-
اجْعَل مُقَدِّمَة قَلْبِك حَدِيْقَة غَنَّاء تُمْنَح أَصْدِقَاءَك الْحُب وَالْوُرُود وَالْسَّلام وَالابْتَسِام بِوُضُوْح، وَخَلْفَهَا مَقْبَرَة لِدَفْن عَثَرَاتِهِم وَأَخْطَائِهُم ونَزَقَهُم بِصَمْت.
2- سَأَلْتَنِي: مَدْرَسَتِك تَقَبَّل تَلَامِيْذ صَامِتِيْن؟ أَجَبْتُهَا: تَقَبَّل الْصَّامِتِيِن وَالَمُشَاغِبَين وْالرَّافِضِين لَكِن لَيْس كَطَلَبِة وَإِنَّمَا كمُعَلِمِين.
3- إِذَا صَدَّقْت نَّفْسِك أَن مُعَانَاتِك كُلِّهِا مَن الْآَخِرِين فَأَنْت تَحْكُم عَلَيْهَا بِالْبَقَاء الْدَّائِم؛ لِأَنَّك لَا تَمْلِك شَأْن الْآَخِرِين، وَإِذَا حُمِّلْت نَفْسَك قَدْرَا مِن الْمَسْؤُوْلِيَّة عَن المُعَانَاة فَهِي بِدَايَة الْخَلَاص.. فَأَنْت قَادِر عَلَى تَغْيِيْر نَفْسَك.
4- بَيْن ( اجْلِس بِنَا نُؤْمِن سَاعَة) و ( اجْلِس بِنَا نَغْتَب سَاعَة ) بَوْن شَاسِع ، يُعَادِل الْمَسَافَة بَيْن الْجَنَّة وَالْنَّار!
5- مِن تُرَبَّى عَلَى الْقَسْوَة وَمُصَادَرَة الْشَّخْصِيَّة يَحْتَاج إِلَى جُهْد خَارِق لِيُصْبِح إِنْسَانَا مُهَذَّبَا حَسَن الْأَخْلاق (وَمَن يَتَصَبَّر يُصَبِّرْه الْلَّه) وَمَن لُغَتِهِم تَعْرِفُوْنَهُم.
6- جُزْء غَيْر قَلِيْل مِن تَفْكِيرِك يَجِب أَن يَتَسَلَّط عَلَى ذَاتِك وَيَرْصُد أَحَاسِيْسَك ودَّوَافِعك وَتَصَرُفاتِك وَيَنْتَقِدَهَا بَعِيْدَا عَن نَقْد الْآَخَرِيْن فَهَذَا مُصَنَّع الْتَسَامِي وَالْنُّضْج.
7- لَم يُخْلِف الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بَعْد لِحَاقِه بِالْمَلَأ الْأَعْلَى سِوَى فَاطِمَة رَضِي الْلَّه عَنْهَا أُم سِّيّدّي شَبَاب أَهْل الْجَنَّة، وَكَتَب الْلَّه لَهُم الْمَجْد وَالِانْتِشَار وَالْخُلُود وَهَذَا مِن (الْكَوْثَر) وَهُو الْخَيْر الْكَثِيْر، أَمَّا شانؤُه فَلَهُم أَوْلَاد ذُكُوْر كَثِيْر (وَجَعَلْت لَه مَالْا مَّمْدُودَا وَبَنِيْن شُهُوْدا) وَلَم يَبْق لَهُم ذِكْر إِلَا مَن أَسْلَم.
8- كَثِيِرا مَا أَقُوْل: لَو أَن الْصَّهَايِنَة احْتَلُّوْا طُرَفا مِن الْأَطْرَاف الْإِسْلَامِيَّة أَو أَي بُقْعَة أُخْرَى حَتَّى لَو كَانَت مِسَاحَتُهَا أَضْعَاف أَضْعَاف فِلَسْطِيْن كَان يُمْكِن أَن تَنْسَى، لَكِن فِلَسْطِيْن لَهَا قَدْاسة وَتَارِيْخ وُعَرَاقَة.. وَهِي فِي قَلْب الْأُمَّة الْإِسْلَامِيَّة.. وَمِنْطَقَة الْقَلْب، لَا يُمْكِن تَجَاهُلِهَا، وَلَا يُمْكِن نِسْيَانُهَا، وَلَا يُمْكِن مُقَارَنَتُهَا بِغَيْرِهَا أَبَدا.
