهرس خزانة القرويين بفاس ، تحت رقم "1041" .
* فهرس المخطوطات بمركز جهاد الليبيين ، إعداد إبراهيم الشريف ، تحت رقم "66" ، ط1 ، طرابلس ، ليبيا ، 1989م .
* فهرس مخطــوطات دار الكتـب النـاصرية بتمكروت ، تحت رقم "1648" ، وزارة الشؤون والأوقاف الإسلامية ، المملكة المغربية ، طبعة 1985 م .
* فهرس مخطوطات مكتبة عبد الله كنون لعبد الصمد العشاب ، تحت رقم "10336" ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، المملكة المغربية ، طبعة 1996 م .
*قبائل المغرب لعبد الوهاب منصور ،المطبعة الملكية ، الرباط ، 1968 م .
* كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، لحاجي خليفة ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
*كفايــة المحتــاج لمعرفة من ليــس في الديبــاج ، لأحمد بابــا التنبكتي ، دراسة وتحقيق محمد مطيع ،طبعة 2000 م ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، المملكة المغربية .
*مختصر التبيين لهجاء التنزيل ، لأبي داود سليـمان بن نـجاح ، دراســة وتحقيق أحمد بن أحمد شرشال ، المملكة العربية السعودية ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، 1421هـــ .
*معجــم المؤلفيـــن لعمـــر رضا كحـــالة ، اعتنى به وجمعه مكتب تحقيق التراث ، ط1 ،
مؤسسة الرسالة ، 1993 م .
*معجــم المحدثين والمفســرين ، والقــراء بالمغــرب الأقصى ، لعبد العـزيز بن عبد الله ، طبعة 1972 م .
*المعسول للعلامة محمد المختار السوسي ، مكتبة الطالب ، الرباط ، 1960 م .
*الموسوعة المغربية للأعلام البشرية والحضارية ، لعبد العزيز بن عبد الله ، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .
المـغــرب عبـر التـاريـخ – عــرض لأحــداث المغــرب وتطــوراته فـي الميـادين السيـاسية والدينـية والاجتماعية والعمرانية والفكرية منذ ما قبل الإسلام إلى العصر الحاضر –لإبراهيم حركات ، ط2 ، دار الرشاد الحديثة – الدار البيضاء – المغرب ، 1984 م .
*النـبوغ المغـربي في الأدب العربـي ، لعبد الله كنون ، ط3 ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت .
*هدية العارفين للبغدادي ، ط1992 ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
*وصف أفريقيا للحسن بن محمد الوزان الفاسي ، ترجمه عن الفرنسية : محمد حجي ، محمد الأخضر ، ط2 ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1983 م .
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
المقدمة 1
المبحث الأول : عصر الشوشاوي 4
المبحث الثاني : حياته 7- 10
اسمه ونسبه 7
نشأته وتعلمه 8
شيوخه وتلاميذه 9
مكانته العلمية 10
وفاته 10
الفصل الثاني : آثاره العلمية 12- 23
المبحث الأول : آثاره العلمية بوجه عام 12- 15
المبحث الثاني : دراسة أحد مؤلفاته كنموذج 16- 23
نسبته لمؤلفه 16
منهجه وأسلوبه 16- 17
مصادر الكتاب 20- 22
القيمة العلمية للكتاب 23
فهرس المصادر والمراجع 24
فهرس الموضوعات 26
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد:
العلوم تشرف بشرفها ، وعلم الرسم من أشرف العلوم لأنه يتعلق بالقرآن الكريم فقد حظي القرآن الكريم في تنزلاته الأولى إلى جانب حفظ القلوب بتدوين الأقلام ، وأن الكتابة لم تنفك أبدا عن الحفظ بل سارت معه جنبا إلى جنب في سائر ظروف التنزيل ومختلف أطواره ومراحله على الرَّغم من قلة مواد الكتابة ، وندرة وسائلها آنئذ ، ثم توالت كتابة القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ثم في عهد عثمان بن عفانَ رضي الله عنه أيضا .
وما زال القرآن ينتقل من جيل إلى جيل بصورة وحيدة فريدة متعارفٍ عليها ، تعتمد على المحفوظ في الصدور والمدون في السطور ، وهذا شيء لم يتوافر لأي كتاب سماوي آخر .
وقد فطن علماؤنا الأجلاء إلى هذه الحقيقة الساطعة حين جعلوا إلى جانب الحفظ عنصر الكتابة ضابطا من ضوابط القراءة الصحيحة .
ولارتباط القراءة بخط المصاحف تتبع القراء هجاء المصاحف ، وتركوا سائر القراءات التي تخالف الكتاب .
وحينئذ لاحظ علماء القراءات هيئة هذا الرسم ، وخاصة تلك الحروفُ التي تميزت بزيادة أو حذف أو بدل .
ومما يزيد في أهمية معرفة هجاء المصاحف بيان معرفة اختلاف القراء في بعض الأحرف . ولن يتسنى لقارئ القرآن معرفة بعض الأحرف التي اختلف فيها القراء إلا بعد معرفة رسم هذه الأحرف . وهو باب مهمٌ في القراءة ، ولذلك نجدُ الكتب المؤلفة في القراءات خصت فيها بابا لذكر مرسوم المصاحف .
لهذا فقد حاولت في هذا البحث المتواضع أن أعرف بعلم من أعلام القرن التاسع الذين اهتموا بالتأليف في علم الرسم وغيرها ، وهو حسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي ، وعرفت بأغلب مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة ، فرغم مؤلفاته القيمة ، فلم تحظ هذه الشخصية بالدراسة المطلوبة ، لذا أحببت أن ألقي الضوء على جوانب من هذه الشخصية ، لعلها تكون بداية لدراسة أفضل عن هؤلاء الأعلام الذين خدموا العلم .
قسمت البحث إلى فصلين :
جعلت الفصل في مبحثين ، تحدثت في المبحث الأول عن العصر الذي عاش فيه الشوشاوي في المغرب الأقصى بصفة عامة ، وفي منطقة السوس بصفة خاصة ،وخصصت المبحث الثاني للحديث عن حياته ، وقد شملت : اسمه ونسبه ، ونشأته وتعلمه ، وشيوخه وتلاميذه ، ومكانته بين العلماء ، وآثاره العلمية ، ووفاته .
أما الفصل الثاني ، فقد جاء في مبحثين ، ذكرت في المبحث الأول مؤلفاته التي وقفت عليها مطبوعة أو مخطوطة ، وعرفت بها بشكل عام ، ودرست في المبحث الثاني أحد مؤلفاته كنموذج ، لبيان أسلوب هذا العالم وغزارة علمه .
هذا مجمل ما قمت في إعداد هذا البحث ، الذي أرجو من الله العلي القدير ، أن أكون قد وفقت في إخراجه على الصورة المطلوبة ، وأرجو أن يستفيد منه كل من يقرأه .
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيبُ
الباحث : محمد سالم حرشة
ليبيا بتاريخ 28 – 8 - 2006
الفصل الأول
عصر الشوشاوي وحياته
وفيه مبحثان :
المبحث الأول : عصر الشارح .
