مارك توين (بالإنجليزية: Mark Twain) واسمه الحقيقي "صمويل لانغهورن كليمنس" (بالإنجليزية: Samuel Langhorne Clemens) هو كاتب أمريكي ساخر (30 نوفمبر 1835 ـ 21 أبريل 1910)[1] عرف برواياته مغامرات هكلبيري فين (1884) التي وصفت بأنها "الرواية الأمريكية العظيمة"[2] ومغامرات توم سوير (1876). وقد نقلت عنه الكثير من الأقوال المأثورة والساخرة[3][4]، وكان صديقاً للعديد من الرؤساء والفنانين ورجال الصناعة وأفراد الأسر المالكة الأوروبية، ووصف بعد وفاته بأنه "أعظم الساخرين الأمريكيين في عصره"[5]، كما لقبه وليم فوكنر بأبي الأدب الأمريكي[6].
محتويات [أخف]
1 حياته
1.1 حياته الباكرة
2 أسفاره
3 زواجه وأبناؤه
4 حبه للعلم والتقنية
5 أواخر حياته
6 المراجع
[عدل]حياته
[عدل]حياته الباكرة
طابع بريد أمريكي من سنة 1940 يحمل صورة مارك توين
ولد صمويل لانغهورن كليمنس في قرية تسمى "فلوريدا" بولاية ميسوري في 30 نوفمبر 1835 لأب تاجر من ولاية تينيسي يسمى جون مارشال كليمنس (1798 ـ 1847) وأم تسمى جين لامبتون كليمنس (1803 ـ 1890)[7]، وكان السادس في الترتيب بين سبعة إخوة لم يتجاوز منهم مرحلة الطفولة ـ بخلاف صمويل ـ إلا ثلاثة، هم أوريون (1825 ـ 1897) وهنري (1838 ـ 1858) (لقي حتفه في انفجار قارب نهري) وباميلا (1827 ـ 1904). بينما ماتت شقيقته مارغريت (1830 ـ 1839) عندما كان في الثالثة من عمره، ومات شقيقه بنجامين (1832 ـ 1842) بعدها بثلاث سنوات، كما مات شقيق ثالث هو "بليزانت" وعمره ستة أشهر[8].
وعندما بلغ توين الرابعة من عمره، انتقلت أسرته إلى هانيبال[9]، وهي مدينة وميناء بولاية ميسوري تقع على نهر مسيسيبي، وقد استلهم مارك توين مدينة سانت بطرسبورغ الخيالية التي ظهرت في روايتيه مغامرات توم سوير ومغامرات هكلبيري فين من هذه المدينة[10]. وقد كانت ميسوري آنذاك من الولايات التي ما زالت تتبع نظام العبودية، مما ظهر فيما بعد في كتابات مارك توين.
وفي مارس 1847 توفي ولد توين بالالتهاب الرئوي[11]، وفي العام التالي التحق توين بالعمل كصبي بمطبعة، ثم بدأ في سنة 1851 في العمل في صف الحروف (بالإنجليزية: typesetting) وبدأ يكتب المقالات و"الاستكتشات" الساخرة لجريدة هانيبال، التي كان يملكها شقيقه أوريون. وفي الثامنة عشرة من عمره، غادر هانيبال وعمل في الطباعة في مدينة نيويورك وفي فيلادلفيا وسانت لويس وسينسيناتي، وانضم إلى الاتحاد وبدأ في تعليم نفسه بنفسه في المكتبات العامة في الفترة المسائية، مكتشفاً منهلاً للمعرفة أوسع من ذلك الذي كان سيجده إذا كان قد التحق بمدرسة تقليدية. وفي الثانية والعشرين من عمره عاد توين إلى ولاية ميسوري[12].
وفي إحدى رحلات توين في المسيسيبي إلى نيو أورليانز أوحى له هوراس بيكسبي، قائد السفينة البخارية بالعمل كقائد سفينة بخارية، وهو هو عمل كان يدر على صاحبه دخلاً مجزياً وصل إلى 250 دولاراً شهرياً[13] (ما يعادل تقريباً 72400 دولار اليوم)، ونظراً لأن هذه المهنة كانت تتطلب معرفة وافية بكل تفاصيل النهر التي تتغير باستمرار، فقد استغرق توين عامين في دراسة ألفي ميل (3200 كيلومترا) من نهر المسيسيبي بتعمق قبل أن يحصل على ترخيص بالعمل كقائد سفينة بخارية سنة 1859.