9- الْطَّاعَة الَّتِي تُقَدَّر أَن تَفْعَلُهَا الْآَن لَا تُؤَجِّلْها لِلْغَد، وَالْمَعْصِيَة إِذَا دَعَتْك نَفْسُك إِلَيْهَا فَاسْتَطَعْت تَرَكَهَا فَاتْرُكْهَا فَلَا خَيْر فِيْهَا؛ فَإِن أَلَحَّت نَفْسَك فَأَجَلَهَا وَسَوف وَأَخَّر فَرُبَّمَا حِيْل بَيْنَك وَبَيْنَهَا و(فِي سَلَّة الْسَّيْف فَرَّج).
10- مِن يُشْتَرَط لِلْتَفَاعُل مَع الْأَزَمَات الْقَائِمَة أَن نَتَوَقَّف عَن الِاسْتِمْتَاع بِالْحَيَاة لَا يُرِيْد أَن تَنْتَهِي الْأَزِمَّة؛ بَل أَن تَمْتَد وَتَقْبَع دَاخِل نِّفُوْسِنَا وَأَن نَتَحَوَّل لِكَائِنَات مُكْتَئِبَة!!.. وَقَد سَابَق الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم أُم الْمُؤْمِنِيْن عَائِشَة فِي سَفَر لِمَعْرَكَة.
11- حِيْن تَرَى الْنَّاس يَتَسَاقَطُوْن حَوْلِك تَبْدَأ الْأَسْئِلَة وَالْشُّكُوْك وَالِاحْتِمَالَات، وَمَا لَم يَكُن فِي الْنَّفْس قُوَّة وَثِقَة، وَفِي الْقَلْب شُجَاعَة وَجُرْأَة، وَفِي الْعَقْل يَقَظَة وَمُلَاحَظَة، فَرَبَّمَا سَقَط صَرِيْع الْوَهْم مَن لَم يَسْقُط صَرِيْع الْوَبَاء!..
12- الْإِيْمَان بِالذَّات وقدُرَاتِهَا وَتَطَلُّعَاتِهَا، هُو إِيِمَان بِخَالِقَهِا الَّمُبَدَّع الَّذِي قَدَّر فَهَدَى، وَالَّذِي خَلَق فَسَوَّى. وَالْوَهْم تَدْمِيْر لِلَّذَّات، وَتُسَلِّط لَقَوِى سَلْبِيَّة عَلَيْهَا، تُنْهِكُهَا...
13- مِن كَرَم الْلَّه تَعَالَى أَنَّه رِزْق الْنَّاس الْعُقُوْل وَسَلَّطَهَا عَلَى مَا حَوْلَهَا مِمَّا هُو فِي مَقْدُوْرِهَا وَمَن اخْتِصَاصُهَا، تُكْتَشَف وَتَتَعَرَّف وَتُبْدِع (وَتِلْك الْأَمْثَال نَضْرِبُهَا لِلْنَّاس وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُوْن)وَلَعَل مَن إِهْدَار الْعَقْل أَن يُظَن أَنَّه خَلَق لِلْحُفْظ وَالاسْتِظْهَار وَالْتَرْدِيْد فَحَسْب، دُوْن أَن يُضِيْف وَيُحَلِّل وَيَتَأَمَّل وَيُفَك الْرُّمُوْز، أَو أَن يُسَيْطِر الْجَزَع وَالْخَوْف وَالتَّرَدُّد عَلَى الْمَرْء؛ فَيَحْرِمُه لَذَّة مُشَاهَدَة الْجَدِيْد واقْتِبَاسِه.