المبحث الثاني : حياته ، وفيها :
1- اسمه ونسبه .
2- نشأته وتعلمه .
3- شيوخه وتلاميذه .
4- مكانته العلمية وثناء العلماء عليه .
5- آثاره العلمية .
6- وفاته .
المبحث الأول : عصر الشوشاوي
كلّ القرائن تدلّ على أن الشوشاوي ولد في مستهلّ القرن التاسع الهجري ، باعتبار أن أحد مؤلفاته كانت سنة 842 هـــ (1) .
وعلى هذا يمكن القول : بأن الشوشاوي عاصر نهاية الدولة المرينيّة وبداية الدولة الوطاسية ، التي شهدت تدهورا وتخلفا لم تكن عليه في بداية الدولة المرينيّة .
فقد أصبح للوزراء نفوذ على السلاطين ، وأصبحت السلطة الحقيقية بأيديهم ، يتصرفون فيها كيف ما يشاءون ، من ذلك : عزلهم القضاة والولاة ، وجعل مكانهم من هو أقلّ منهم شأنا ، مما عرّض الأمة الإسلامية للضعف والمهانة (2) .
كما بدأ الاعتداء البرتغالي والأسباني على سواحل المغرب سنة 803 هــ ، منها غزو مدينة تطوان ، والاستيلاء على مدينة سبتة سنة 818 هــ (3) .
إضافة لما ذُكر وقعت في عهد السلطان عبد الحق محنة كبرى ، وهي قيامه بمذبحة رهيبة استهدفت الوزراء والحجاب ، فكان ذلك سببا من الأسباب التي أدت إلى مقتل السلطان عبد الحق وانحلال دولة بني مرين ونهايتها (4) .
أما في عهد الوطاسيين ، فقد ازداد الوضع تدهورا باستيلاء البرتغال على أكثر شواطئ المغرب ، وما حلّ بالمواطنين من نزاع وشقاق وفساد في الأخلاق والدين(5)
أما في جنوب المغرب ، وبمنطقة السوس – بلد الشوشاوي – : فإنها لم تعرف استقرارا خلال هذه الفترة ، حيث وقعت حوادث وفتن ، منها :
ثورة عمرو بن سليمان السيّاف ، بيان هذه القصة : أنه لمّا قتل الشيخ محمد بن سليمان الجزولي سنة 870 هـ ، وقيل إنه مات مسموما على يد بعض الفقهاء ، كان عمرو بن السيّاف أحد تلاميذه ، فلما سمع بمقتله قام يطالب بثأره ممن قتله من الفقهاء فانتقم منهم ، ثم أخذ يدعو إلى الصلاة ، ويقاتل عليها ، ولم يقف عند هذا الحدّ ، بل ادّعى علم الغيب ، وقاتل كلّ من ينكر عليه ذلك ، وسمّي أتباعه بالمريدين ، ومخالفيه بالجاحدين ، واستمرت ثورته عشرين سنة ، إلى أن قُتل سنة 890 هـ ، فاستراح الناس من شرّه(6) .
ولقد وصف الرحالة والمؤرّخ حسن الوزان الحالة السياسة لبلاد السوس ، فقال : إن سكان بلاد حاحا في حروب أهليّة لا تنقطع (7) .
ويقول عن مدينة تارودانت : بسط المرينيّون نفوذهم على سوس ، واتخذوا من تارودانت مركزا لإقامة نائب السلطان في هذا الإقليم ، وتخضع تارودانت لحكم الأعيان ، ويتداول أربعة منهم مجتمعين السلطة لمدة لا تزيد عن ستة أشهر (1) .
هذه بعض نماذج من أوصاف الحسن الوزان لبعض مدن سوس ، والتي اتسمت بالفوضى والحروب القائمة بين الأهالي .
أما الحياة الفكرية ، فقد شهدت تقدّما ملحوظا في هذه الفترة على الرغم من الاضطرابات والفتن التي كانت تشهدها البلاد أواخر الدولة المرينيّة .
فها هي مدينة فاس قد شهدت حركة علميّة ، وازدهارا ثقافيّا كبيرا ، من ذلك : كثرة بناء المدارس والمساجد فيها ، التي كانت تشعّّ بالعلم والعلماء(2) .
كما استمرت العناية بشؤون المدارس في عهد الوطاسيين ، وانتشرت الكتاتيب وكانت الآيات القرآنية تكتب في ألواح خشبية ، وتحفظ ، ثم تُُمحى ليكتب غيرها من الآيات الموالية(3) .
وبما أن موطن الشوشاوي منطقة السوس ، فإنه لابدّ لنا من إلقاء نظرة على الحركة العلمية فيها ، حيث كانت هذه الفترة تزخر بالعلوم ، تكاد تضاهي مدينة فاس يصف العلامة المختار السوسي هذه الفترة ، قائلا : " كان القرن التاسع قرنا مجيدا في سوس ، ففيه ابتدأت النهضة العلمية التي رأينا آثارها في التدريس والتأليف وكثرت تداول الفنون " ، ويقول بعد ذلك : " زخرت سوس عِلْما بالدراسة والتأليف ، والبعثات تتوالى إلى فاس ومراكش وإلى الأزهر ، حتى كان كلّ ما يدرس في القرويين يكاد يدرس في سوس " (4) .
وفي هذه الفترة بدأ الاهتمام بإنشاء الخزانات وتنظيمها في إقليم سوس ، كخزانة الأسرة العمرية ، وخزانة الأسرة التاتلتية(5) .
وقد كان من أهم مظاهر النشاط الفكري في هذه الفترة ظهور عدد كبير من الفقهاء والصوفييّن، واستمرت العناية بشؤون المدارس في هذه الفترة ، من بينها : المدرسة البرحيلية نسبة إلى أولاد برحيل من قبيلة المنابهة بضاحية تارودانت ، والتي أسّسها العلامة حسين الشوشاوي ، وأمضى فيها حياته ، ثم تتابعت الدراسة فيها إلى أوائل القرن الثالث عشر ، ثم ضعفت بعد ذلك(6) .
وقد اعتنى السوسيّون بأكثر من عشرين عِلما ، من بينها علم القراءات ، الذي كان من الفنون السوسيّة التي سايرت عصرهم العلمي من قديم ، حيث كان هذا العلم يدرّس بمؤلفات الشاطبي(1) ، وابن بري(2) ، والخراز(3) ، وكانوا يتبارون على حفظها عن ظهر قلب ، علاوة على حفظ القراءات السبع أو العشر (4) .
كما كان للسوسيّين – أيضا – مؤلفات في هذا الفن ، من بينها مؤلفات الشوشاوي – التي كان لها الصدارة في هذا الجانب – ، كشرحه على قصيدة الخراز ، المسمى : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" ، و "حلة الأعيان على عمدة البيان" ، وشرحه على نظم ابن بري ، المسمى : "الأنوار السواطع على الدرر اللوامع" (5) .