وأثناء تدريبه، استطاع توين إقناع شقيقه الأصغر هنري بالعمل معه، وقد لقي هنري مصرعه في 21 يونيو 1858 إثر انفجار السفينة البخارية "بنسلفانيا" التي كان يعمل عليها، ويقول توين في سيرته الذاتية إنه رأى في أثناء نومه تفاصيل مصرع أخيه قبل شهر من وقوعه[14]، وهو ما دفعه إلى دراسة الباراسيكولوجيا[15]، وقد كان من أوائل أعضاء جمعية الدراسات الروحانية. وقد حمل توين إحساسه بالذنب والمسئولية عن مصرع أخيه طوال حياته. وظل يعمل في النهر كملاح نهري حتى اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية سنة 1861 وتوقفت الملاحة في نهر المسيسيبي.
[عدل]أسفاره
التحق توين بشقيقه أوريون الذي عين سنة 1861 سكرتيراً لجيمس ناي (1815 ـ 1876) حاكم منطقة نيفادا وارتحلا إلى الغرب في عربة عبرت بهم منطقة السهول العظمى وجبال روكي في أسبوعين زارا خلالهما مجتمع المورمون في مدينة سولت ليك سيتي، وهي التجربة التي استلهم منها توين كتابه "الحياة الخشنة" (بالإنجليزية: Roughing It) وكانت مصدر إلهام له في كتابة مجموعته القصصية المسماه "الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس" (بالإنجليزية: The Celebrated Jumping Frog of Calaveras County). وقد انتهت رحلة توين هذه في مدينة فرجينيا المشهورة بمناجم الفضة في ولاية نيفادا حيث عمل في تلك المناجم[16]، غير أنه بعد أن فشل في تلك المهنة وجد عملاً في جريدة المدينة المسماة بجريدة "تيريتوريال إنتربرايز" (المشروع الإقليمي) ـ (بالإنجليزية: Territorial Enterprise)[17]، التي استخدم فيها لأول مرة اسمه الأدبي الشهير "مارك توين" عندما ذيَّل إحدى مقالاته بهذا التوقيع في 3 فبراير 1863[18] .
انتقل توين بعد ذلك إلى سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا سنة 1864 حيث استمر في ممارسة العمل الصحفي، وهناك التقى بعض الكتاب من أمثال بريت هارت وأرتيموس وورد ودان ديكويل، ويقال إن الشاعرة الشابة إينا كولبريث (1841 ـ 1928) وقعت في حبه في تلك الفترة[19].
حقق توين أول نجاحاته الأدبية عندما نشر قصته الطويلة "الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس" في جريدة "نيويورك ساترداي برس" (بالإنجليزية: New York Saturday Press) في 18 نوفمبر 1865، وهي القصة التي لفتت الأنظار إلى مارك توين. وفي العام التالي، سافر مارك توين إلى جزر ساندويتش (هاواي الحالية) للعمل مراسلاً لجريدة "ساكرامنتو يونيون"، وقد حظيت القصص التي كتبها عن تلك الرحلات بشعبية كبيرة واتخذ منها مارك توين مادة محاضراته الأولى[20].
وفي سنة 1867 سافر توين إلى البحر المتوسط بتمويل من إحدى الصحف المحلية، وأثناء رحلته إلى أوروبا والشرق الأوسط كتب توين مجموعة من رسائل السفر التي حظيت بانتشار كبير وجمعت فيما بعد في كتاب "الأبرياء في الخارج" سنة 1869، وفي هذه الرحلة تعرف توين إلى تشارلز لانغدون شقيق زوجته المستقبلية.
[عدل]زواجه وأبناؤه
يقول توين إنه عندما أراه تشارلز لانغدون صورة شقيقته أوليفيا أحبها من أول نظرة. وقد التقى توين وأوليفيا سنة 1868 وأعلنا خطبتهما في العام التالي، ثم تزوجا في فبراير 1870 في إلميرا بولاية نيويورك[20]. كانت أوليفيا تنتمي إلى عائلة "ثرية ولكنها متحررة"، وقد أتاحت له التعرف إلى بعض أفراد النخبة المفكرة، ومنهم معارضو العبودية و"الاشتراكيون واللادينيون وناشطات حقوق المرأة وناشطو المساواة الاجتماعية"، وكان من بين هؤلاء هارييت بيتشر ستاو وفريدريك دوغلاس والكاتب ومنظر الاشتراكية اليوتوبية وليام دين هاولز[21]، الذي ارتبط توين معه بصداقة طويلة الأمد.