14- قَد يَضْرِب الْأَب ابْنَه عَلَى تَرْك عِبَادَة أَو خُلُق، وَيَقْهَرُه عَلَى الِامْتِثَال، لِأَنَّه لَّا يُرِيْد أَن يُقَال: ابْن فُلَان فِعْل أَو تَرْك، فَيَنْشَأ الْطِّفْل كَارِهِا لِهَذَا الْخَلْق الَّذِي تَعَرَّض لِلْضَّرْب بِسَبَبِه، وَلَو مَارَسَه ظَاهِرِيَّا فَهُو يَتَحَيَّن الْفُرْصَة الَّتِي تَسْنَح لِكَي يُمَارَس حُرِّيَّتِه وَرَغَّبْتَه فِي نَقِيَّض مَا تَرَبَّى عَلَيْه، وَلَا غَرَابَة أَن يُبَالِغ فِي الْتَّشَفِّي مِن مَاضِيْه بِالْانْغِمَاس الْمُفْرِط فِيْمَا حُرِّم مِنْه سُلَفا.
15- لَسْت أَجِد حَرَجَا أَن أُجَادِل إِنْسَانَا غَيْر مُسْلِم أَيُّا مَا كَان الْمَوْضُوْع؛ لِأَن إِسْلَامِي قُوَّة عَظِيْمَة مَلِيِئَة بِالْإِقْنَاع وَالْحُجَّة, وَلَكِنِّي أَجِد الْحَرَج حِيْن يَكُوْن الْمُسْلِم الْضَّعِيِف رَقِيْبَا يَبْحَث عَن الْأَخْطَاء وَالْزَّلات وَالْأَقْوَال الْمُحْتَمَلَة، وَكَأَنَّه يُرِيْد مِنِّي أَن أَنْقُل لِلْآَخِرِين رُؤْيَتُه الْخَاصَّة عَن الْإِسْلَام، وَلَيْس الْمَعْنَى الْعَظِيْم الْمُتَضَمِّن فِي الْكِتَاب وَالْسُّنَّة.
16- الْحُب بَيْن الْنَّاس غَرِيْزَة فُطْرِيَّة لَابُد مِن إِشْبَاعُهُا فَاجْعَل حُبَّك وَقَلْبَك لِمَن يَسْتَحِقُّوْنَه وَهُم كَثِيْر وَاجْتَهَد أَن تَضِيْق خَانَة الْبُغْض.
17- قَد يُفِكِّر الْمَرْء فِي قَضِيَّة مَا وَهُو مَكْرُوب مَحْرُوْب، فَيَخْلُص فِيْهَا إِلَى رَأْي يَتَيَقَّنُه بِعَقْلِه وَقَلْبِه، فَإِذَا تَغَيَّرَت حَالُه، وَانْفَسَح أَمْرِه، وَجَاءَتْه الْبُشْرَى، وَفُتِحَت الْدُّنْيَا، فَنَظَر فِي الْأَمْر ذَاتِه فَاسْتَغْرَب مَا كَان يَظُنُّه يَقِيْنْا، وَعَزْف عَنْه، وَمَال إِلَى غَيْرِه بِقَلْبِه وَبِعَقْلِه، فَالفِكْر وَالْرَّأْي لَيْس بِمَعْزِل عَن مُعَانَاتِنا الْنَّفْسِيَّة وَالْعَاطِفِيَّة.
18- مُنَاجَاة الْلَّه وَلَو لِثَوَان تَمْنَحُنِي طَاقَة هَائِلَة لَا تُقَدِّر بِثَمَن، أَجِدُهَا حِيْن أَحْتَاجُهَا فِي الْمَصَائِب وَالْمُلِمَّات، وَفِي مَدَارِج الْحَيَاة الْعَادِيَة، وأَجَدَهَا حِيْن تُوَاتِينِي فُرْصَة لِلّسَّعَادَة وَالْهَنَاء فَيَهْجُم وَحْش كَاسِر مَن الْخَوْف أَو الْذِّكْرَى؛ لَيُنَغَّص عَلَي سَعَادَتِي، فَأَجِد رَبِّي يَمْنَحُنِي الْحِمَايَة وَالْرِّضَا وَالْعَطْف، وَيَمْنَحُنِي الْفُرْصَة بَعْد الْفُرْصَة حَتَّى أَكُوْن سَعِيْدَا.