ومُجمل القول : أن ازدهار الحركة العلمية في هذه الفترة يرجع إلى نشاط علمائها وهمّتهم العالية ، ونبوغهم الذي لا مثيل له عند الأمم ، ثم إلى اهتمام ملوك بني مرين وبني وطاس بالحياة العلمية ، وذلك بتوفير الجو الملائم للعلماء لأداء رسالتهم العلمية على أكمل وجه .
المبحث الثاني : حياته :
1- اسمه ونسبه :
هو حسين بن علي بن طلحة الرجراجي ، الشوشاوي . وكنيته أبو علي (1) .
وفي بعض المصادر المترجمة لـه أن اسمه حسن (2) ، وبعضها كنّـاه بأبي عبد الله(3) . وكان الاعتماد فيما أثبته على ما جاء في المخطوطات الموجودة لدي ، وهو : حسين .
والرجراجي : نسبة إلى قبيلة رجراجة ، وهي من قبائل المصامدة ، والمصامدة كما قال ابن خلدون : هم من ولد مصمود بن يونس من شعوب البربر ، وهم أكثر قبائل البربر(4) ، وتسكن قبيلة رجراجة في جبل الحديد أحد جبال بلاد حاحا ، بالقرب من نهر " تانسيفت" ، وعددهم في ذلك الوقت أربعمائة أسرة ، حفظ منهم القرآن والمدونة ثلاثمائة رجل ، وثلاثمائة امرأة (5) .
أما الشوشاوي : فهو نسبة إلى مدينة شوشاوة أو شيشاوة الواقعة جنوب المغرب بالقرب من مدينة مراكش ، وهي من مواطن الرجراجيّين الأصلية ، كما بيّن ذلك المختار السوسي بقوله : ومواطنهم الأصلية ما بين شيشاوة إلى " أحمر " ، " والشاظمية " حيث أضرحة أسلافهم ، ثم امتدّت فروع منهم إلى سوس (6) .
2- نشأته وتعلّمه :
لم أجد في كتب التراجم التي اطّلعت عليها تاريخا محدّدا لمولده ، ولكن استنادا على ما جاء في كتابه : ( تنبيه العطشان على مورد الظمآن ) – الذي أقوم بتحقيقه – من قول ناسخه ، أنه : " طواه أوائل شهر رمضان المعظم عام اثنين وأربعين وثمان مائة " (1) ، فإنه يمكن القول بأن ولادته في الغالب تكون أول القرن التاسع .
أما عن نشأته ، فقد نشأ وترعرع في رجراجة أشرف قبائل مصمودة ، والتي أنجبت عشرات الأعلام في مختلف ميادين المعرفة ، والشوشاوي من أبرزهم .
وكتب التراجم التي عثرت عليها لم تتحدث عن تنقلات هذا العالم ورحلاته ، إلا ما ذكره العلامة المختار السوسي : " كان سيّدي حسين انتقل من المحل الذي يسكن فيه والده إلى شيشاوة ، ثم إلى "فسفاس" ، حيث بنى زاوية ، ثم بنى زواية أخرى في أولاد برحيل " (2) .
أما عن تعلّمه ، فالظاهر أنه لم يدرس بفاس ، بدليل عدم ذكره في كتب التراجم الخاصة بفاس ، لكن يمكن القول بأنه أتمّ دراسته بجنوب المغرب ، لازدهار العلوم وقتئذ بمراكش وما حولها ، فقد وصفها الكانوني : " بأنها نظرا لما حَوتْه من حضارة وعلوم وفنون ، كانت مهدا للحضارة ، وعاصمة للدولة الموحدية والسعدية " (3) ، ثم انتقل من شيشاوة إلى بلاد السوس ، كما في مصادر ترجمته التي تشير إلى وفاته بتارودانت من إقليم السوس ، ولكنه من غير شك قد جاب المناطق المغربيّة ، أو على الأقل المناطق القريبة لإقليم سوس ، ولعلّه استقرّ بعد ذلك في إقليم سوس ، يُفهم ذلك من تأسيسه مدرسة في هذا الإقليم ، وتدريسه فيها طيلة حياته (2) .
3- شيوخه وتلاميذه .
أولا : شيوخه :
مما لا شكّ أن عالما مثل الشوشاوي قد تلقّى العلم عن كبار الشيوخ ، لكن كتب التراجم ، ومصنفات الشوشاوي نفسه ، لم تذكر لنا ولو شيخا واحدا ، وإنما أشار بعضها إلى اثنين من أقرانه ، قد يكونان استفادا منه ، واستفاد منهما ، وهما :
1- عبد الواحد بن الحسن الرجراجي ، شيخ وادي نون ، تصدّر للإقراء ، وألّف في ظاءات القرآن ، وطاءاته ، ودالاته ، وذالاته . توفي سنة 900 هـ (1) .
وقد نسب لـه المختار السوسي أرجوزة في الرسم قال عنها : أنها معروفة عند القرّاء السوسيّين (2) .
وقد ذكر هذه الرفقة أحمد التنبكتي ، بقولـه : " حسين بن علي الرجراجي الشوشاوي رفيق عبد الواحد الرجراجي " (3) .
2- يحيى بن مخلوف السوسي ، أبو زكريا ، الفقيه ، الأستاذ الصالح ، أخذ عن أحمد الونشريسي ، وعن شيوخ بجاية ، وغيرهم . توفي سنة 927 هــ (4) .
وقد أثبت هذه الرفقة المختار السوسي ، بقولـه : " ومن أقران الشوشاوي ، وإن كان هذا أكبر منه ، العلامة يحيى بن مخلوف السوسي " (5) .
ثانيا : تلاميذه :
إن من أسّس مدرسة وأمضى حياته في التدريس ، لابدّ أن يكون قد تخرّج عليه عدد من التلاميذ ، لكن كتب التراجم لم تحفظ لـنا إلا تلميذا واحدا ، وهو : داود بن محمد التوتلي التاملي ، الفقيه ، صاحب المجموع في الوثائق ، كان فقيها عالما صالحا ، تخرّج على يديه جماعة منهم : حسين بن داود الرسموكي ، وانتفع به خلق كثير(6) .
قال العلامة المختار السوسي : أخذ رضي الله عنه عن العالم الجليل حسين الشوشاوي (7) .
وقال الحضيكي في طبقاته : " وممن أخذ عنه وتفقه على يده تلميذه : سيدي داود ابن محمد بن عبد الحق التاملي ، صاحب أمهات الوثائق " ( .
4- مكانته العلمية وثناء العلماء عليه :
يعتبر الشوشاوي من صفوة العلماء في عصره ، وأحد الأعلام في سوس.
فقد قال عنه الكانوني – وهو يتحدّث عن العلماء الذين نبغوا في هذا العصر – : " الإمام الأصولي المقرئ ، ذو التآليف النافعة ، منها كتاب الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة في علوم القرآن ، وتنبيه العطشان على مورد الظمآن في رسم القرآن ورفع النقاب عن تنقيح الشهاب " (1) ، كما أثنى عليه في موضع آخر ووصفه بأنه نظّار ، فقال : " الإمام الأستاذ المقرئ النظّار الواصلي ، صاحب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب في الأصول " (2) .