عاش الزوجان في بفالو بولاية نيويورك من عام 1869 إلى عام 1871، وكان توين يمتلك حصة من أسهم جريدة "بافالو إكسبريس" التي كان يعمل فيها محرراً وكاتباً. وقد توفي ابنهما لانغدون بالدفتيريا وعمره 19 شهراً.
وفي سنة 1871[22] انتقل توين وأسرته إلى هارتفورد بولاية كونيكتيكت حيث شرع في إنشاء منزل (أنقذه معجبوه سنة 1927 ـ بعد وفاته ـ من الإزالة ليتحول إلى متحف خاص به قائم حتى اليوم)، وفي هارتفورد وضعت أوليفيا ثلاث بنات: سوزي (1872 ـ 1896) وكلارا (1874 ـ 1962)[23] وجين (1880 ـ 1909). وقد دام زواج توين وأوليفيا 34 عاماً، انتهت بوفاة أوليفيا سنة 1904.
منزل توين في هارتفورد، وتظهر في الصورة المدفأة التي جلبها توين من الهند، ورف الموقد المنحوت يدوياً، والذي اشتراه توين من أسكتلندا
شهدت هارتفورد خلال إقامة توين بها، التي دامت 17 عاماً، إبداع توين للعديد من أشهر أعماله، وهي مغامرات توم سوير (1876)، والأمير والفقير (1881)، و"الحياة على المسيسيبي" (1883)، ومغامرات هكلبيري فين (1884) و"يانكي من كونيكتيكت في بلاط الملك آرثر" (1889).
زار توين أوروبا للمرة الثانية وكتب عن زيارته تلك في كتاب صدر سنة 1880 بعنوان "صعلوك في الخارج" (بالإنجليزية: A Tramp Abroad)، وفي هذه الزيارة زار توين هايدلبرغ ومكث فيها من 6 مايو إلى 23 يوليو 1878، كما زار لندن.
[عدل]حبه للعلم والتقنية
توين في معمل نيكولا تسلا
كان توين مغرماً بالعلم والبحث العلمي، وقد تصادق مع نيكولا تسلا وكان يقضي الكثير من الوقت في معمل تسلا. وقد حصل توين نفسه على ثلاث براءات اختراع[24]. ويروي كتابه "يانكي من كونيكتيكت في بلاط الملك آرثر" قصة أمريكي سافر عبر الزمن ونقل معه التكنولوجيا الحديثة إلى إنجلترا في عهد الملك آرثر، وقد صار هذا النوع من قصص الخيال العلمي فيما بعد جنساً مستقلاً في أدب الخيال العلمي سمي بالتاريخ البديل.
وفي سنة 1909 قام توماس إديسون بزيارة توين في منزله في ريدنغ بولاية كونيكتيكت وقام بتصويره سينمائياً، وقد استخدمت بعض لقطات ذلك الفيلم في الفيلم القصير "الأمير والفقير" الذي أنتج عام 1909.
[عدل]أواخر حياته
في سنة 1896 أصيب توين باكتئاب شديد إثر وفاة ابنته سوزي بالالتهاب السحائي، وقد عمق أحزانه وفاة زوجته أوليفيا سنة 1904 ووفاة جين في 24 ديسمبر 1909[25]، وكذلك الوفاة المفاجئة لصديقه هنري روجرز في 20 مايو1909.
توين مرتدياً الزي الجامعي بعد أن منحته جامعة أكسفورد درجة الدكتوراه الفخرية سنة 1907
وفي سنة 1906 بدأ توين ينشر سيرته الذاتية في جريدة "نورث أمريكان ريفيو"، وفي سنة 1907 منحته جامعة أكسفورد درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب.