19- وَجَدْت خَيْر الْدُّنْيَا وَالآَخِرَة مُتَوَقِّفا عَلَى أَرْبَع: الْإِيْمَان وَالْسَّعَادَة وَالْحُب وَالْنَّجَاح.. وَوَجَدْت الْقِرَاءَة هِي سَبِيْل تَنْمِيَتِهَا وَتَطْوِيْرِهَا.
20- كُل فَتَى مِنّا مَهْمُوُم بِآِلَام الْأُمَّة يُفَكِّر أَن يَكُوْن " صَلَاح الْدِّيْن " ، وَلَا يُفَكِّر أَن يَكُوْن هُو الْشَّافِعِي أَو مَالِك أَو أَحْمَد أَو ابْن تَيْمِيَّة أَو ابْن حَجَر أَو الْنَّوَوِي أَو ابْن الْنَّفِيْس أَو ابْن الْهَيْثَم أَو الَّمُبَدَّع أَو الْعَالِم الْمُتَخَصّص .. أَلَسْنَا نُفَكِّر بِطَرِيْقَة انْتِقَائِيَّة وَنَتَعَامَل مَع الْحَيَاة عَلَى أَنَّهَا مَعْرَكَة عَسْكَرِيَّة الَّذِي يَفُوْز فِيْهَا يَحْصُل عَلَى كُل مَا يُرِيْد؟
21- تَعَامَل مَع خَصْمِك بِأَخْلاقِك أَنْت لَا بِأَخْلَاقِه هُو، وَعَبَّر بِلُغَتِك الْرَّاقِيَة وَأُسِلُوَبك الْمُهَذَّب وَلَيْس بمُجَاراتِه فِي الْفَحْش وَالْإِسْفَاف.
22- لِشَّرِيْعَة يُسْر كُلَّهَا، لَا عُسْر فِيْهَا بِوَجْه مِن الْوُجُوْه، وَلَم يُرِد وَصَفَهَا بِالْمَشَقَّة أَو الْعُسْر، وَلَا بِالتَّوَسُّط بَيْن الْيُسْر وَالْشِّدَّة، بَل يَسَّر الْلَّه رَسُوْلَه لِلْيُسْرَى
23- تَعَوَّدْت حِيْنَمَا أَصْحُو أَن أَبْدَأ بِالْأَعْمَال الْسَّهْلَة وَالمُمُتْعَة وَلَيْس بِالشّاق أَو مَا تَكْرَهُه الْنَّفْس، فَصَار مِن عَادَة خَوَاطِرِي كُلَّمَا صَحَوْت أَن تَتَّجِه تِلْقَائِيَّا لِلْسَّهْل الْمَحْبُوْب الَّذِي يُبَاشِرَهَا فَأَسْتَفْتِح حَيَاتِي بِفَرْحَة.
24- الْمَرْء الْمَأْزَوْم بِمُعَانَاة وَاقِعِيَّة يَصْعُب عَلَيْه أَن يَكُوْن مُعْتَدِلِا، وَحَتَّى لَو كَان مُقْتَنِعا بِضَرُوْرَة الاعْتِدَال، فَإِن مُعَانَاتِه وَآَلَامَه الْشَّخْصِيَّة أَو الْعَامَّة تُؤَثِّر عَلَى فِكْرَه وَتَصَوَّرَه، وَتَجْعَلُه يُفْهَم الاعْتِدَال بِطَرِيْقَة مُخْتَلِفَة.
25- إِنَّنَا نَشْعُر بِالْغَيْظ وَالْحَزَن وَالْحُرَقَة، حِيْنَمَا نَرَى بِلَاد الْعَالَم حَقَّقَت قَدْرا كَبِيْرا مِن الْتَقَدُّم وَالْرُقِي وَالْنُّهُوْض وَالْحُفَّاظ عَلَى الْكَرَامَة الْإِنْسَانِيَّة، فِي حِيْن أَنَّنَا -نَحْن الْمُسْلِمِيْن- نُعَانِي مِن الْتَّخَلُّف وَإِهْدَار كَرَامَة الْإِنْسَان، وَالَّتِي هِي مَعْنَى عَظِيْم فِي الْإِسْلَام.