كما تقوم شهرته على المؤلفات الجليلة التي خلّفها ، وتلقّاها الناس من بعده بالقبول ألف في الأصول ، والقراءات ، والفقه ، والطب ، وعلوم القرآن ، وبرز في مختلف الفنون ، واشتهر في كثير من ميادين المعرفة .
وذكره العلامة المختار السوسي في طليعة الذين اشتهروا بالتأليف في معظم الفنون ، وأثنى عليه بأنه انفرد بالتأليف في الطب في القرن التاسع الهجري (3) .
واعتمد السوسيون على بعض مؤلفاته ككتابه : "رفع النقاب عن تنقيح الشهاب" الذي كان بعض علماء سوس لا يدرسون إلا بهذا الكتاب (4) .
وأثنى عليه في المعسول بقوله : " حسين الشوشاوي العلامة الأصولي " (5) .
ومما يدلّ على مكانة الشوشاوي – أيضا – تقديمه على أقرانه ، فقد قال عنه العلامة المختار السوسي : " ومن أقران الشوشاوي – وإن كان هذا أكبر منه – العلامة يحيى بن مخلوف السوسي ....... ولعله لم يدرك مقام الشوشاوي العلامة الكبير " (6) .
5- وفـاتـه :
ذكرت كتب التراجم أن وفاة الشوشاوي – رحمه الله تعالى – كانت في آخر القرن التاسع الهجري (3) . وقد ورد في بعضها تحديد وفاته بسنة 899 هــ (4) .
وقيل : أن سبب موته سقوط كتبه عليه (5) .
الفصل الثاني
آثاره العلمية
وفيه مبحثان :
المبحث الأول :مؤلفاته .
المبحث الثاني : دراسة أحد مؤلفاته كنموذج .
- آثاره العلمية :
أكثر مؤلفات الشوشاوي كانت في علوم القرآن والقراءات لبروزه في هذا الفن ، ولاهتمام السوسيّين بهذا العلم ، ولـه تآليف أخرى في مختلف العلوم ، وقد توصلت إلى معرفة أحد عشر مؤلفا من مؤلفاته (1) .
أولا : كتب الشوشاوي في علوم القرآن :
* الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة(2) :
هذا الكتاب من تأليفه ، وليس شرحا على كتاب آخر ، وموضوع الكتاب يتناول علوم القرآن ، وقد رتب الشوشاوي كتابه على عشرين بابا في هذا العلم .
ومما يدلّ على أهمية هذا الكتاب انتشار نسخه انتشارا كبيرا في الشرق والغرب(3) .
* تنبيه العطشان على مورد الظمآن :
وهو شرحه لنظم الخراز ، وسيأتي الحديث عنه الحديث في المبحث الثاني .
* حلّة الأعيان على عمدة البيان (4) :
هو شرح وضعه الشوشاوي على عمدة البيان ، لناظمه محمد بن محمد الخراز ، وموضوع الكتاب : أحكام الضبط في القرآن الكريم .
أتى فيه بمقدّمة مسهبة جعلها في عشرين فصلا ، تحدّث فيها عن : أحكام نقط المصحف ، وعدد الآي ، وحكم التخميس والتعشير ، ونحوها . ثم قسّم كتابه إلى ثمانية أبواب ، متتبعا هذه الأبواب الثمانية بالشرح والتحليل .
وقد نهج في شرحه طريقته المعتادة ، بحصره عناصر البيت في أسئلة متوالية ، ثم يجيب عنها بجواب مفصل .
توجد لهذا الكتاب أكثر من نسخة ، منها :
نسخة في الخزانة العامة بالرباط ، تحت رقم "659" ق ، وهي تامة خالية من تاريخ النسخ ، عدد صفحاتها "368" ، من القطع المتوسط ، كتبت بخط مغربي جيد
وتوجد من هذا الكتاب نسخة أخرى محفوظة في الخزانة الملكية ، تحت رقم "674" ، عدد صفحاتها "335" صفحة ، من القطع الكبير ، كتبت بخط مغربي متوسط .
* الأنوار السواطع على الدرر اللوامع :
في المصادر التي اطّلعت عليها لم يذكر أحد ممن ترجم لـه هذا الكتاب إلا أن الأستاذ الرغروغي ذكره بعنوان : "شرح الدرر اللوامع" . ولم يشر إلى مكان وجوده(1) . وقد وجدت لـه نسخة في الخزانة العامة بالرباط ، تحت رقم "1204"ق ، وهو مجلد يقع في "343" صفحة من القطع المتوسط ، مكتوب بخط مغربي متوسط كتبت هذه النسخة عام 921 هــ ، على يد أحمد بن محسن .
وتوجد منه نسخة أخرى في المكتبة الوطنية بالجزائر(2) ، تحت رقم "379" ، تحصّلت على صورة منها .
وهذا الكتاب شرح وضعه الشوشاوي على منظومة ابن بري ، المتوفى سنة 731 هـ ، في التجويد والقراءات ، والمسماة "الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع" .
بدأ في شرح الأبيات مباشرة دون مقدمة ، وطريقته في ذلك هي : أن يورد البيت ثم يشرح معناه ، ذاكرا ما فيه من أقوال وتعليلات ، ثم ينتهي بإعراب البيت كاملا .
* رسالة في أحكام تعليم القرآن :
ذكر الشوشاوي فيها ما يتعلق بأحوال حامل القرآن ، وقدّم لها بتمهيد ، ضمّنه سبعة مسائل ، منها : ما مثل حامل القرآن ، والخالي منه ، وما مثل البيت الذي يقرأ فيه القرآن ........ إلخ (3) .
ثم عقد بابا لهذه الرسالة ، ذكر فيه عدة مسائل ، أجاب عليها أحيانا بإجابة مطولة وأحيانا بإجابة مختصرة .
توجد لهذه الرسالة نسخة في مركز جهاد الليبيّين ، تحت رقم "61" ، ضمن مجموع ، عدد أوراقها "10" ورقات ، كتبت بخط مغربي دقيق على يد عبد الرحمن المغربي .
* إعانة المبتدئ في القراءات :
ذكره عبد العزيز بن عبد الله في معجم المحدثين ، وأشار إلى وجوده في مكتبة جامعة القرويين ، تحت رقم "248" (4) .
ثانيا : كتب الشوشاوي الأخرى :
* رفع النقاب عن تنقيح الشهاب(1) :
وهو شرح لـ "تنقيح الفصول في الأصول" لشهاب الدين أبي العباس بن إدريس القرافي المالكي المتوفى سنة 684 هــ (2) ، وهذا الكتاب من الكتب المشهورة والمعتمدة عند السوسيّين(3) .
فالقرافي رتّب كتابه على مائة فصل ، وجعله في عشرين بابا ، منها :
في الألفاظ ، في المطلق والمقيد ، في الاجتهاد ، في القياس .
شرح الشوشاوي هذه الأبواب شرحا وافيا ، معلّلا ومرجّحا ، وقد تخلّى عن طريقته المعهودة في السؤال والجواب إلى طريقة أخرى ، وهي حصر الجواب في نقط سماها بالمطالب ، ويخرج من مطالب إلى فروع .