شاهد قبر مارك توين
وقد ذُكر أن توين قال ذات يوم: "لقد جئت إلى هذا العالم مع مذنب هالي سنة 1835، وها هو قادم ثانيةً العام القادم، وأنا أتوقع أن أذهب معه.."[26]. ولقد صدقت نبوءته؛ إذ توفي توين بأزمة قلبية في ريدنغ بولاية كونيكتيكت في الثاني من أبريل 1910، بعد يوم واحد فقط من اقتراب المذنب من الأرض، فرثاه الرئيس الأمريكي ويليام هوارد تافت[27][28]، وشيعت جنازته من إحدى الكنائس التابعة للطائفة المشيخية في نيويورك[29]، ثم دفن في مدافن أسرة زوجته في مقبرة وودلون بمدينة إلميرا في نيويورك.
محتويات [أخف]
1 حياته
1.1 حياته الباكرة
2 أسفاره
3 زواجه وأبناؤه
4 حبه للعلم والتقنية
5 أواخر حياته
6 المراجع
[عدل]حياته
[عدل]حياته الباكرة
طابع بريد أمريكي من سنة 1940 يحمل صورة مارك توين
ولد صمويل لانغهورن كليمنس في قرية تسمى "فلوريدا" بولاية ميسوري في 30 نوفمبر 1835 لأب تاجر من ولاية تينيسي يسمى جون مارشال كليمنس (1798 ـ 1847) وأم تسمى جين لامبتون كليمنس (1803 ـ 1890)[7]، وكان السادس في الترتيب بين سبعة إخوة لم يتجاوز منهم مرحلة الطفولة ـ بخلاف صمويل ـ إلا ثلاثة، هم أوريون (1825 ـ 1897) وهنري (1838 ـ 1858) (لقي حتفه في انفجار قارب نهري) وباميلا (1827 ـ 1904). بينما ماتت شقيقته مارغريت (1830 ـ 1839) عندما كان في الثالثة من عمره، ومات شقيقه بنجامين (1832 ـ 1842) بعدها بثلاث سنوات، كما مات شقيق ثالث هو "بليزانت" وعمره ستة أشهر[8].
وعندما بلغ توين الرابعة من عمره، انتقلت أسرته إلى هانيبال[9]، وهي مدينة وميناء بولاية ميسوري تقع على نهر مسيسيبي، وقد استلهم مارك توين مدينة سانت بطرسبورغ الخيالية التي ظهرت في روايتيه مغامرات توم سوير ومغامرات هكلبيري فين من هذه المدينة[10]. وقد كانت ميسوري آنذاك من الولايات التي ما زالت تتبع نظام العبودية، مما ظهر فيما بعد في كتابات مارك توين.
وفي مارس 1847 توفي ولد توين بالالتهاب الرئوي[11]، وفي العام التالي التحق توين بالعمل كصبي بمطبعة، ثم بدأ في سنة 1851 في العمل في صف الحروف (بالإنجليزية: typesetting) وبدأ يكتب المقالات و"الاستكتشات" الساخرة لجريدة هانيبال، التي كان يملكها شقيقه أوريون. وفي الثامنة عشرة من عمره، غادر هانيبال وعمل في الطباعة في مدينة نيويورك وفي فيلادلفيا وسانت لويس وسينسيناتي، وانضم إلى الاتحاد وبدأ في تعليم نفسه بنفسه في المكتبات العامة في الفترة المسائية، مكتشفاً منهلاً للمعرفة أوسع من ذلك الذي كان سيجده إذا كان قد التحق بمدرسة تقليدية. وفي الثانية والعشرين من عمره عاد توين إلى ولاية ميسوري[12].
وفي إحدى رحلات توين في المسيسيبي إلى نيو أورليانز أوحى له هوراس بيكسبي، قائد السفينة البخارية بالعمل كقائد سفينة بخارية، وهو هو عمل كان يدر على صاحبه دخلاً مجزياً وصل إلى 250 دولاراً شهرياً[13] (ما يعادل تقريباً 72400 دولار اليوم)، ونظراً لأن هذه المهنة كانت تتطلب معرفة وافية بكل تفاصيل النهر التي تتغير باستمرار، فقد استغرق توين عامين في دراسة ألفي ميل (3200 كيلومترا) من نهر المسيسيبي بتعمق قبل أن يحصل على ترخيص بالعمل كقائد سفينة بخارية سنة 1859.