اجْعَل مُقَدِّمَة قَلْبِك حَدِيْقَة غَنَّاء تُمْنَح أَصْدِقَاءَك الْحُب وَالْوُرُود وَالْسَّلام وَالابْتَسِام بِوُضُوْح، وَخَلْفَهَا مَقْبَرَة لِدَفْن عَثَرَاتِهِم وَأَخْطَائِهُم ونَزَقَهُم بِصَمْت.
2- سَأَلْتَنِي: مَدْرَسَتِك تَقَبَّل تَلَامِيْذ صَامِتِيْن؟ أَجَبْتُهَا: تَقَبَّل الْصَّامِتِيِن وَالَمُشَاغِبَين وْالرَّافِضِين لَكِن لَيْس كَطَلَبِة وَإِنَّمَا كمُعَلِمِين.
3- إِذَا صَدَّقْت نَّفْسِك أَن مُعَانَاتِك كُلِّهِا مَن الْآَخِرِين فَأَنْت تَحْكُم عَلَيْهَا بِالْبَقَاء الْدَّائِم؛ لِأَنَّك لَا تَمْلِك شَأْن الْآَخِرِين، وَإِذَا حُمِّلْت نَفْسَك قَدْرَا مِن الْمَسْؤُوْلِيَّة عَن المُعَانَاة فَهِي بِدَايَة الْخَلَاص.. فَأَنْت قَادِر عَلَى تَغْيِيْر نَفْسَك.
4- بَيْن ( اجْلِس بِنَا نُؤْمِن سَاعَة) و ( اجْلِس بِنَا نَغْتَب سَاعَة ) بَوْن شَاسِع ، يُعَادِل الْمَسَافَة بَيْن الْجَنَّة وَالْنَّار!
5- مِن تُرَبَّى عَلَى الْقَسْوَة وَمُصَادَرَة الْشَّخْصِيَّة يَحْتَاج إِلَى جُهْد خَارِق لِيُصْبِح إِنْسَانَا مُهَذَّبَا حَسَن الْأَخْلاق (وَمَن يَتَصَبَّر يُصَبِّرْه الْلَّه) وَمَن لُغَتِهِم تَعْرِفُوْنَهُم.
6- جُزْء غَيْر قَلِيْل مِن تَفْكِيرِك يَجِب أَن يَتَسَلَّط عَلَى ذَاتِك وَيَرْصُد أَحَاسِيْسَك ودَّوَافِعك وَتَصَرُفاتِك وَيَنْتَقِدَهَا بَعِيْدَا عَن نَقْد الْآَخَرِيْن فَهَذَا مُصَنَّع الْتَسَامِي وَالْنُّضْج.
7- لَم يُخْلِف الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم بَعْد لِحَاقِه بِالْمَلَأ الْأَعْلَى سِوَى فَاطِمَة رَضِي الْلَّه عَنْهَا أُم سِّيّدّي شَبَاب أَهْل الْجَنَّة، وَكَتَب الْلَّه لَهُم الْمَجْد وَالِانْتِشَار وَالْخُلُود وَهَذَا مِن (الْكَوْثَر) وَهُو الْخَيْر الْكَثِيْر، أَمَّا شانؤُه فَلَهُم أَوْلَاد ذُكُوْر كَثِيْر (وَجَعَلْت لَه مَالْا مَّمْدُودَا وَبَنِيْن شُهُوْدا) وَلَم يَبْق لَهُم ذِكْر إِلَا مَن أَسْلَم.
8- كَثِيِرا مَا أَقُوْل: لَو أَن الْصَّهَايِنَة احْتَلُّوْا طُرَفا مِن الْأَطْرَاف الْإِسْلَامِيَّة أَو أَي بُقْعَة أُخْرَى حَتَّى لَو كَانَت مِسَاحَتُهَا أَضْعَاف أَضْعَاف فِلَسْطِيْن كَان يُمْكِن أَن تَنْسَى، لَكِن فِلَسْطِيْن لَهَا قَدْاسة وَتَارِيْخ وُعَرَاقَة.. وَهِي فِي قَلْب الْأُمَّة الْإِسْلَامِيَّة.. وَمِنْطَقَة الْقَلْب، لَا يُمْكِن تَجَاهُلِهَا، وَلَا يُمْكِن نِسْيَانُهَا، وَلَا يُمْكِن مُقَارَنَتُهَا بِغَيْرِهَا أَبَدا.