توجد من هذا الكتاب نسخة في الخزانة الملكية ، تحت رقم "8435" ، عدد صفحاتها "286" صفحة ، من القطع الكبير ، مكتوبة بخطوط مغربية مختلفة ، على يد أحمد الكنسوسي .
* قرّة الأبصار على الثلاثة الأذكار(4) :
هذا الكتاب من تأليفه ، تعرّض فيه لتفصيل الكلام على ثلاثة أذكار ، رتّبه في ثلاثة أبواب :
الباب الأول : شرح فيه لفظ " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ، وأورد فيه مائة وستين سؤالا (5) .
الباب الثاني : فيما يتعلق بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " ، وأورد فيه مائة وعشرة أسئلة (6) .
الباب الثالث : فيما يتعلق بالصّلاة على النبي ، وجعله في ثلاثين سؤالا (7) .
وقد استوفى الإجابة على جميع هذه الأسئلة ، وضمنّها قواعد وفوائد .
* مجموعة في الطب( :
وكتابه هذا مزيج بين الطبّ الروحاني ، والطبّ المعتمد على النباتات ، جمع فيه أكثر من "127" علاجا ، منها : علاج بياض العين : خذ رماد الرمان ، فيملى منه قشر بيضة ، ويجعل على النار حتى يذهب منه الثلثان ثم تسحقه إذا برد ، وتكحل به عند النوم .
توجد من هذا المخطوط نسخة محفوظة في الخزانة الملكية ، تحت رقم "7533" عدد صفحاته "12" صفحة ، مكتوب بخط مغربي دقيق بمداد أسود ، وقد أصابت الرطوبة بعض أجزائه ، مبتور الآخر ، ينتهي بعبارة : " وتجعل مرودا في كل عين وأنت على قفاك وتصبر ساعة لحرارته فإنه شفاء من كل داء إن شاء الله تعالى " .
* تقييد في حصر اللغات التي نزل بها كلام الله :
حصر الشوشاوي في هذا التقييد اللغات التي نزل بها كلام الله – تعالى – ، وهي أربع لغات : العربية والعجمية والعبرانية والسُريانية .
أوله : " حصر اللغات التي نزل كلام الله أربع ............. " .
آخره : " وفي المشي بالجمع أربعة ................ " .
نسخة يبدو أنها غير تامة ، مكتوبة بخط مشرقي متوسط ، ضمن مجموع ، من 58 – 60 محفوظة في الخزانة الحسنية ، تحت رقم "12027" .
* نـوازل فـقهيــة (1) :
أشار العلامة المختار السوسي إلى عدم وجود هذا الكتاب ، قائلا : " وأما نوازلـه الفقهية إن كان المعنِي بها مؤلفا خاصّا ، فإني لم أقف عليها قط ، وإنما رأيت له فتاوى متفرّقة " (2) .
المبحث الثاني : دراسة تنبيه العطشان كنموذج من مؤلفاته .
أ- نسبته لمؤلفه :
تحقّقت من صحة نسبة هذا الكتاب إلى حسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي ، من خلال كتب التراجم وفهارس المخطوطات .
فقد أطلقت عليه كتب التراجم اسم : "شرح مورد الظمآن" (1) ، و جاء في فهارس المخطوطات باسم : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" (2) .
وثبت اسم الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي ، في أوائل النسخ التي وقفت عليها ، وكذلك في آخرها ، مع اختلاف النسّاخ والعصور ، مما يؤكّّد نسبة الكتاب لمؤلّفه .
ب- منهجه وأسلوبه :
ممّا لا شك فيه أن منهجيّة الشرح لنظم ما يرجع إلى طبيعة النظم ، وإلى اختيار الشارح طريقة معينة في شرحه ، ومن ثَمّ تتعدد المناهج في الكتاب الواحد بين مطوّل – كما حصل في هذا الكتاب – ومختصر ومتوسط .
استهلّ الشوشاوي شرحه بمقدّمة مسهبة ، لم يبيّن فيها أسباب تأليفه للكتاب ، ومصادره ، وهي طريقة اتّبعها في مؤلّفاته الأخرى التي اطّلعت عليها .
تقوم منهجيّة الشوشاوي في أغلب مؤلّفاته على طريقته السؤال والجواب ، إلا أنه في شرحه لهذا الكتاب ، قد تخلّى شيئا مّا عن طريقته المعتادة ، إلى حصر الكلام في مطالب ، ثم يجيب عنها بأجوبة متتابعة .
مثال ذلك : قوله في صدر الكتاب : " قال الناظم أبو عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم الأموي الشريشي – عفا الله عنه – : هكذا ثبت في نسخة الناظم بخطّ يده – رحمه الله تعالى – ، وفي هذه المقدّمة عشرة مطالب :أحدها : ما اسم الناظم ؟ ، ثانيها : ما نسبه ؟ ، ثالثها : ما بلده ؟ ، رابعها : ما فنونه من العلم ؟ ......... " (3) .
وإنني من خلال دراستي لهذا الشرح حاولت تلخيص منهجه وأسلوبه في النقاط التالية :
* يمتاز أسلوبه بالسهولة والوضوح في أغلب الأحيان لولا الإطناب الذي يعتري أغلب موضوعاته ، من ذلك – مثلا – شرحه لقول الناظم : (( جمعه في الصحف الصدّيق كما أشار عمر الفاروق )) ، تطرق للحديث عن الأحرف السبعة ، واستغرق منه أكثر من أربع ورقات (1) .
* تتبعه لألفاظ الناظم بالشرح والتحليل والنقد أحيانا .
* حصره لعناصر الموضوع الذي يعالجه وذلك بإيراد الأسئلة المتوالية التي قد تصل إلى عشرين سؤالا ، ثم يعقبها بأجوبة متتابعة ، كشرحه لقول الناظم : (( وبعده جرّده الإمام في مصحف ليقتدي الأنام )) ، حيث قال : " وهاهنا عشرون سؤالا .............. الخ " (2) .
* تعليله وتوجيهه لأغلب الأحكام كما يتضح ذلك في تعليله وتوجيهه لحذف الألف من : أَيُّهَ حيث ذكر في تعليله ثلاثة أوجه : حملا للخط على اللفظ ، الاكتفاء بالفتحة عن الألف ، الإشارة إلى القراءة الأخرى(3) .
* ذكره مناسبة البيت الذي يشرحه بما قبله ، وربط كلام الناظم الذي يشرحه بالمواضع الأخرى .
* وفرة الأمثلة في هذا الكتاب ، فلا تكاد تخلو مسألة من مثال أو أكثر .