وأثناء تدريبه، استطاع توين إقناع شقيقه الأصغر هنري بالعمل معه، وقد لقي هنري مصرعه في 21 يونيو 1858 إثر انفجار السفينة البخارية "بنسلفانيا" التي كان يعمل عليها، ويقول توين في سيرته الذاتية إنه رأى في أثناء نومه تفاصيل مصرع أخيه قبل شهر من وقوعه[14]، وهو ما دفعه إلى دراسة الباراسيكولوجيا[15]، وقد كان من أوائل أعضاء جمعية الدراسات الروحانية. وقد حمل توين إحساسه بالذنب والمسئولية عن مصرع أخيه طوال حياته. وظل يعمل في النهر كملاح نهري حتى اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية سنة 1861 وتوقفت الملاحة في نهر المسيسيبي.
[عدل]أسفاره
التحق توين بشقيقه أوريون الذي عين سنة 1861 سكرتيراً لجيمس ناي (1815 ـ 1876) حاكم منطقة نيفادا وارتحلا إلى الغرب في عربة عبرت بهم منطقة السهول العظمى وجبال روكي في أسبوعين زارا خلالهما مجتمع المورمون في مدينة سولت ليك سيتي، وهي التجربة التي استلهم منها توين كتابه "الحياة الخشنة" (بالإنجليزية: Roughing It) وكانت مصدر إلهام له في كتابة مجموعته القصصية المسماه "الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس" (بالإنجليزية: The Celebrated Jumping Frog of Calaveras County). وقد انتهت رحلة توين هذه في مدينة فرجينيا المشهورة بمناجم الفضة في ولاية نيفادا حيث عمل في تلك المناجم[16]، غير أنه بعد أن فشل في تلك المهنة وجد عملاً في جريدة المدينة المسماة بجريدة "تيريتوريال إنتربرايز" (المشروع الإقليمي) ـ (بالإنجليزية: Territorial Enterprise)[17]، التي استخدم فيها لأول مرة اسمه الأدبي الشهير "مارك توين" عندما ذيَّل إحدى مقالاته بهذا التوقيع في 3 فبراير 1863[18] .
انتقل توين بعد ذلك إلى سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا سنة 1864 حيث استمر في ممارسة العمل الصحفي، وهناك التقى بعض الكتاب من أمثال بريت هارت وأرتيموس وورد ودان ديكويل، ويقال إن الشاعرة الشابة إينا كولبريث (1841 ـ 1928) وقعت في حبه في تلك الفترة[19].
حقق توين أول نجاحاته الأدبية عندما نشر قصته الطويلة "الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس" في جريدة "نيويورك ساترداي برس" (بالإنجليزية: New York Saturday Press) في 18 نوفمبر 1865، وهي القصة التي لفتت الأنظار إلى مارك توين. وفي العام التالي، سافر مارك توين إلى جزر ساندويتش (هاواي الحالية) للعمل مراسلاً لجريدة "ساكرامنتو يونيون"، وقد حظيت القصص التي كتبها عن تلك الرحلات بشعبية كبيرة واتخذ منها مارك توين مادة محاضراته الأولى[20].
وفي سنة 1867 سافر توين إلى البحر المتوسط بتمويل من إحدى الصحف المحلية، وأثناء رحلته إلى أوروبا والشرق الأوسط كتب توين مجموعة من رسائل السفر التي حظيت بانتشار كبير وجمعت فيما بعد في كتاب "الأبرياء في الخارج" سنة 1869، وفي هذه الرحلة تعرف توين إلى تشارلز لانغدون شقيق زوجته المستقبلية.
[عدل]زواجه وأبناؤه
يقول توين إنه عندما أراه تشارلز لانغدون صورة شقيقته أوليفيا أحبها من أول نظرة. وقد التقى توين وأوليفيا سنة 1868 وأعلنا خطبتهما في العام التالي، ثم تزوجا في فبراير 1870 في إلميرا بولاية نيويورك[20]. كانت أوليفيا تنتمي إلى عائلة "ثرية ولكنها متحررة"، وقد أتاحت له التعرف إلى بعض أفراد النخبة المفكرة، ومنهم معارضو العبودية و"الاشتراكيون واللادينيون وناشطات حقوق المرأة وناشطو المساواة الاجتماعية"، وكان من بين هؤلاء هارييت بيتشر ستاو وفريدريك دوغلاس والكاتب ومنظر الاشتراكية اليوتوبية وليام دين هاولز[21]، الذي ارتبط توين معه بصداقة طويلة الأمد.
