حاتم الطائي (? - 46 ق. هـ / ? - 605 م) شاعر جاهلي، فارس جواد يضرب المثل بجوده، كان من أهل نجد، وزار الشام فتزوج ماوية بنت حجر الغسانية، ومات في عوارض (جبل في بلاد طيء)، وهو من قبيلة طيء، ويعتبر أشهر العرب بالكرم والشهامة، ويعد مضرب المثل في الجود والكرم.
سكن وقومه في بلاد الجبلين (أجا وسلمى) التي تسمى الآن منطقة حائل، وتقع شمال السعودية. توجد بقايا أطلال قصره وقبره وموقدته الشهيرة في بلدة توارن في حائل، له ديوان واحد في الشعر، ويكنى أبا سفانة وأبا عدي، وقد أدرك سفانة وعدي الإسلام فأسلما. وأمه عتبة بنت عفيف بن عمرو بن أخزم، وكانت ذات يسر وسخاء، حجز عليها إخوتها ومنعوها مالها خوفا من التبذير، نشأ ابنها حاتم على غرارها بالجود والكرم.
[عدل] كرمه
كان حاتم من شعراء العرب وكان جوادا يشبه شعره جوده ويصدق قوله فعله وكان حيثما نزل عرف منزله مظفر وإذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سئل وهب وإذا ضرب بالقداح فاز وإذا سابق سبق وإذا أسر أطلق وكان يقسم بالله ألا يقتل أحدا في الشهر الأصم (رجب)، وكانت مصر تعظمه في الجاهلية، وكان ينحر في كل يوم عشرا من الإبل، فأطعم الناس واجتمعوا إليه.
ومن المواقف لحاتم الطائي الذي هو أخو عبدالله الثقفي من الرضاعة أن قالت له امرأة من عنزة بن ربيعه: قم افصد لنا هذه الناقة، فقام حاتم ونحر الناقة بدلاً من فصدها، فذهلت المرأة واسمها عالية العنزيه التي تزوجها فيما بعد وأنجبت له شبيب على حد ذكر ابن الاثير، فقال حاتم الأبيات التالية بعد نحره للناقة:
إنّ ابن أسماء لكم ضامن.. حتى يؤدّي آنسٌ ناويـه
لا أفصد الناقة في أنفها.. لكنّني أوجرهـا العاليـه
إنّي عن الفصد لفي مفخر.. يكره مني المفصد الآليه
اقترن الكرم والجود والسخاء بحاتم الطائي، ونرى ذلك عند نقاشه مع والده عندما قدم لضيوفه كل الإبل التي كان يرعاها وهو يجهل هويتهم وعندما عرفهم كانوا شعراء ثلاثة عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم والنابغة الذبياني وكانت وجهتهم النعمان فسألوه القرى (أي الطعام الذي يقدم للضيف) فنحر لهم ثلاثه من الإبل فقال عبيد: إنما أردنا بالقرى اللبن وكانت تكفينا بكرة، إذ كنت لابد متكلفا لنا شيئا، فقال حاتم: قد عرفت ولكني رأيت وجوها مختلفة وألوانا متفرقة فظننت أن البلدان غير واحدة فأردت أن يذكر كل واحد منكم ما رأى إذا أتى قومه، فقالوا فيه أشعارا امتدحوه بها وذكروا فضله، فقال حاتم: أردت أن أحسن إليكم فصار لكم الفضل علي وأنا أعاهد أن أضرب عراقيب إبلى عن آخرها أو تقوموا إليها فتقسموها ففعلوا فأصاب الرجل تسعة وثلاثين ومضوا إلى النعمان، وإن أبا حاتم سمع بما فعل فأتاه فقال له: أين الإبل؟ فقال حاتم: يا أبت طوقتك بها طوق الحمامة مجد الدهر وكرما، لا يزال الرجل يحمل بيت شعر أثنى به علينا عوضا من إبلك فلما سمع أبوه ذلك قال: أبإبلي فعلت ذلك؟ قال: نعم، قال: والله لا أساكنك أبدا فخرج أبوه بأهله وترك حاتما ومعه جاريته وفرسه وفلوها. فقال حاتم في ذلك:
إني لعف الفقر مشترك الغنى وتارك شكلا لا يوافقه شكلي
وشكلي شكل لا يقوم لمثله من الناس إلا كل ذي نيقة مثلي
وأجعل مالي دون عرضي جنة لنفسي وأستغني بما كان من فضل
وما ضرني أن سار سعد بأهله وأفردنى في الدار ليس معى أهلي
سيكفي ابتنائي المجد سعد بن حشرج وأحمل عنكم كل ماضاع من نفل
ولي مع بذل المال في المجد صولة إذا الحرب أبدت من نواجذها العصل
ومن مواقفه أيضا: حُكي أن ملكان ابن أخي ماوية زوج حاتم الطائي قال: قلت لها يوماً: يا عمة حدثيني ببعض عجائب حاتم وبعض مكارم أخلاقه، فقالت يا ابن أخي أعجب ما رأيت منه أنه أصابت الناس سنة قحط أذهبت الخف والظلف وقد أخذني وإياه الجوع وأسهرنا، فأخذت سفانة وأخذ عدياً وجعلنا نعلّلهما حتى ناما، فأقبل عليّ يحدثني ويعللني بالحديث حتى أنام، فرفقت به لما به من الجوع، فأمسكت عن كلامه لينام، فقال لي أنمت؟ فلم أجبه فسكت، ونظر في فناء الخباء، فإذا شيء قد أقبل، فرفع رأسه فإذا امرأة، فقال ما هذا؟ فقالت يا أبا عدي أتيتك من عند صبية يتعاوون كالكلاب أو كالذئاب جوعاً، فقال لها: أحضري صبيانك فوالله لأشبعنهم فقامت سريعة لأولادها فرفعت رأسي وقلت له يا حاتم بماذا تشبع أطفالها فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلا بالتعليل، فقال والله لأشبعنّك واشبعنّ صبيانك وصبيانها، فلما جاءت المرأة نهض قائماً وأخذ المدية بيده وعمد إلى فرسه فذبحه ثم أجج ناراً ودفع إليها شفرة، وقال قطعي واشوي وكلي وأطعمي صبيانك، فأكلت المرأة وأشبعت صبيانها، فأيقظت أولادي وأكلت وأطعمتهم، فقال والله إن هذا لهو اللؤم تأكلون وأهل الحي حالهم مثل حالكم! ثم أتى الحي بيتاً بيتاً يقول لهم انهضوا بالنار فاجتمعوا حول الفرس، وتقنَّع حاتم بكسائه وجلس ناحية فوالله ما أصبحوا وعلى وجه الأرض منها قليل ولا كثير إلا العظم والحافر، ولا والله ما ذاقها حاتم وإنه لأشدهم جوعاً.[1]
سكن وقومه في بلاد الجبلين (أجا وسلمى) التي تسمى الآن منطقة حائل، وتقع شمال السعودية. توجد بقايا أطلال قصره وقبره وموقدته الشهيرة في بلدة توارن في حائل، له ديوان واحد في الشعر، ويكنى أبا سفانة وأبا عدي، وقد أدرك سفانة وعدي الإسلام فأسلما. وأمه عتبة بنت عفيف بن عمرو بن أخزم، وكانت ذات يسر وسخاء، حجز عليها إخوتها ومنعوها مالها خوفا من التبذير، نشأ ابنها حاتم على غرارها بالجود والكرم.
[عدل] كرمه
كان حاتم من شعراء العرب وكان جوادا يشبه شعره جوده ويصدق قوله فعله وكان حيثما نزل عرف منزله مظفر وإذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سئل وهب وإذا ضرب بالقداح فاز وإذا سابق سبق وإذا أسر أطلق وكان يقسم بالله ألا يقتل أحدا في الشهر الأصم (رجب)، وكانت مصر تعظمه في الجاهلية، وكان ينحر في كل يوم عشرا من الإبل، فأطعم الناس واجتمعوا إليه.