* تعرض الإمام الشوشاوي لأمور أهملها الناظم أو أغفلها ولم يشر إليها ، ونبّه عليها بقولـه : تنبيه أو تنبيهان أو تنبيهات ، مثال ذلك عند شرحه لقول الناظم : (( وللجميع السيئات جاءا بألف إذ سلبوه الياءا )) ، حيث قال : " تنبيه : ينبغي أن يذكر هاهنا قولـه تعالى : وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَـَاتُ فِي الْبَحْرِ كَالاْعْلامِ فإن أبا داود قال في التنزيل: " وكتبوا في بعض المصاحف المنشئات بألف ثابت" ، ثم قال : " فعلى الناظم درك ، لأنه لم ينبّه عليه ، فينبغي أن يذكر هاهنا هذا البيت :
عن بعضها في المنشئات الثبتُ حكاه في التنزيل خبر ثبتٌ (4)
* تفسيره لأغلب الكلمات الغريبة في المتن ، مثل : السندس ، القسطاس ، الطلح(5) ، وغيرها
* ترجمته أحيانا للأعلام في المتن ، كأبي عمرو الداني ، وأبي داود ، والشاطبي ،
وغيرهم (6) .
* استدراكه على الناظم وإصلاحه لبعض الأبيات ، مثل قوله : " وينبغي أن تزاد هذه الأبيات هاهنا ، بعد قوله : (( ما لم يكن شدّدا أو إن نبرا )) .
ومــا تصـــدر من الجمــــوع بهمـــزة شهــر في المسمـوع
إثبـــات ثــانيـــه كــآمـــنيــــن وآخــــرون قــــل ولا آمـــّيــن
كما هو المعروف في الهمزات في مرتضى الكتاب والنحــــاة (1)
* يذكر في كثير من نقولاته المراجع التي رجع إليها واقتبس منها ، كالمقنع والتنزيل والميمونة والمنبهة ، وهذا يرفع من قدر المؤلف ، وعند نقله من شروح المورد التي سبقته ، فإنه يكتفي بقوله : " قال بعضهم " ، أو " قال بعض الشراح " ، كما في شرحه لقول الناظم : " وَعَنْـهُ حَذْفُ خَاطِئُـونَ خَاطِئِيـنْ " ، حيث قال : " وقال بعض الشرّاح : إنما ذكر الناظم هذه الألفاظ هاهنا مع اندراجها في عموم الحذف المتقدم لاختصاص أبي داود بحذفها دون أبي عمرو ............ " (2) .
* إيراده لبعض الإحصائيات ، مثل قوله : " وعدد ألفات القرآن على قراءة نافع ، ثمانية وأربعون ألْفا وسبع مائة وأربعون ألِفا ، وعدد الياءات خمسة وعشرون ألْفا وتسعمائة وتسع ياءات ، وعدد الواوات خمسة وعشرون ألْفا وخمسمائة وست واوات (3) .
* ذكره للقراءات المشهورة وأحيانا الشاذة ، كما في قوله تعالى : تَسَّـقَطْ ، حيث قال : " وفي هذا اللفظ في السبع ثلاث مقارئ كلها بالألف في اللفظ :
أحدها : تَسَّـقَطْ بفتح التاء وتشديد السين وفتح القاف ، وهى قراءة نافع .
الثاني : تَسَاقََطْ بفتح التاء والسين الخفيفة وفتح القاف ، وهي قراءة حمزة .
الثالث : تُسَاقِطْ بضم التاء وتخفيف السين وكسر القاف ، وهي قراءة حفص عن عاصم . فهذه ثلاث قراءات مشهورات في السبع .
وقرئ خارج السبع بقراءتين أخريين كلتاهما بالياء إحدى هاتين القراءتين الشاذتين : (يَسّاقَط) بالياء المفتوحة وتشديد السين وفتح القاف .
والقراءة الثانية من هاتين القراءتين الشاذتين : (يُسَاقِط) بالياء المضمومة وفتح السين المخففة وكسر القاف .
فهذه خمس قراءات : ثلاث في السبع ، وقراءتان خارج السبع " (4).
*اهتمامه باللغة ، فتراه دائما يشرح أوّلا كلام الناظم شرحا لغويا مستدلا على ذلك بالقرآن والسنة وكلام العرب ، ثم يبين المقصود منها في النظم . كشرحه لقول الناظم (( محمد ذي الشرف الأثيل صلى عليه الله من رسول )) ، حيث قال : " واختلف اللغويون في أصل الصلاة : قيل : أصلها الدعاء ، وقيل : أصلها الانحناء والانعطاف
فأما الأول – وهو أن أصلها الدعاء – فدليله الكتاب والسنة وكلام العرب .
فالكتاب قوله تعالى في أموات الكفار : وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا ، وقوله تعالى : وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَٰتَِكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ، أي أن دعواتك رحمة لهم .
ومن السنة قولـه : (( إذا دّعي أحدكم إلى وليمة فليجب إن كان مفطرا ، وإن كان صائما فليصل لهم )) ، أي فليدع لأهل المنزل بالبركة .
ومن كلام العرب ، قول الأعشى :
تَقُولُ بِنْتِي وَقَدْ قَرَّبَـــتْ مُرْتَحَـــلاً يَا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الأَوْصَابَ وَالْوَجَعَا
عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِي صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضِي نَوْمًا فَإِنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعَــــا" (1)
* في نهاية كل بيت لا يفوته إعراب كلام الناظم .
* تأثره بصاحب النظم ، ويتجلّى ذلك في تصويبه لمعظم آرائه ، من ذلك – مثلا – : ما جاء في : "فصل حذف الألف المعانق للام" ، والذي أورد فيه اثني عشر اعتراضا ، أجاب على أغلبها ، وقال في الباقي إنها لازمة (2) .
* إبداء رأيه في بعض أقوال الناظم ومناقشة من سبقه في هذا الشرح ، مثال ذلك : ما جاء عن بعض الشراح أن قول الناظم : (( وللجميع الحذف في الرحمن )) أنه من الأحكام المطلقة ، حيث قال : " هكذا مثّل بعض الشرّاح هاهنا للحكم المطلق ، والأولى عندي أن الحكم في هذه الأمثلة ليس بمطلق ، وإنما هو مقيّد بجميع الشيوخ ، لأن قولـه : (( وللجميع الحذف في الرحمن )) أسنده الناظم إلى جميع الرواة ، فكيف يقال مطلق مع إسناده؟! " (3) .
* ومما يؤخذ على الشوشاوي : أنه أورد روايات وأحاديث ضعيفة ، مثل ما روي أن أوّل ما كتب في اللوح المحفوظ : " أنا الله لا إله غيري من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر نعمائي فليطلب إلها سوائي " (4) .
ومثل الحديث : " أصحابي كالملح للطعام فإذا ذهب الملح فسد الطعام " (5) .
* التكرار في بعض المواضع ، كحديثه عن معنى الاضطراب في قول الناظم : (( ولا يكون بعده اضطراب ....... )) ، ثم كرر الكلام بكامله في شرحه لقول الناظم : (( باب اتفاقهم والاضطراب ......... )) (6) .
* استدراكه على الناظم في بعض الأحيان بأنه غفل عن بعض الألفاظ ، في حين أنه لم يغفل عنها ، مثال ذلك قول الشوشاوي : " واعترض قوله : (( ميقات )) : لأنه يقتضي أنه محذوف مطلقا ، مع أن أبا داود نصّ في التنزيل على أن قولـه تعالى في سورة النبأ : إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا بألف ثابتة ، وهذا من الألفاظ الخمسة المحذوفة لأبي داود ، وقد أغفلها الناظم – رحمه الله – "(7) .
