شكوى في الزمن الصعب..!!
همسة إلى أبي تمّام
موجٌ من اليأسِ في الأحناءِ يضطرمُ | ||
والحزنُ ينهشُ من قلبي ويلتهمُ | ||
يا "نجد" ما الكعبة الزهراء هلْ علمتْ؟ | ||
أنَّ الذي زَوَّر التاريخ مُتَّهمُ | ||
هذي عكاظٌ على جدرانها ارتسمتْ | ||
قصائدٌ كعقودِ الدرِّ ترتسمُ | ||
تكاشفُ الدهرَ عَمَّنْ صوروا بدعاً | ||
من الجمالِ وما زَلَّتْ بِهمْ قدمُ | ||
بنوا من الشعر أمجاداً وغاليةً | ||
تجدَّدَ الصرحُ فيها واعْتلى الهرمُ | ||
يا فارسَ الشعرِ قد بُحّتْ حناجرنا | ||
وفي المسامع وقْرٌ دبَّ أو صممُ | ||
سيف الغريب بنار الحقد يحرقنا | ||
وفي الصدورِ ومن آثاره حممُ | ||
يَحْتَزُّ أكبادنا في حد شفرته | ||
ويحرقُ الإرثَ تيَّاهاً ويبتسمُ | ||
وكادَ يمحو حضاراتٍ لنا رَسَختْ | ||
منذ القديم بوجهِ الدهر ترتسمُ | ||
سما بها الشعر تاريخاً وملحمةً | ||
ومن سَناها استنار العربُ والعجمُ | ||
صحراؤنا لم تزلْ رمزاً لنخوتنا | ||
فإنْ دعتنا العلى دانَتْ لنا القممُ | ||
تلكَ الرمال على ذرَّاتها اشْتَعَلَتْ | ||
شمسٌ وعاشتْ على نعمائها أممُ | ||
يا فارسَ الحرفِ نَضِّرْ دربنا ألقاً | ||
ودغْدِغِ الحرف كي يرقى به النغمُ | ||
حَلَّ الهجين بأرض العرب فارْتَعَشَتْ | ||
قبور أجدادنا واسْتَنْسَرَ الخدمُ | ||
"حوران" مهدكَ ما غابتْ منارتُها | ||
يوماً ولا فارقت أرجاءها الدِّيمُ | ||
"وجاسمٌ" أنجبتْ من صلبها علماً | ||
هشَّ الوجودُ له واستعلتِ الشيمُ | ||
فجاء نجماً إلى الدنيا ومعجزةً | ||
يا يوم مولده، قد بُورِكَ الرَّحمُ | ||
"أبا الحماسة" كم أَغْنَيْتَ ساحتنا | ||
شعراً أضاء الدنا فارتدتِ الظلمُ | ||
أنتَ الحكيمُ وللأشعارِ سيّدها | ||
أنت الأديبُ وأنتَ الشاعر العلمُ | ||
وَهَبْتَ أجملَ طاقاتٍ مُعَطَّرَةٍ | ||
يُزَيِّنُ الزهرَ في ألوانه العنم | ||
جدَّدتَ بالشعرِ مجداً لا نظير له | ||
وكنتَ سَيِّدَ من طاعتْ له الحكم | ||
قصائدٌ من نظيمِ الدرِّ تنسجها | ||
توشحتْ بالرؤى ما طالها هَرَمُ | ||
رسمتها صوراً عزَّتْ نظائرها | ||
وكم تملَّى سناها السهلُ والأكمُ | ||
وَقَفْتُ أنْسِجُ في المحرابِ قافيتي | ||
حتى حسبتُ حروفي ملَّها القلمُ | ||
فما وَجَدْتُ سوى الآمالِ أدركها | ||
لعلَّ منها جراحَ القلبِ تلتئمُ | ||
يبكي الهزارُ على ماضٍ ويندبهُ | ||
تَرْجيعُ قلبٍ به النيرانُ تحتدمُ | ||
فالشعرُ يُضْفي على الإبداعِ حُلَّتَهُ | ||
وتأسرُ الحرفَ في إبداعها الكَلِمُ | ||
إذا ذُكِرْتَ "أبا تمام" أنت لنا | ||
رَمْزٌ تَجَلَّتْ به الأخلاقُ والقيمُ | ||
فَنَمْ هنيئاً بقبرٍ أنتَ سدرته | ||
يفنى الرجال ويبقى الذكر والكرمُ |