ومن المواقف لحاتم الطائي الذي هو أخو عبدالله الثقفي من الرضاعة أن قالت له امرأة من عنزة بن ربيعه: قم افصد لنا هذه الناقة، فقام حاتم ونحر الناقة بدلاً من فصدها، فذهلت المرأة واسمها عالية العنزيه التي تزوجها فيما بعد وأنجبت له شبيب على حد ذكر ابن الاثير، فقال حاتم الأبيات التالية بعد نحره للناقة:
إنّ ابن أسماء لكم ضامن.. حتى يؤدّي آنسٌ ناويـه
لا أفصد الناقة في أنفها.. لكنّني أوجرهـا العاليـه
إنّي عن الفصد لفي مفخر.. يكره مني المفصد الآليه
اقترن الكرم والجود والسخاء بحاتم الطائي، ونرى ذلك عند نقاشه مع والده عندما قدم لضيوفه كل الإبل التي كان يرعاها وهو يجهل هويتهم وعندما عرفهم كانوا شعراء ثلاثة عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم والنابغة الذبياني وكانت وجهتهم النعمان فسألوه القرى (أي الطعام الذي يقدم للضيف) فنحر لهم ثلاثه من الإبل فقال عبيد: إنما أردنا بالقرى اللبن وكانت تكفينا بكرة، إذ كنت لابد متكلفا لنا شيئا، فقال حاتم: قد عرفت ولكني رأيت وجوها مختلفة وألوانا متفرقة فظننت أن البلدان غير واحدة فأردت أن يذكر كل واحد منكم ما رأى إذا أتى قومه، فقالوا فيه أشعارا امتدحوه بها وذكروا فضله، فقال حاتم: أردت أن أحسن إليكم فصار لكم الفضل علي وأنا أعاهد أن أضرب عراقيب إبلى عن آخرها أو تقوموا إليها فتقسموها ففعلوا فأصاب الرجل تسعة وثلاثين ومضوا إلى النعمان، وإن أبا حاتم سمع بما فعل فأتاه فقال له: أين الإبل؟ فقال حاتم: يا أبت طوقتك بها طوق الحمامة مجد الدهر وكرما، لا يزال الرجل يحمل بيت شعر أثنى به علينا عوضا من إبلك فلما سمع أبوه ذلك قال: أبإبلي فعلت ذلك؟ قال: نعم، قال: والله لا أساكنك أبدا فخرج أبوه بأهله وترك حاتما ومعه جاريته وفرسه وفلوها. فقال حاتم في ذلك:
إني لعف الفقر مشترك الغنى وتارك شكلا لا يوافقه شكلي
وشكلي شكل لا يقوم لمثله من الناس إلا كل ذي نيقة مثلي
وأجعل مالي دون عرضي جنة لنفسي وأستغني بما كان من فضل
وما ضرني أن سار سعد بأهله وأفردنى في الدار ليس معى أهلي
سيكفي ابتنائي المجد سعد بن حشرج وأحمل عنكم كل ماضاع من نفل
ولي مع بذل المال في المجد صولة إذا الحرب أبدت من نواجذها العصل
ومن مواقفه أيضا: حُكي أن ملكان ابن أخي ماوية زوج حاتم الطائي قال: قلت لها يوماً: يا عمة حدثيني ببعض عجائب حاتم وبعض مكارم أخلاقه، فقالت يا ابن أخي أعجب ما رأيت منه أنه أصابت الناس سنة قحط أذهبت الخف والظلف وقد أخذني وإياه الجوع وأسهرنا، فأخذت سفانة وأخذ عدياً وجعلنا نعلّلهما حتى ناما، فأقبل عليّ يحدثني ويعللني بالحديث حتى أنام، فرفقت به لما به من الجوع، فأمسكت عن كلامه لينام، فقال لي أنمت؟ فلم أجبه فسكت، ونظر في فناء الخباء، فإذا شيء قد أقبل، فرفع رأسه فإذا امرأة، فقال ما هذا؟ فقالت يا أبا عدي أتيتك من عند صبية يتعاوون كالكلاب أو كالذئاب جوعاً، فقال لها: أحضري صبيانك فوالله لأشبعنهم فقامت سريعة لأولادها فرفعت رأسي وقلت له يا حاتم بماذا تشبع أطفالها فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلا بالتعليل، فقال والله لأشبعنّك واشبعنّ صبيانك وصبيانها، فلما جاءت المرأة نهض قائماً وأخذ المدية بيده وعمد إلى فرسه فذبحه ثم أجج ناراً ودفع إليها شفرة، وقال قطعي واشوي وكلي وأطعمي صبيانك، فأكلت المرأة وأشبعت صبيانها، فأيقظت أولادي وأكلت وأطعمتهم، فقال والله إن هذا لهو اللؤم تأكلون وأهل الحي حالهم مثل حالكم! ثم أتى الحي بيتاً بيتاً يقول لهم انهضوا بالنار فاجتمعوا حول الفرس، وتقنَّع حاتم بكسائه وجلس ناحية فوالله ما أصبحوا وعلى وجه الأرض منها قليل ولا كثير إلا العظم والحافر، ولا والله ما ذاقها حاتم وإنه لأشدهم جوعاً.[1]