جـ - مصادر الكتاب :
لاشكّ أن غزارة مادة هذا الكتاب ودقّة معلوماته تدل على رجوع المؤلف إلى كثير من المصادر في مختلف العلوم ، اعتمد على بعضها ونقل منها كثيرا ، واستفاد من بعضها في مسائل معينة . وعلى هذا يمكن تقسيم مصادر هذا الكتاب من حيث الاعتماد عليها إلى قسمين : مصادر أصليّة ، ومصادر مساعدة .
أولا : المصادر الأصلية :
وهي التي اعتمد عليها الشارح ونقل منها كثيرا ، وهذه الكتب في علم الرسم والضبط :
* المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار لأبي عمرو الداني{ت 444 هـ}
* المحكم في نقط المصاحف ، لأبي عمرو الداني .
* مختصر التبيين لهجاء التنزيل ، لأبي داود سليمان بن نجاح {ت 496 هــ } .
* المنصف (1) ، لأبي الحسن على بن محمد المرادي {ت 564 هــ } .
* عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد ، للإمام الشاطبي {ت 590 هــ } .
* الميمونة الفريدة(2) ، لأبي عبد الله القيسي {ت 749 هــ } .
* بعض شروح المورد ، كـ : "التبيان في شرح مورد الظمآن" لأبي محمد عبد الله الصنهاجي ، المعروف بابن آجطا {ت750 هــ } .
وقد يصرّح الشوشاوي باسم المؤلف والكتاب أحيانا ، وقد يذكر اسم المؤلف فقط وقد يذكر اسم الكتاب فقط ، وقد يقتبس القول من غير إشارة إلى أحد .
ثانيا : المصادر المساعدة :
وهي التي لم يرجع إليها إلا قليلا ، وشملت الفنون التالية : فنّ التفسير وعلوم القرءان ، السنة وعلومها ، الفقه ، اللغة والنحو .
مصادره في التفسير وعلوم القرءان :
1- معاني القرآن ، لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء ، {ت 207 هـــ } .
2- فضائل القرآن ، لأبي عبيد القاسم بن سلام ، {ت 224 هـــ } .
3- تأويل مشكل القرآن ، لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، {ت 276 هــ } .
4- جامع البيان في تفسير القرآن ، لمحمد بن جرير الطبري ، {ت 310 هــ } .
5- كتاب الغريبين (3): غريبي القرآن والحديث ، لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي {ت 401 هــ } .
6- التحصيل من التفصيل لمعاني التنزيل(4) ، لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي {ت 440 هـــ } .
7- الأرجوزة المنبهة على أسماء القراء والرواة ، لأبي عمرو الداني .
8- الكشّاف ، لأبي القاسم محمود الزمخشري ، {ت 538 هـــ } .
9- المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، لأبي محمد عبد الحق الأندلسي ، {ت 541 هـــ } .
10- أحكام القرآن ، لأبي بكر حمد عبد الله بن العربي ، {ت 543 هــ } .
11- حرز الأماني ووجه التهاني ، المشهورة بالشاطبية ، لأبي القاسم بن فيرّه الرعيني الأندلسي .
12- الوسيلة إلى كشف العقيلة لعلم الدين علي بن محمد السخاوي ، {ت 642 هــ } .
13- الدرر اللوامع في مقرأ نافع ، لأبي الحسن علي بن محمد الرباطي الشهير بابن برّي ، {ت 731 هــ } .
14- الدرّة الصقيلة في شرح أبيات العقيلة ، لأبي محمد عبد الغني المشهور باللبيب .
مصادره في السنة النبوية :
1- صحيح البخاري ، {ت 256 هـــ } .
2- صحيح مسلم ، {ت 261 هـــ } .
3- تأويل مشكل الحديث ، لابن قتيبة ، {ت 276 هـــ } .
4- القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (1) لأبي بكر محمد بن العربي {ت 543 هــ}
مصادره الفقهية :
1- الرسالة ، لأبي زيد القيرواني ، {ت 389 هــ} .
2- الاستذكار في مذهب علماء الأمصار ، لأبي عمر بن عبد البر ، {ت 463 هـــ}
3- الذخيرة ، لشهاب الدين القرافي ، {ت 684 هـــ} .
مصادره في اللغة العربية :
1- ديوان النابغة : زياد بن معاوية الذبياني ، {ت 18 ق هــ} .
2- ديوان امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي ، {ت 80 ق هــ} .
3- ديوان الفرزدق : همام بن غالب بن سفيان التميمي ، {ت 110 هــ} .
4- إصلاح المنطق ، لابن السكيت ، {ت 244 هـــ} .
5- مختصر العين ، لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي ، {ت 379 هــ} .
6- تاج اللغة ، لإسماعيل بن حماد الجوهري .
7- ديوان الأعشى : عامر بن الحارث بن رباح الباهلي .
8- سر الصناعة ، لأبي الفتح عثمان بن جني ، {ت 392 هـــ} .
9- شرح الفصيح ، لأبي عبد الله محمد بن هشام اللخمي ، {ت 570 هـــ} .
مصادره في النحو :
1- الكتاب ، لأبي بشر عمرو بن قنبر ، المعروف بسيبويه ، {ت 180 هــ} .
2- الجمل ، لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي ، {ت 337 هـــ} .
3- الخصائص ، لابن جني ، {ت 392 هـــ} .
4- المقدّمة في النحو لأبي موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي ، {ت 616 هــ}
5- الألفية ، لزكريا بن معطي (1) ، {ت 628 هــ} .
6- شرح المفصل ، لأبي عمرو ابن الحاجب ، {ت 646 هــ } .
7- شرح جمل الزجاج ، لأبي الحسن علي بن عصفور ، {ت 669 هـــ} .
8- الألفية ، لابن مالك : جمال الدين محمد بن مالك الأندلسي ، {ت 672 هــ} .
9- المشكاة والنبراس شرح كتاب الكراس(2) للجزولي ، تأليف إبراهيم بن عبد السلام أبي إسحاق العطّار ، {ت 677 هـــ} .
10- شرح الألفية ، للحسن بن قاسم المرادي ، {ت 749 هـــ} .
مصادره في السيرة النبوية :
1- الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ، {ت 544 هـــ} .
2- الشفا في شرف النبي المصطفى لابن سبع(3) .
د- القيمة العلميّة للكتاب :
إن مؤلفات الشوشاوي تعدّ كلها ذات أهميّة في تاريخ التراث ، وبخاصّة في القرآن وعلومه ، لما امتاز به مؤلفها من سعة ودراية في هذا العلم .
وكتابه : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" ، يعتبر من أهم ما صنف في علم الرسم القرآني . وتتجلى أهميّته في أمور كثيرة ، منها :
- جلالة موضوعه : فهو يتعلق برسم المصحف الشريف .
- أهمية القصيدة المشروحة : فهي "مورد الظمآن في رسم القرآن" ، للإمام أبي عبد الله الخراز ، التي اعتمد فيها على أربعة كتب ، تعدّ من أهم ما صنّف في علم الرسم القرآني .