9- الْطَّاعَة الَّتِي تُقَدَّر أَن تَفْعَلُهَا الْآَن لَا تُؤَجِّلْها لِلْغَد، وَالْمَعْصِيَة إِذَا دَعَتْك نَفْسُك إِلَيْهَا فَاسْتَطَعْت تَرَكَهَا فَاتْرُكْهَا فَلَا خَيْر فِيْهَا؛ فَإِن أَلَحَّت نَفْسَك فَأَجَلَهَا وَسَوف وَأَخَّر فَرُبَّمَا حِيْل بَيْنَك وَبَيْنَهَا و(فِي سَلَّة الْسَّيْف فَرَّج).
10- مِن يُشْتَرَط لِلْتَفَاعُل مَع الْأَزَمَات الْقَائِمَة أَن نَتَوَقَّف عَن الِاسْتِمْتَاع بِالْحَيَاة لَا يُرِيْد أَن تَنْتَهِي الْأَزِمَّة؛ بَل أَن تَمْتَد وَتَقْبَع دَاخِل نِّفُوْسِنَا وَأَن نَتَحَوَّل لِكَائِنَات مُكْتَئِبَة!!.. وَقَد سَابَق الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم أُم الْمُؤْمِنِيْن عَائِشَة فِي سَفَر لِمَعْرَكَة.
11- حِيْن تَرَى الْنَّاس يَتَسَاقَطُوْن حَوْلِك تَبْدَأ الْأَسْئِلَة وَالْشُّكُوْك وَالِاحْتِمَالَات، وَمَا لَم يَكُن فِي الْنَّفْس قُوَّة وَثِقَة، وَفِي الْقَلْب شُجَاعَة وَجُرْأَة، وَفِي الْعَقْل يَقَظَة وَمُلَاحَظَة، فَرَبَّمَا سَقَط صَرِيْع الْوَهْم مَن لَم يَسْقُط صَرِيْع الْوَبَاء!..
12- الْإِيْمَان بِالذَّات وقدُرَاتِهَا وَتَطَلُّعَاتِهَا، هُو إِيِمَان بِخَالِقَهِا الَّمُبَدَّع الَّذِي قَدَّر فَهَدَى، وَالَّذِي خَلَق فَسَوَّى. وَالْوَهْم تَدْمِيْر لِلَّذَّات، وَتُسَلِّط لَقَوِى سَلْبِيَّة عَلَيْهَا، تُنْهِكُهَا...
13- مِن كَرَم الْلَّه تَعَالَى أَنَّه رِزْق الْنَّاس الْعُقُوْل وَسَلَّطَهَا عَلَى مَا حَوْلَهَا مِمَّا هُو فِي مَقْدُوْرِهَا وَمَن اخْتِصَاصُهَا، تُكْتَشَف وَتَتَعَرَّف وَتُبْدِع (وَتِلْك الْأَمْثَال نَضْرِبُهَا لِلْنَّاس وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُوْن)وَلَعَل مَن إِهْدَار الْعَقْل أَن يُظَن أَنَّه خَلَق لِلْحُفْظ وَالاسْتِظْهَار وَالْتَرْدِيْد فَحَسْب، دُوْن أَن يُضِيْف وَيُحَلِّل وَيَتَأَمَّل وَيُفَك الْرُّمُوْز، أَو أَن يُسَيْطِر الْجَزَع وَالْخَوْف وَالتَّرَدُّد عَلَى الْمَرْء؛ فَيَحْرِمُه لَذَّة مُشَاهَدَة الْجَدِيْد واقْتِبَاسِه.
