عروسة العاصي
-حمص-
-حمص-
عَرِّجْ على سرحة العاصي وشاطيه | ||
واتْرِعْ كؤوسَكَ خمراً من نواديه | ||
واشربْ على ذكر ديكِ الجنِّ محتفلاً | ||
بشاعرٍ وَشَّتِ الدنيا أغانيه | ||
وَقِفْ على طلّةِ الميماس مبتهجاً | ||
تلْقَ النجومَ استراحت في مغانيه | ||
أنىَّ الْتَفتَّ يحار الطرف من بدعٍ | ||
ترف حولك في أندى روابيه | ||
ما للأماسي رفيفُ الدوحِ يُسْكِرها؟ | ||
فهَلْ أجلُّ وأحلى من أماسيه؟ | ||
يطوف فيها السنا لَيلاً فيمنحها | ||
سحراً يتوِّجُ بالبشرى لياليه | ||
يُنَضِّرُ الأرضَ يكسوها بحلتهِ | ||
فتستفيقُ الربا شوقاً تناجيه | ||
يفرُّ منها ظلامُ الليلِ مُحْتَجَباً | ||
ويبسمُ الكونُ في دنيا نواحيه | ||
يعيش للحب مأسوراً بأمنيةٍ | ||
تُرى يُحَقِّقُ باللقيا أمانيه؟ | ||
ويعزف اللحنَ عاصيها لعاشقهِ | ||
ورائع اللحنِ ما ضَمَّتْ سواقيه | ||
خذني لمحراب من تحيا بأنسجتي | ||
فحبها لفؤادِ الحرِ كاويه | ||
قضيتُ فيها شباب العمرِ في دعةٍ | ||
"فَحمصُ" حاضر عمري وهي ماضيه | ||
إذا تَنَفَّسَ فرعٌ من جدائلها | ||
روائح العطر نَدَّتْ من حواشيه | ||
يا "حمصُ" قولي ألا عهدٌ سيجمعنا؟ | ||
مرَّ الزمانُ وأضنتني عواديه | ||
فهَلْ يُلامُ محبٌ عاش محترقاً؟ | ||
من الحنين وما جَفَّتْ مآقيهِ | ||
يظل يطوي بقايا عمره دنفاً | ||
ويعشقُ القلبُ من بالسهمِ راميه | ||
يا "حمصُ" سيري إلى الأمجاد بانيةً | ||
سيخشعُ المجد تقديساً لبانية | ||
صَبَتْ إليك قلوبٌ بالأسى اكتحلتْ | ||
فهل شَفِعْتِ لها مما تعانيه؟ | ||
ففي ربوعِكِ أهلُ العشقِ كم نسجوا؟ | ||
روائِعَ الشعر في أبهى معانيه | ||
ماذا أقولُ لكمْ والبعضُ قد رحلوا؟ | ||
هو الزمانُ وكَمْ أدوى بساريه؟ | ||
تمر عيني على أطلال من عبروا | ||
فيحزنُ الطرفُ والذكرى تواسيه | ||
أسْتَلهِمُ الشعر من أدواح جنتهمْ | ||
وكم سهرتُ وأغرتني قوافيهِ؟ | ||
هذا الجمال وكم سَبَّحْتُ نضْرَتَهُ؟ | ||
وكم تَهَجَّدتُ إيماناً لباريه؟ | ||
لا تعتبي يا ابنةَ الأحلام واتسدي | ||
قلبي الوفيَّ وظَلّي في خوافيه | ||
حملتُ حُبَّكِ في أوتارِ قافيتي | ||
وجئتُ مُسْتَرْشِداً للدرب طاويه | ||
شربتُ بالأمسِ راحاً من يدي رشاً | ||
وراح يَحْضِنُ قلبي ظِلَّ ساقيه | ||
فكانَ حسنكِ يطوى ظِلَّ غربتنا | ||
ونورُكِ الغمرُ للملهوفِ هاديه | ||
فأنتِ وحيٌّ على أهدابِ باصرتي | ||
يُذيبُ روحي وللماضي يناديه | ||
وحقِّ حُبِّكِ هذا الشعر أُرسلُه | ||
لأجلِ عينيكِ صِرْتُ اليومَ راويهِ | ||
إذا شكا الهجرَ من بالهجرِمفتئدٌ | ||
فَرُبَّما ينصفُ المحبوبُ شاكيهِ |