- أسلوبه المتميز بالسهولة والوضوح ، بعيدا عن التكلّف والتعقيد .
- كونه من بين المصادر القليلة التي اعتنت بتوجيه ظواهر الرسم على النحو الذي تُوجّه به أصول القراءات القرآنية .
- غزارة مادته ، وكثرة مصادره ، فقد احتفظ لنا بآراء كثيرة ، استقاها من مصادر لا نعلم عن بعضها غير عناوينها ، وبعض النقولات المتفرقة في بعض الكتب .
- استدراكه على منظومة الخراز في الأحرف التي أهملها أو غفل عنها – رحمه الله – فقد ضمّ الكتاب مجموعة أبيات للمؤلف استدرك بها على الخراز ، ذكرت أمثلة منها عند الحديث عن منهجه .
- ومما يدلّ على أهمية هذا الشرح : اعتبار الشوشاوي من العلماء الذين نبغوا في عصره بسبب مؤلفاته التي من بينها : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" (1) .
كما نوّه بأهمية هذا الشرح الأستاذ سعيد إعراب ، بقوله : " ومن أهم الشروح تنبيه العطشان على مورد الظمآن ، لأبي علي الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي {ت 900 هــ } ، دفين أولاد برحيل بقبيلة المنابهة " (2) .
وفي خاتمة مقدّمته لتحقيق كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل ، نصح الدكتور أحمد شرشال بتحقيق بعض الكتب الجامعة للرسم والضبط ، من بينها كتاب : "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" ، و"حلة الأعيان" للشوشاوي – أيضا – ، اللذين وصفهما بقوله : " فلم أر كتابا أوسع وأشمل منها " (3) .
مما سبق يتضّح أن لهذا الكتاب أهميّة كبيرة في هذا العلم ، وأثرا في الكتب التي أُلّفت بعده وخاصة شروح المورد ، مثل "فتح المنان" لابن عاشر .
فهرس المصادر والمراجع
*أسفي وما إليه قديما وحديثا لمحمد الكانوني العبدي ، تحقيق : علال ركوك وآخرون ، تقديم محمد بنشريفة ، منشورات جمعية البحث والتوثيق والنشر ، 2005 م .
* الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام للعباس المراكشي ، المطبعة الملكية ، الرباط ، 1974 م .
*الاستقصا لأخبار دول المغرب ، لأبي العبــاس أحمــد بن خــالد النــاصري ، تحقيق :جعفر الناصري ومحمد الناصري، ط1 ، دار الكتاب الدار البيضاء ، 1997 م .
* تاريخ ابن خلدون ، منشورات دار الكتاب اللبناني ، 1968 م .
*خلال جزولة لمحمد المختار السوسي ، تطوان ، المغرب ، د . ت .
* درة الحجال في غرة أسماء الرجال لأبي العباس المكناسي ، تحقيق مصطفى عبد القادر ،
ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2002 م .
*رجراجة وتاريخ المغرب ، لمحمد الرجراجي ، ط1 ، منشورات جمعية البحث والتوثيق والنشر ، 2004 م .
* سوس العالمة ، للعلامة محمد المختار السوسي ، مطبعة فضالة المحمدية ، 1960 م .
*طبقات الحضيكي ، مخطوط محفوظ في الخزانة العامة بالرباط ، رقم "1753" .
*فهرس المخطوطات العربية في المكتبة الوطنية بالجزائر وتونس ، لهلال ناجي ، ط1 ، عالم الكتب ، بيروت ، 1999 م .
*فهرس الخزانة الحسينية بالقصر الملكي ، تصنيف محمد الخطابي ، تحت رقم "5729" ، ط1 ، الرباط ، 1987 م .
* فهرس خزانة القرويين بفاس ، تحت رقم "1041" .
* فهرس المخطوطات بمركز جهاد الليبيين ، إعداد إبراهيم الشريف ، تحت رقم "66" ، ط1 ، طرابلس ، ليبيا ، 1989م .
* فهرس مخطــوطات دار الكتـب النـاصرية بتمكروت ، تحت رقم "1648" ، وزارة الشؤون والأوقاف الإسلامية ، المملكة المغربية ، طبعة 1985 م .
* فهرس مخطوطات مكتبة عبد الله كنون لعبد الصمد العشاب ، تحت رقم "10336" ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، المملكة المغربية ، طبعة 1996 م .
*قبائل المغرب لعبد الوهاب منصور ،المطبعة الملكية ، الرباط ، 1968 م .
* كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، لحاجي خليفة ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
*كفايــة المحتــاج لمعرفة من ليــس في الديبــاج ، لأحمد بابــا التنبكتي ، دراسة وتحقيق محمد مطيع ،طبعة 2000 م ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، المملكة المغربية .
*مختصر التبيين لهجاء التنزيل ، لأبي داود سليـمان بن نـجاح ، دراســة وتحقيق أحمد بن أحمد شرشال ، المملكة العربية السعودية ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، 1421هـــ .
*معجــم المؤلفيـــن لعمـــر رضا كحـــالة ، اعتنى به وجمعه مكتب تحقيق التراث ، ط1 ،
مؤسسة الرسالة ، 1993 م .
*معجــم المحدثين والمفســرين ، والقــراء بالمغــرب الأقصى ، لعبد العـزيز بن عبد الله ، طبعة 1972 م .
*المعسول للعلامة محمد المختار السوسي ، مكتبة الطالب ، الرباط ، 1960 م .
*الموسوعة المغربية للأعلام البشرية والحضارية ، لعبد العزيز بن عبد الله ، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .
المـغــرب عبـر التـاريـخ – عــرض لأحــداث المغــرب وتطــوراته فـي الميـادين السيـاسية والدينـية والاجتماعية والعمرانية والفكرية منذ ما قبل الإسلام إلى العصر الحاضر –لإبراهيم حركات ، ط2 ، دار الرشاد الحديثة – الدار البيضاء – المغرب ، 1984 م .
*النـبوغ المغـربي في الأدب العربـي ، لعبد الله كنون ، ط3 ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت .
*هدية العارفين للبغدادي ، ط1992 ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
*وصف أفريقيا للحسن بن محمد الوزان الفاسي ، ترجمه عن الفرنسية : محمد حجي ، محمد الأخضر ، ط2 ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1983 م .
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
المقدمة 1
المبحث الأول : عصر الشوشاوي 4
المبحث الثاني : حياته 7- 10
اسمه ونسبه 7
نشأته وتعلمه 8
شيوخه وتلاميذه 9
مكانته العلمية 10
وفاته 10
الفصل الثاني : آثاره العلمية 12- 23
المبحث الأول : آثاره العلمية بوجه عام 12- 15
المبحث الثاني : دراسة أحد مؤلفاته كنموذج 16- 23
نسبته لمؤلفه 16
منهجه وأسلوبه 16- 17
مصادر الكتاب 20- 22
القيمة العلمية للكتاب 23
فهرس المصادر والمراجع 24
فهرس الموضوعات 26