عاش الزوجان في بفالو بولاية نيويورك من عام 1869 إلى عام 1871، وكان توين يمتلك حصة من أسهم جريدة "بافالو إكسبريس" التي كان يعمل فيها محرراً وكاتباً. وقد توفي ابنهما لانغدون بالدفتيريا وعمره 19 شهراً.
وفي سنة 1871[22] انتقل توين وأسرته إلى هارتفورد بولاية كونيكتيكت حيث شرع في إنشاء منزل (أنقذه معجبوه سنة 1927 ـ بعد وفاته ـ من الإزالة ليتحول إلى متحف خاص به قائم حتى اليوم)، وفي هارتفورد وضعت أوليفيا ثلاث بنات: سوزي (1872 ـ 1896) وكلارا (1874 ـ 1962)[23] وجين (1880 ـ 1909). وقد دام زواج توين وأوليفيا 34 عاماً، انتهت بوفاة أوليفيا سنة 1904.
منزل توين في هارتفورد، وتظهر في الصورة المدفأة التي جلبها توين من الهند، ورف الموقد المنحوت يدوياً، والذي اشتراه توين من أسكتلندا
شهدت هارتفورد خلال إقامة توين بها، التي دامت 17 عاماً، إبداع توين للعديد من أشهر أعماله، وهي مغامرات توم سوير (1876)، والأمير والفقير (1881)، و"الحياة على المسيسيبي" (1883)، ومغامرات هكلبيري فين (1884) و"يانكي من كونيكتيكت في بلاط الملك آرثر" (1889).
زار توين أوروبا للمرة الثانية وكتب عن زيارته تلك في كتاب صدر سنة 1880 بعنوان "صعلوك في الخارج" (بالإنجليزية: A Tramp Abroad)، وفي هذه الزيارة زار توين هايدلبرغ ومكث فيها من 6 مايو إلى 23 يوليو 1878، كما زار لندن.
[عدل]حبه للعلم والتقنية
توين في معمل نيكولا تسلا
كان توين مغرماً بالعلم والبحث العلمي، وقد تصادق مع نيكولا تسلا وكان يقضي الكثير من الوقت في معمل تسلا. وقد حصل توين نفسه على ثلاث براءات اختراع[24]. ويروي كتابه "يانكي من كونيكتيكت في بلاط الملك آرثر" قصة أمريكي سافر عبر الزمن ونقل معه التكنولوجيا الحديثة إلى إنجلترا في عهد الملك آرثر، وقد صار هذا النوع من قصص الخيال العلمي فيما بعد جنساً مستقلاً في أدب الخيال العلمي سمي بالتاريخ البديل.
وفي سنة 1909 قام توماس إديسون بزيارة توين في منزله في ريدنغ بولاية كونيكتيكت وقام بتصويره سينمائياً، وقد استخدمت بعض لقطات ذلك الفيلم في الفيلم القصير "الأمير والفقير" الذي أنتج عام 1909.
[عدل]أواخر حياته
في سنة 1896 أصيب توين باكتئاب شديد إثر وفاة ابنته سوزي بالالتهاب السحائي، وقد عمق أحزانه وفاة زوجته أوليفيا سنة 1904 ووفاة جين في 24 ديسمبر 1909[25]، وكذلك الوفاة المفاجئة لصديقه هنري روجرز في 20 مايو1909.
توين مرتدياً الزي الجامعي بعد أن منحته جامعة أكسفورد درجة الدكتوراه الفخرية سنة 1907
وفي سنة 1906 بدأ توين ينشر سيرته الذاتية في جريدة "نورث أمريكان ريفيو"، وفي سنة 1907 منحته جامعة أكسفورد درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب.
شاهد قبر مارك توين
وقد ذُكر أن توين قال ذات يوم: "لقد جئت إلى هذا العالم مع مذنب هالي سنة 1835، وها هو قادم ثانيةً العام القادم، وأنا أتوقع أن أذهب معه.."[26]. ولقد صدقت نبوءته؛ إذ توفي توين بأزمة قلبية في ريدنغ بولاية كونيكتيكت في الثاني من أبريل 1910، بعد يوم واحد فقط من اقتراب المذنب من الأرض، فرثاه الرئيس الأمريكي ويليام هوارد تافت[27][28]، وشيعت جنازته من إحدى الكنائس التابعة للطائفة المشيخية في نيويورك[29]، ثم دفن في مدافن أسرة زوجته في مقبرة وودلون بمدينة إلميرا في نيويورك.