14- قَد يَضْرِب الْأَب ابْنَه عَلَى تَرْك عِبَادَة أَو خُلُق، وَيَقْهَرُه عَلَى الِامْتِثَال، لِأَنَّه لَّا يُرِيْد أَن يُقَال: ابْن فُلَان فِعْل أَو تَرْك، فَيَنْشَأ الْطِّفْل كَارِهِا لِهَذَا الْخَلْق الَّذِي تَعَرَّض لِلْضَّرْب بِسَبَبِه، وَلَو مَارَسَه ظَاهِرِيَّا فَهُو يَتَحَيَّن الْفُرْصَة الَّتِي تَسْنَح لِكَي يُمَارَس حُرِّيَّتِه وَرَغَّبْتَه فِي نَقِيَّض مَا تَرَبَّى عَلَيْه، وَلَا غَرَابَة أَن يُبَالِغ فِي الْتَّشَفِّي مِن مَاضِيْه بِالْانْغِمَاس الْمُفْرِط فِيْمَا حُرِّم مِنْه سُلَفا.
15- لَسْت أَجِد حَرَجَا أَن أُجَادِل إِنْسَانَا غَيْر مُسْلِم أَيُّا مَا كَان الْمَوْضُوْع؛ لِأَن إِسْلَامِي قُوَّة عَظِيْمَة مَلِيِئَة بِالْإِقْنَاع وَالْحُجَّة, وَلَكِنِّي أَجِد الْحَرَج حِيْن يَكُوْن الْمُسْلِم الْضَّعِيِف رَقِيْبَا يَبْحَث عَن الْأَخْطَاء وَالْزَّلات وَالْأَقْوَال الْمُحْتَمَلَة، وَكَأَنَّه يُرِيْد مِنِّي أَن أَنْقُل لِلْآَخِرِين رُؤْيَتُه الْخَاصَّة عَن الْإِسْلَام، وَلَيْس الْمَعْنَى الْعَظِيْم الْمُتَضَمِّن فِي الْكِتَاب وَالْسُّنَّة.
16- الْحُب بَيْن الْنَّاس غَرِيْزَة فُطْرِيَّة لَابُد مِن إِشْبَاعُهُا فَاجْعَل حُبَّك وَقَلْبَك لِمَن يَسْتَحِقُّوْنَه وَهُم كَثِيْر وَاجْتَهَد أَن تَضِيْق خَانَة الْبُغْض.
17- قَد يُفِكِّر الْمَرْء فِي قَضِيَّة مَا وَهُو مَكْرُوب مَحْرُوْب، فَيَخْلُص فِيْهَا إِلَى رَأْي يَتَيَقَّنُه بِعَقْلِه وَقَلْبِه، فَإِذَا تَغَيَّرَت حَالُه، وَانْفَسَح أَمْرِه، وَجَاءَتْه الْبُشْرَى، وَفُتِحَت الْدُّنْيَا، فَنَظَر فِي الْأَمْر ذَاتِه فَاسْتَغْرَب مَا كَان يَظُنُّه يَقِيْنْا، وَعَزْف عَنْه، وَمَال إِلَى غَيْرِه بِقَلْبِه وَبِعَقْلِه، فَالفِكْر وَالْرَّأْي لَيْس بِمَعْزِل عَن مُعَانَاتِنا الْنَّفْسِيَّة وَالْعَاطِفِيَّة.
18- مُنَاجَاة الْلَّه وَلَو لِثَوَان تَمْنَحُنِي طَاقَة هَائِلَة لَا تُقَدِّر بِثَمَن، أَجِدُهَا حِيْن أَحْتَاجُهَا فِي الْمَصَائِب وَالْمُلِمَّات، وَفِي مَدَارِج الْحَيَاة الْعَادِيَة، وأَجَدَهَا حِيْن تُوَاتِينِي فُرْصَة لِلّسَّعَادَة وَالْهَنَاء فَيَهْجُم وَحْش كَاسِر مَن الْخَوْف أَو الْذِّكْرَى؛ لَيُنَغَّص عَلَي سَعَادَتِي، فَأَجِد رَبِّي يَمْنَحُنِي الْحِمَايَة وَالْرِّضَا وَالْعَطْف، وَيَمْنَحُنِي الْفُرْصَة بَعْد الْفُرْصَة حَتَّى أَكُوْن سَعِيْدَا.
19- وَجَدْت خَيْر الْدُّنْيَا وَالآَخِرَة مُتَوَقِّفا عَلَى أَرْبَع: الْإِيْمَان وَالْسَّعَادَة وَالْحُب وَالْنَّجَاح.. وَوَجَدْت الْقِرَاءَة هِي سَبِيْل تَنْمِيَتِهَا وَتَطْوِيْرِهَا.
20- كُل فَتَى مِنّا مَهْمُوُم بِآِلَام الْأُمَّة يُفَكِّر أَن يَكُوْن " صَلَاح الْدِّيْن " ، وَلَا يُفَكِّر أَن يَكُوْن هُو الْشَّافِعِي أَو مَالِك أَو أَحْمَد أَو ابْن تَيْمِيَّة أَو ابْن حَجَر أَو الْنَّوَوِي أَو ابْن الْنَّفِيْس أَو ابْن الْهَيْثَم أَو الَّمُبَدَّع أَو الْعَالِم الْمُتَخَصّص .. أَلَسْنَا نُفَكِّر بِطَرِيْقَة انْتِقَائِيَّة وَنَتَعَامَل مَع الْحَيَاة عَلَى أَنَّهَا مَعْرَكَة عَسْكَرِيَّة الَّذِي يَفُوْز فِيْهَا يَحْصُل عَلَى كُل مَا يُرِيْد؟
21- تَعَامَل مَع خَصْمِك بِأَخْلاقِك أَنْت لَا بِأَخْلَاقِه هُو، وَعَبَّر بِلُغَتِك الْرَّاقِيَة وَأُسِلُوَبك الْمُهَذَّب وَلَيْس بمُجَاراتِه فِي الْفَحْش وَالْإِسْفَاف.
22- لِشَّرِيْعَة يُسْر كُلَّهَا، لَا عُسْر فِيْهَا بِوَجْه مِن الْوُجُوْه، وَلَم يُرِد وَصَفَهَا بِالْمَشَقَّة أَو الْعُسْر، وَلَا بِالتَّوَسُّط بَيْن الْيُسْر وَالْشِّدَّة، بَل يَسَّر الْلَّه رَسُوْلَه لِلْيُسْرَى
23- تَعَوَّدْت حِيْنَمَا أَصْحُو أَن أَبْدَأ بِالْأَعْمَال الْسَّهْلَة وَالمُمُتْعَة وَلَيْس بِالشّاق أَو مَا تَكْرَهُه الْنَّفْس، فَصَار مِن عَادَة خَوَاطِرِي كُلَّمَا صَحَوْت أَن تَتَّجِه تِلْقَائِيَّا لِلْسَّهْل الْمَحْبُوْب الَّذِي يُبَاشِرَهَا فَأَسْتَفْتِح حَيَاتِي بِفَرْحَة.
24- الْمَرْء الْمَأْزَوْم بِمُعَانَاة وَاقِعِيَّة يَصْعُب عَلَيْه أَن يَكُوْن مُعْتَدِلِا، وَحَتَّى لَو كَان مُقْتَنِعا بِضَرُوْرَة الاعْتِدَال، فَإِن مُعَانَاتِه وَآَلَامَه الْشَّخْصِيَّة أَو الْعَامَّة تُؤَثِّر عَلَى فِكْرَه وَتَصَوَّرَه، وَتَجْعَلُه يُفْهَم الاعْتِدَال بِطَرِيْقَة مُخْتَلِفَة.
25- إِنَّنَا نَشْعُر بِالْغَيْظ وَالْحَزَن وَالْحُرَقَة، حِيْنَمَا نَرَى بِلَاد الْعَالَم حَقَّقَت قَدْرا كَبِيْرا مِن الْتَقَدُّم وَالْرُقِي وَالْنُّهُوْض وَالْحُفَّاظ عَلَى الْكَرَامَة الْإِنْسَانِيَّة، فِي حِيْن أَنَّنَا -نَحْن الْمُسْلِمِيْن- نُعَانِي مِن الْتَّخَلُّف وَإِهْدَار كَرَامَة الْإِنْسَان، وَالَّتِي هِي مَعْنَى عَظِيْم فِي الْإِسْلَام.